بقلم احمد غزالة
أصدقائي القراء ، أتناول معكم في هذا المقال محاولة لتوضيح الأهمية الاقتصادية والاجتماعية لقانون البناء الجديد رقم17لسنة 2019 ، والذي تم نشره بالجريدة الرسمية في يوليو الماضي ، والذي يُعد أحد المكتسبات التشريعية للدولة المصرية الحديثة ، والذي استهدف القضاء على مخالفات البناء، والتي كانت وبكل أسف منهجاً للكثير من المقاولين والمطورين العقاريين وبخاصةً في بناء الأبراج السكنية داخل المدن الكبرى وعواصم المحافظات ،طمعاً في المزيد من المكاسب المادية التي تتجاوز حقوقهم المشروعة ، والتي كانت تأتِ على حساب المجتمع وأفراده ، غير مكـترثـين بما تسببه هذه المخالفات البنائية من تدمير للبنية التحتية للدولة فضلاً عن انتقاصها في كثير من الأحيان جزء من حقوق أفراد المجتمع الذين تملكوا تلك الوحدات داخل البنايات المخالفة ،ومن هنا سنبرز لكم أهمية هذا القانون على هذا النحو :
أولاً : قانون البناء الجديد وحمايته للبنية التحتية للدولة
لقد تعودنا قبل صدورهذا القانون المتميز من معظم المقاولين والمطورين العقاريين في بنائهم للأبراج السكنية على كثير من المخالفات ومن أبرزها تجاوز عدد الأدوار التي يسمح بها الترخيص طمعاً في المزيد من المكاسب ، مسببين أضراراً للبنية التحتية ومرافق الدولة من مياه وغاز وكهرباء وصرف صحي حيث يراعى عند إصدار الترخيص مدى قدرة هذه المرافق على تغذية عدد معين من الوحدات السكنية ، فعند زيادة الوحدات السكنية عن المسموح به في الترخيص يكون ذلك عبئاً على تلك المرافق ، وعند تعميم الظاهرة يؤدي ذلك لتدمير البنية التحتية ، فجاء قانون البناء ليحمي بنية الدولة من التهتك ، بل وجاء مغرماً أيضاً لهؤلاء المخالفين عند التصالح على هذه المخالفات ، وهذه الغرامات والتي قد تزعجهم إلا أنها توجه لإصلاح ما اقترفته أيديهم من تدمير للبنية التحتية . .
ثانياً : قانون البناء الجديد وحمايته لحقوق المجتمع
إنه بمنع قانون البناء الجديد لملاك الأبراج السكنية من تجاوز الأدوار المرخصة ، يعد ذلك حماية لحقوق أفراد المجتمع الذين قاموا بشراء تلك الوحدات السكنية ، لأنه فضلاً عما تسببه تلك المخالفات من ضرر للبنية التحتية ، فإنها تأتِ على حساب المشتريين للوحدات السكنية داخل هذه الأبراج المخالفة ، لأنه وفقاً للقانون يجب أن تكون مساحة أرض البرج السكني موزعة بالكامل على كل الوحدات السكنية داخل الترخيص ، وبالتالي مع كل دور مخالف يشارك المشتري الجديد للدور المخالف السكان في أرض البرج السكني ، فتأتِ نسبة مشتري الدور المخالف في الأرض بالإنتقاص من حق سكان الوحدات المرخصة في الأرض والتي سددوها بالكامل لمالك البرج السكني ، وبالتالي مع كل دور مخالف تنقص مساحة الأفراد في الأرض أكثر ، ويكون المستفيد الوحيد ذلك المقاول المخالف ، فيأتِ هذا القانون حامياً لحقوق المجتمع وسيفاً بتاراً على رقاب هؤلاء المخالفين الذين سيطر عليهم الجشع والطمع .
ثالثاً : قانون البناء الجديد ومساهمته في حل أزمة المرور
لقد جاء القانون الجديد مقدما أحد الحلول لأزمة تكدس السيارات على جانبى الطريق أمام الأبراج السكنية مما يعيق معه حركة الأفراد والسيارات ، فجاء ملزماً لكل بناية سكنية جديدة بترخيص البدروم جراج لسكان العقار ولا يسمح باستخدامه في غير هذا الغرض ، كما أن المشرع الفطن والذي سمح بالتصالح على المخالفات السابقة لصدور القانون حتى عام 2007 لم يفوته هذا الأمر وانتبه إليه جيدا عندما منع التصالح على البدرومات التي تستخدم في غير النشاط المرخص لكل العقارات المخالفة قبل صدور هذا القانون ، ومن ثم فإن جميع ملاك الأبراج السكنية سواء كانوا أفراد أو شركات أو مقاولين حتى لو قاموا بالتصالح على مخالفاتهم السابقة للقانون إلا أنهم ملتزمون بضرورة تجهيز البدرومات كجراج لسكان العقار ( جبراَ لا اختياراَ ) بقوة القانون ، بل وعلى مالك العقار الالتزام بتهيئة البدروم كجراج من حيث المنزل المخصص للسيارات ، إن لم يكن مهيئاً لذلك ، وإخلائه من أي نشاط تجاري في حال استخدامه لغير الغرض المرخص به .
رابعاً : قانون البناء الجديد وحمايته للرقعة الزراعية
لقد شهدنا في فترة ما قبل قانون البناء الجديد تجريفاً للأراضي الزراعية طمعاً من ملاكها في بيعها كأرض للبناء بشكل غير قانوني بأسعار مبالغ فيها ، غير مكترثين بما يسببه ذلك التجريف من التأثير السلبي على الإنتاج الزراعي ونقص المحاصيل ، مما يؤدي لمزيد من الاستيراد للمحاصيل الزراعية ، ونقص عملية التصدير ، مما يسبب عجزاً في الميزان التجاري للدولة وأضراراً جسيمة للاقتصاد الزراعي إلا أنه بكل أسف هؤلاء المخالفين لا تعنيهم سوى مصالحهم الشخصية وتحقيق أعلى مكاسب بأي وسيلة ، وكأن هذا الوطن غريب عنهم وهم غرباء عنه ، إلى أن جاء هذا القانون المتميز حامياً للرقعة الزراعية من التآكل وحامياً للاقتصاد الزراعي ، رافعاً سيفه البتار على رقاب المخالفين .
– وختاماً ولأن المقام لا يتسع لمزيد من التفصيلات حول هذه القضية ، فإنني أتقدم بخالص الشكر للدولة المصرية بمؤسساتها التشريعية والـتـنـفيـذية على هذا الإنجاز التشريعي ، وأطالب بالمزيد من الحزم والشدة في تطبيق هذا القانون ومناهضة المخالفين بكل قوة ، حتى يتحقق الانضباط للسوق العقاري في بلادنا ، فمصر أمانة في أيدينا جميعاً ، وتحيا مصر ، ومصر تحيا إن شاء الله بسواعد أبنائها الشرفاء ، وإلى اللقاء مع القارىء الكريم في كتابات لاحقة إن شاء الله