بقلم احمدمحمودسلام
وقت أن راجت شائعات وفاته كنت رئيسا لقسم الرأي في إصدار صحفي لم يكتب له الإستمرار وذاك من باب الهواية الذي خطه القدر لي كي أظل أتنفس عبق أمانة الكلمة دون خذلان لمن يقرأ ما اكتبه وقد شاءت الأقدار أن يلقي ربه يوم 17 فبراير 2016 بينما أجلس في ديسك الأخبار لأكتب عن المشهد الأخير من حياة الأستاذ محمد حسنين هيكل حيث صعدت روحه إلي بارئها ليتكشف أنه قد خط وصية حددت مراسم الرحيل إلي دار العودة ذلك التعبير العبقري للجورنالجي الأشهر في تاريخ الصحافة المصرية لأكثر من سبعين عاما.
… أوصي بأن يتم وضع تسجيل بصوت الشيخ محمد رفعت مع جثمانه عندما يلقي ربه قبل أن يتم تشييع الجنازة التي أوصي أن تكون من مسجد الحسين. وهي الجنازة التي روعي فيها جلال الموت فلم يجرؤ أحد علي تصوير الجثمان والدخول للمسجد وقت وجوده إلي أن يغادر الى دار العودة.
….محمد حسنين هيكل بصراحة مشهد سطره بنفسه وثق تجربة ثرية.
. … اقترن اسمه بجريدة الأهرام في أوج تألقها المهني إبان رئاسته للتحرير منذ عام 1957 وحتي أبعاده عنها بقرار من الرئيس السادات أول فبراير سنة 1974 وقد كان المبتغي وضع نهاية للصحفي القريب من السلطة الذي استعصي ترويضه ساداتيا بعد رحيل صديق العمر الرئيس جمال عبد الناصر وقد ظل محمد حسنين هيكل لصيقا به حتي النهاية وامتد الأمر إلي خليفته دعما للشرعية بعد ماجري فيما يعرف بثورة 15 مايو سنة 1971 حسب تعبير السادات !
…محمد حسنين هيكل الجورنالجي حسب الوصف المحبب إليه عاش عمرا مديدا وكان شاهدا علي كل العصور منذ عهد الملك فاروق حتي عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي وقد ظل متوجها حتي النهاية وكان خروجه المهين من الأهرام وصراعه مع الرئيس السادات محفزا لمرحلة كتابة الكتب وتخطي الحدود للكتابة خارج مصر بعد أن ضيق عليه .
….بحسب له أنه ظل وفيا لتجربة الرئيس جمال عبد الناصر ولم ينقلب عليه بحكم المألوف في عالم الصحافة .
… فترة تواجده في جريدة الأهرام تؤرخ للعصر الذهبي لديوان الحياة المعاصرة وفي عهده تم إنشاء مبني الأهرام الشهير في شارع الجلاء بالقاهرة وفتح الأبواب أمام قمم العصر ليكونوا كتابا في الأهرام وخصص لهم الدور السادس الشهير وكانوا وقتها أيقونات الأهرام والقائمة تتسع لتشمل توفيق الحكيم ونجيب محفوظ و لويس عوض وصلاح طاهر والدكتور زكي نجيب محمود الدكتور يوسف إدريس وإحسان عبد القدوس وعبد الرحمن الشرقاوي وغيرهم. .
….كان مقاله الأشهر بصراحة موضع إقبال من قراء الأهرام حتي أن الإذاعة المصرية كانت تتولي اذاعته بصوت أحد المذيعين يوم الجمعة أسبوعيا .
….أخطأ الأستاذ هيكل عندما كتب مؤلفه المثير للجدل خريف الغضب عام 1982وقد تعرض فيه لأصول الرئيس السادات لأمه والتي تمتد إلي السودان وقتها تم منع الكتاب من التوزيع بمصر تزامنا مع استياء الرأي العام .حيث لم يغفر للرئيس السادات ابعاده عن الأهرام و لاحقا اعتقاله في 5سبنمبر 1981.
….أخطأ الأستاذ هيكل عندما تجاهل حقيقة مفادها أن عليه الصمت وقد أثار عواصف كثيرة سيما بعد رحيل الرئيس مبارك عن الحكم وقتها كان يطل علي الجمهور من خلال الفضائيات بعد أن أعلن عن الاستئذان في الانصراف ولكنه لم ينصرف .!
…رحل الأستاذ هيكل في 17 فبراير 2016 عن 93 عاماً آخر أساطير الصحافة المصرية التي نالها مانالها جراء قبضة محكمة من الدولة علي الإعلام قاطبة .
…. ترك الأستاذ هيكل مؤلفات وثقت تجربته حتي النهاية ولايمكن بأي حال من الأحوال إنكار أنه كان مهنياً حتي النهاية وقد ترك الأهرام إلي حيث التوهج من خلال كاريزما لاصقته لبكتب دون توقف إلي أن لقي ربه.
….يظل مقعد محمد حسنين هيكل شاغرا في مقعد رئيس التحرير الأثير إلي قلب رئيس الجمهورية المحصلة مكان في قلب جمال عبدالناصر لصديق عاش معه التجربة حتي النهاية.
…في ذكراه السابعة محمد حسنين هيكل بصراحة دوام الحضور قرين حسرة علي غياب موحش لمن يمكن أن تحرص على أن تقرأ له في زمن صحافة المانشيت الموحد التي تمرر أطلالة لدهاة ولجوا طريق الكتابة بعيدا عن توابع الخوض فيما لايضع نهاية قاتمة لمن يجرؤ أن يكتب بصراحة .!
…. الكاتب الصحفي في بلادي كثرة في العدد .. الأثر فيما ندر. !
…. ذاك قدر مصر التي تقرأ دوما مابين السطور .نصيحة الأستاذ هيكل الخالدة يوم أن سألته عن تاريخ مصر الذي تسطره الأهواء قبل أكثر من ثلاثين عاما على هامش لقاء فكري في معرض القاهرة الدولي للكتاب.
#أحمد__محمود__سلام
التعليقات مغلقة.