مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

نجم أزرق !

2

بقلم – رحو شرقي

قد يهمك ايضاً:

الفنان غيث الهايم .. يهيم عشقاً في ” روما “

تاريخ فن الديكوباچ ضمن لقاءات متنوعة بثقافة الإسماعيلية

عاد مسرعا في غير العادة ، وأغلق باب غرفته ؛ ظلت الأم في حيرة من أمره …
غادر اليابس ولم تسعه المساحات ، ينزوي بوحشية ، لا يسمع إلا بتقزز ، أي حركة داخل البيت تزعجه ؛ يعيش بين جدران من صفائح مانعة …
في ذلك اليوم لم يتناول وجبة غذائه نسي حتى دخول الحمام ! ..
أخبرت زوجها بما حصل .
أتكأ على يده المغلولة إلى عنقه ، وتمتم بلطف دون تعصب ..
– انه الشباب .
تساءلت الأم من تصرف زوجها !ً..
– لقد كان يتعصب لأ تفه الاسباب.
– ليس من عادته هذا الإستسلام .
ثم بادرت بالسؤال :
– وهل نتركه يضيع من بين أيدينا ؟
– لا ليس كذلك… سنتدبر أمره عاجلا ..
بعدها مد يده يبحث عن هاتفه .
لم أكن ادري سبب هذه المكالمة وفي غير الموعد ، سمعته يتلفظ إسم الطبيب النفساني الذي يقيم بالشارع الرئيسي من مدينتا ليضرب موعدا معه في الصباح ..
ثم ألتفت إليّ …
– المهم لا تقلقي لأن حيرتك المفرطة ستزيده عنادا …
لقد كان واثق من نفسه هذه المرة ، أو أدرك أن الخبز من ذاك العجين والشيء الوحيد الذي يبعث على الأمل مازال الإبن صغيرا ..
أستلقى على الكنبة لبعض الوقت محلقا بنظراته الشاخصة التي تكشف حالته … فلو ترامت همومنا على مكان لدكته دكا !. ومن رحمته لكل منا شأن يغنيه .
– استعجلت في نفسي الغد كالمسرع لطي للأميال ، هاهي الفلذات ترمي حملها مع الزمن ؛ إلا أن إيماني بالخير ظل يقطع مخالب الشر ويحبس أنفاسها ويملأ أفواه الطمع من أبنائنا …
أستيقظت الأم باكرا وفتحت نوافذ البيت وعدلت ستائرها ، بنظرتها السابحة المهمومة …
وشيعت زوجها رفقة إبنها إلى مخرج البيت وعيناها لا تزال تراقبهما على مضض …
دخل الأب عند الطبيب في موعده المحدد وألقى التحية بتبادل أطراف الحديث .
دعى الطبيب الإبن وبدأ التشخيص .
بعدها خرجا من تلك الغرفة والأب ينتظر بشارة الطبيب ، يتمنى الشفاء كطير الأقفاص الذي يترقب الحرية .
أستلقى الطبيب على كرسي مكتبه والعرق على جبينه قائلا : ياسيدي الأعراض نفسها التي يعاني منها ابني الصغير ، وعشرات من مثل هذه الحالات مستفحلة وتزورني في كل يوم …
قام الأب والحيرة تنخره ، مغادرا المكان وكأن الأرض لا تسع حمله ..
في طريقهما إلى البيت ألتقيا بعجوز تريد تجاوز ممر الراجلين ، فساعدها على ذلك ..
مسكت على يده اليمنى بالدعاء ثم همست إليه ..
– ابنك يتألم كما كان ابنائي ، لقد أختاروا لكل جيل لونه ؟ .
من الأخضر إلى الأزرق !
فإذا امتزجت الالوان عم البلاء وانتشر الداء !.
استدمار جديد في ثوب التحضر ، ومن باعك شيئا دون ثمن أخذ منك النفيس .
إبنك نجم من ورق ؛ أكسر فضاءهم الأزرق سيعود إلى الحياة (فايس) .

 

اترك رد