بقلم احمدمحمودسلام
يقينا كانت أجمل الأيام وقد إمتد بي العمر إلي مرحلة علي الدنيا السلام لأكمل حياتي بملكاتي الشخصية التي تجعلني أقتدر علي قراءة مابين السطور دون جهد من منطلق أن العبث يجد رواجاً والمشاهد جلية وبالتالي النهايات متوقعة طالما التواتر قائما على وتيرة مات الملك عاش الملك من خلال الكيانات التي يلي أمرها رجال كل العصور وقد إتسعت الساحة لتشمل الفضائيات مع المؤسسات الصحفية الحكومية ثمرة التأميم التي جعلت المانشيتات موحدة والتوجيهات نافذة سمعا وطاعة لأجل مقعد وثير مسماه رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير .
قد تكون المقدمة طويلة ولكنها الأيام القاحلة التي تحتم ديمومة زفرات الألم جراء خيانة أمانة الكلمة والمحصلة سراب مقيم جعل العزوف قومياً عن قراءة الصحف ومشاهدة فضائيات أريد لها أن تكون مكملة للسراب.
قبل نحو أربعين عاما وفي مراحل التعليم الاعدادي والثانوي كنت مولعا بنشاط تلك المرحلة الرائعة ألا وهو الإذاعة المدرسية والصحافة وكان الأمر يتطلب أن أكتب نشرة الأخبار ثم قراءتها في طابور الصباح لنحو سبع سنوات بدأت من الصف السادس الابتدائي وحتي الصف الثالث الثانوي ومع الأيام وجدتني وانا طالب المرحلة الثانوية أخجل من كتابة نشرة أخبار عن نشاط رئيس الجمهورية وأخبار الأهلي والزمالك في ظل أن الصحف القومية لها توجه إجباري مسماه السياسة التحريرية وكان خيار طالب مدرسة أسطنها الثانوية هو الإذاعة البريطانية .
في عام 1986 بينما أستمع إلي نشرة السادسة صباحاً بتوقيت مصر الرابعة بتوقيت جرينتش علمت بأن طائرة مصرية تقل فلسطينيين أتهموا بخطف سفينة إيطالية مسماها أكيلي لاورو وأثناء الاختطاف توفي راكب ذو جذور يهودية قد إعترضتها المقاتلات الحربية الأمريكية في أجواء البحر الأبيض المتوسط وهي في طريقها من مصر لتونس تقل المختطفين لتسليمهم إلي منظمة التحرير الفلسطينية وقت إقامة ياسر عرفات في تونس وتم إجبار الطائرة المصرية علي الهبوط في قاعدة عسكرية أمريكية في ايطاليا مسماها قاعدة سيجونيلا.
كتبت كل هذا في نشرة الأخبار لإذاعة مدرسة إسطنها الثانوية فإذا بعاصفة مدوية من وكيل المدرسة غضبا من نشرة الأخبار المدرسية.!
وقتها كان وكيل المدرسة يدعي الاستاذ طه وكان صارما في تعاملاته وقد سألني عن مصدر الخبر وكان الرد إذاعة لندن.!
صدرت توجيهات للمشرف علي الإذاعة المدرسية وقتها وهو المرحوم الأستاذ فرج أبو عزيز بالرقابة الصارمة علي نشرة الأخبار ومن البوم التالي كان نشاط الرئيس مبارك الخبر الأول ثم نشاط الحكومة واخبار الرياضة.
إتضحت الرؤية أمام طالب إسطنها الثانوية ليكمل حياته محاصرا بما يراد لا بما يريد .!
حديثي هنا عن وجع قومي هو الإعلام الشمولي الذي يدار من خلال آليات موحدة والمحصلة أن مرحلة إذاعة لندن وإذاعة مونت كارلو بل وإذاعة إسرائيل باللغة العربية التي عايشتها في فجر العمر لم تتوقف ومع تداول الأيام كانت مرحلة قناة الجزيرة وقنوات الأخبار الأوروبية لمعرفة مايجري بمصر.
الإعلام الشمولي دمر الاتحاد السوفييتي ذات يوم ولم يزل في الصين وكوريا الشمالية والشرق الأوسط .!
في عصر السماوات المفتوحة صار من السهل ومن خلال مواقع التواصل الإجتماعي ومواقع الصحف العالمية معرفة مالا يمكن البوح به في إعلام الدولة .!
لو تم الحساب بمعايير التوزيع لأغلقت كل الصحف القومية لأن المرتجع يكشف العوار .!
الدولة تدعم المؤسسات الصحفية وتختار القائمين عليها لتنفيذ السياسة التحريرية .
بعد نحو أربعين عاماً من مرحلة الإذاعة المدرسية لطالب في مقتبل العمر يستمر نهج فجر العمر .!
إذا أردت أن تعلم مايحدث بمصر إقرأ صحافة لبنان ومواقع أوروبية بالتزامن مع متابعة فضائيات غير مصرية قرين توافر ملكة قراءة مابين السطور لأن تلك النوافذ لها أيديولوجيات تستلزم الفطنة .!
في ظل كل هذا تتداول أنباء عن فضائية إخبارية جديدة تتبع شركة سيادية يتم الترويج لها في صحافة مصر القومية في ظل موات مقيم لأثر مبني ماسبيرو .!
يقضي طالب مدرسة إسطنها الثانوية ماتبقي من العمر وحتي آخر العمر يقرأ مابين السطور يبحث عن سراب مقيم مسماه أمانة الكلمة .
هنا القاهرة .
هنا لندن.
راديو مونت كارلو
صوت إسرائيل من أورشليم القدس .
الحياة اللندنية.
السفير اللبنانية.
الشرق الأوسط اللندنية.
كم تمنيت ألا أكون شغوفا بالمعرفة .؟!
كم تمنيت أن يعود بي الزمان إلي أيام الإذاعة المدرسية في مدرسة إسطنها الثانوية.!
كان عهد جميل.!
#أحمد_محمود_سلام
التعليقات مغلقة.