مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

محمد حسن حمادة يكتب: طنان وطني الأصغر

8

قريتي طنان التي أصبح الحزن هو وليمتها المفضلة تشبه علبة سجائر الكيلوباترا تحرق الرئة والأنفاس لاتنطفئ حرائقها وبضاعة الكلام فيها أصبحت صناعة وبضاعة رائجة كنار الله الموقدة ومهما حاولت بكلماتي إخماد لهيبها تزداد اشتعالا، بالتأكيد صرتِ محور إلهامي، فقبلكِ لم أكتب شيئا يستحق وبعد الكتابة عنكِ صار لقلمي وزن آخر وها أنا ذا أكتب عنكِ من جديد، وكلما كتبت عنكِ مقالا ازداد شغفي، لم أحلم قط بأنني ذات يوم سأذهب وأشتري من بائع الجرائد صحيفة فيها مقالا أو كتابا عنكِ من تأليفي فهل بذلك أخلد اسمكِ؟

لاياسيدتي فالواقع أنكِ الخلود ذاته أنا فقط أحاول الالتصاق باسمك حتي تمنحيني الخلود الأبدي فلا تهجريني؟

لم أختركِ فهل اخترتِني؟

هل تقبلين أن تكون روايتكِ هي روايتي العقد شريعة المتعاقدين فهلا نعقد سويا معاهدة صلح علي ورق البردي؟

مازال لديكِ ولدي أحلام وأحلام نريد تحقيقها معا تشبه بساط الريح أحاول تصويرها لكِ، لاأدري من أين جئت بهذه الأحلام التي تشبهكِ وتشبهني لكن المؤكد أن قدرنا واحد ودليلي علي ذلك تشابه الأحزان والمآسى.

قد يهمك ايضاً:

أنور ابو الخير يكتب: أحلام ضائعة

بدون سابق إنذار تحولتِ لصفحات علي الفيس بوك هجرتِ المداد الأسود الذي يشبه (نني) العين الذي يبعث فيها النور والضوء وصار العالم الافتراضي والشبكة العنكبوتية ملاذكِ الأول الذي تتخفين فيه من واقع ترفضينه وغير راضية عنه وأمسى الخط الإليكتروني هو خطكِ المفضل وأضحي الجميع يبحثون عنكِ في بوست أو منشور أو تعليق علي الفيسوك أو تغريدة علي تويتر أما أنا فأحملكِ في سويداء قلبي أينما حللت ونزلت وقلمي هو راويكِ الأول الذي يضمد جراحكِ ولكنكِ دائما لم تكلّي من محاولة استبدال القلم بسكين، لم أعثر علي قرية تشبهكِ لكنني موقن أنني أشبهكِ ولمً لا فأنا وليدكِ أسكن فيكِ وتسكنين فيً مازلتِ تخترقينني عبر مئذنة الجامع الكبير والصوت العذب لشيخنا المرحوم فضيلة الشيخ عبد الوهاب الشعراوي يخلب الآفاق لينير دروب شوارعكِ وحاراتكِ الضيقة، ومازال صوت البائعة الجائلين الذين يلتفون حول هذا المسجد العتيق النوراني الروحاني يهزون كياني بأصواتهم المرتفعة لم تكن أبدا تزعجني بل كانت تثير حماستي وبهجتي وتزلزل كياني وعندما أهرول لشارع القصبة مسقط رأسي هذا الشارع الذي مازال هاجسي الأول يكسر كل الحواجز والأغلال ويراودني في أحلامي ويدخلني دون استئذان مع أنه لم يفارقني لحظة ولم أخرج منه إلي الآن فهو وطني الأول الذي علمني كل شئ لذلك فأنا مدين له بكل شئ، أقف أمام محطة الذكريات وتحديدا أمام بيتنا القديم لأستيقظ علي صوت عم فتحي( بائع الجيلاتي) وصوت الضجيج والأغاني الشعبية التي كانت تخرج من كاسيت قديم تشبه عربته التي كنا نميزها ونحفظ تفاصيلها عن ظهر قلب وفرحتنا بها كفرحتنا بهلال العيد، هذه العربة التي كانت جديرة بجمع كل أطفال شارع القصبة حتي يتزودوا من جيلاتي عم فتحي فيتمايلون ويرقصون علي إيقاع أغانيه الشعبية الصاخبة ليسود جو يشبه لون المانجو، زمن طويل يفصلني عن هذا المشهد تطور ذوقي فيه بشكل جذري من هذه الأغاني الشعبية الهابطة إلي أغاني ثومة وحليم وعبد الوهاب وفيروز وفوزي، وفي نظرة حنين أراقب خطوات جدي رحمه الله وهو يتجه للوضوء ويستعد لصلاة الجمعة في المسجد الكبير وأنا أحاول التشبث بيديه حتي أحصل من خلاله علي تأشيرة دخول للجنة نعم كانت الصلاة في الجامع الكبير وخاصة صلاة الجمعة بالنسبة لي بمثابة عودة روحي لجسدي وعندما أصلي الجمعة في الجامع الكبير فكأني قد ولدت من جديد أو صليت بروضة من رياض الجنة، مازلت ألح بالسؤال علي جدي لماذا تُصر علي الصلاة في نفس المكان يمين المحراب وكيف لم تخطئ الصف الأول ولو لمرة واحدة لأكثر من نصف قرن؟

وكالعادة يتهرب من الإجابة بابتسامة بسيطة جميلة تشبه بساطته ووداعته ونظرته للحياة التي لم يعرها اهتماما ولم تشغل تفكيره لحظة، وأخيرا وبعد وفاته أدركت الإجابة وعرفت السر ومثله لن أبوح به.

كيف حالكِ ياطنان ألن تجيبيني لماذا تفضلين أثواب الحداد وتكرهين أثواب الفرح والسرور وكيف انطبع ذلك علي وجوهنا وكأنه ختم فرعوني منقوش أو وشم غائر لايمكن محوه أو إزالته حتي بالكي الأنكِ حزينة علي فراق الأحباب الذين كانوا همزة وصل بينكِ وبين السماء أكسروا مدادكِ أم حنوا ظهركِ؟

كيف حالكِ ياطنان هل وجدتِ ضالتكِ بين حنايا قلب آخر غير قلبي قالوا قديما كل الطرق تؤدي إلي روما باستطاعتي أن أدعي أن كل الطرق تؤدي إليكِ مهما حاولت الهرب منكِ تتربصين بي وتستوقفينني عند أشجار التوت (بسيدي الأربعين) فاكهتي المفضلة التي تشبهكِ فعندما ينبض قلبي باسمك تقفز علي الفور إلي ذاكرتي فاكهة التوت، أما زلتِ امرأة بطعم التوت؟

من الذي فض بكارتكِ الزمن أم المادة أم الحداثة أم المعارض والموبيليا، فكلما مررت علي واجهات معارضكِ أري أثاث جديد يبهر الناظرين ولكني مازلت أحن إلي أثاث بيتنا القديم المتواضع الذي أشم فيه رائحة جدي وجدتي رائحة الأصالة والعرق والكفاح والطيبة والنقاء فهو عندي أجمل من أثاث قصر فرساي.

في كل معاركي أشعر أنكِ تحاربين معي تعين طموحاتي تتفهمين رغباتي وتتعاطفين مع أحلامي حتي عندما أوشك علي السقوط تحنو عليً ولم تفكري أبدا في إطلاق الرصاص علي جبهتي فانتِ تعلمين أنني مع ضعفي من القلائل الذين يحملون وصيتكِ ويحفظون أسرارها عن ظهر قلب وقادر علي فك شفرتها وطلاسمها وأنني سأذهب بكِ بعيدا ولكن قبل ذلك أريد أن أعرف أين أقف في قائمة مريديكِ أفضل الطبعة الأولي فلا تحاولي إقناعي بأني صورة طبق الأصل فسأعتبر ذلك نوعا من أنواع التخدير والتضليل وعذرا ستكون روايتي عنكِ رواية كاذبة وهمية وأنا علي استعداد أن أتحمل أي شقاء وجفاء منكِ فى سبيل أن أكون الأول في عشقكِ.

اترك رد