بقلم أحمد غزاله
أصدقائي القراء ، لا شك أن مصر تمر هذه الفترة بحالة من التضخم يستشعرها كافة أفراد المجتمع بكل مستوياته ، وامتد هذا التضخم في الأسعار ليشمل السلع الضرورية اللازمة لإشباع حاجات الأفراد داخل المجتمع المصري ، وبمحاولة لقراءة المشهد الاقتصادي وتحديد نوعية التضخم التي تمر بها مصر هذه الأيام ، فنجد أننا نواجه نوع من التضخم يُعرف باسم التضخم المستورد ، ولتوضيح هذا النوع من التضخم نجد أنه ينشأ بكثرة في الدول النامية ، حيث أنها بكل أسف تعتمد بشكل رئيسي في إشباعها لحاجات أفراد مجتمعها من السلع الهامة والإستراتيجية على عمليات الإستيراد ، ولا يتوقف الأمر على استيرادها للسلع النهائية فقط ، فنجد أيضاً عمليات الاستيراد تمتد لتشمل مستلزمات الإنتاج التي تساهم في العملية الإنتاجية المحلية ، ومن هنا يكون هناك تبعية اقتصادية من الدول النامية التي تعتمد بشكل رئيسي على الاستيراد لتلك الدول المصنعة والمنتجة التي تقوم بعمليات التصدير ، فعند ارتفاع الأسعار في هذه الدول المصدرة ينعكس تلقائياً على الدول المستوردة ، وهذا ما نعيش أجواءه الآن من ارتفاع في الأسعار أصبح يستشعر آثاره كل فئات المجتمع ، سواء كانوا مستهلكين أو مستثمرين ، ويتأثر هذا النوع من التضخم أيضاً بسعر العملة حيث ترتبط ارتباطاً وثيقاً بعمليات الاستيراد ، فعند انخفاض سعر العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية يؤدي ذلك إلى زيادة تكلفة الاستيراد ، وانعكاس ذلك بالتبعية على أسعار السلع والخدمات النهائية المستوردة أو على السلع المصنعة محلياً ولكن اعتمدت على مستلزمات الإنتاج المستوردة ، وأعتقد أن البنك المركزي عندما قام برفع أسعار الفائدة في الشهر الماضي كان يحاول التصدي لكبح جماح التضخم ، وبرغم تأييـدي لقرار المركزي الذي أرى أنه كان قراراً هاماً وضرورياً في ذلك التوقيت إلا أنني أجده غير كاف في مناهضة التضخم ، حيث لا يمكن الاعتماد على قرارات السياسة النقدية وحدها وخاصة مع التضخم المستورد ، ولكن يجب أن نجتهد في البحث عن علاج يتناسب مع تشخيص الحالة التضخمية التي نمر بها هذه الأيام ، وهو تقليل الإعتماد على الاستيراد والتوجه نحو إنتاج سلعنا الضرورية والرئيسية ومحاولة إنتاجها محلياً ، وكذلك تقليل الإعتماد على مستلزمات الإنتاج الخارجية ، حتى نستطيع التحرر من التبعية الاقتصادية للخارج ، وهذا ما أتمناه لوطني الغالي مصر حفظه الله وحفظ شعبه الكريم ، ويسر له سبل الخير ، وإلى اللقاء مع القارىء الكريم في كتابات لاحقة إن شاء الله .
التعليقات مغلقة.