أحمد غزالة يكتب الــبـــخــــيــــــل … وأنــــــــا

بقلم أحمد غزالة

أصدقائي القراء ، أعتقد أنه من عنوان المقال تذكرتم معي جميعاً الفنان الكبير الراحل فريد شوقي ومسلسله الذي قدمه لنا في تسعينات القرن الماضي ، والذي تابعنا جميعاً فيه شخصية (عم عوض) ، وحقيقةً عندما كنا نشاهد ذلك المسلسل الممتع في طفولتنا ، فكنا نتعجب ونضحك مع شخصية (عم عوض) لسلوكياته العجيبة في التعامل مع المال والحب المرضي له ، وكنا نتصور وقـتها أن الفنان القدير فريد شوقي كان يقدم لنا شخصية خيالية ، فكنا أطفال ولم نرى في حياتنا أبداً مثل هذه الشخصية من قبل ؛ فـقـد تربينا على الكرم والجود الذي لمسناه في كل تفاصيل حياتـنا ، ولكن بكل أسف عندما مرت علينا سنوات العمر وأصبحنا في مرحلة الشباب وتعاملنا مع الحياة واندمجنا مع المجتمع ، وأصبحت دائرة علاقاتنا متسعة ، اكتشفنا الحقيقة ، وهو أن الفنان الراحل فريد شوقي كان يجسد لنا واقعاً بعد أن اكتشفنا أن (عم عوض) لم يكن شخصية خيالية بل شخصية موجودة في حياة الناس جميعاً ، فلا يكاد يخلو منها مجتمع فلا توجد أسرة إلا وبها (عم عوض)، ولا يوجد أصدقاء إلا وبينهم (عم عوض) ، ولا يوجد جهة عمل إلا وبها (عم عوض ) ، ولا معارف إلا وفيهم ( عم عوض ) ولا جيران إلا وأحدهم (عم عوض) ،وأعتقد أن هذه الشخصية متنوعة في تشخيص حالتها ، فـبمحاولة لقراءة شخصية (عم عوض )، أحياناً يكون صاحب الشخصية مريض بحب الأموال ولا يستطيع التخلص من هذا المرض وهنا نجدها شخصية تستحق منا الشفقة أكثرمن الانـتـقـاد، وأحياناً تكون شخصية ضعيفة الإيمان لأنها ارتبطت بالأموال ارتباطاً قلبي على عكس ما توجه به شريعتنا الإسلامية الغراء وهنا تكون هذه الشخصية في احتياج كبير لمراجعة حساباتها مع الله عز وجل ، وقد تكون هذه الشخصية عانت فقراً وحرماناً في طفولتها لضيق ذات اليد فتأثرت بذلك في الكبر فأصبحت شخصية غير سوية فى تعاملها مع الأموال ، وقد تكون شخصية اكتسبت البخل بالوراثة فقد تكون عانت من اقـتار وحرمان في طفولتها مع غنى الأب والأم ولكن تعاملوا مع أبنائهم بالبخل فأصبح الأبناء بخلاء بالوراثة ، ويطبقون على المجتمع ما طبقه آبائهم عليهم ، فـحـقـيـقـةً هي شخصية تستحق الدراسة من علماء النفس والاجتماع والاقتصاد والشريعة ؛ لمحاولة تقويم سلوك تلك الشخصية الغير سوية ، والأمر الغريب والملفت للانتباه من واقع التجارب الحياتـيـة الكثيرة نجد أن هذه الشخصية تكون منتشرة أكثر بين فئة الأغنياء وأحياناً من أصحاب الثروات الطائلة لدرجة أصبح يُعـتـقـد معها أن البخل مرتبط بكثرة الأموال فكلما ازدادت أموال البخيل كلما أصبح أكثر بُخلاً وإقتاراً ورغبةً في جمع أموال أكثر ودفع أموال أقـل ، فعم عوض يسعده كثيراً الأخذ ويؤلمه كثيراً العطاء ،( وقالت العرب قديماً عن عطاء البخيل : من أردا عطيةً من بخيل فلن تكون عطيته إلا بيضة الديك ) ، وقال الشاعر : نزلت ضيفاً على بخيل فما بات يسقينا سوى الماء وحده ، فهذا جزاء من بات ضيف البخيل ، فرحم الله الفنان القدير فريد شوقي فقد جسد لنا في هذا العمل الرائع شخصية حقيقية في المجتمع ، وسامح الله (عم عوض) في كل زمان ومكان وإلى اللقاء مع القارىء الكريم في كتابات لاحقة إن شاء الله