مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

لوحة السَّام

0

بقلم – جمال بربرى:

قد يهمك ايضاً:

الكيلاني وشوشه يشهدان احتفالية “تحرير سيناء”…

” الفتيات الفاتنات ” قصة قصيرة

عاد من غربته حاملاً لوحة مُزْجاة ؛ يسكنها اللون الأسود الممزوج بالأحمر ، وطائر يرفرف بأجنحة منكسرة .. يبحث عن عشه المفقودة ..
طفلٌ أعمىً .. يصرخ منادياً على أبيه وأمه , وقبورٌ كثيرة , وأرضٌ خراب وضعها على تلٍّ من الرمال .. أطلق من يحمل البندقية رصاصةً .. ترنحت اللوحة , أخذت تتساقط مع حبات الرمل متناثرة .. ليخرجَ منها الطائر والطفل وتبقى القبور بساكنيها ، لم تحركْ ساكناً .. يهجمُ الذباب على الجثث المتعفنة , ويعانق الرسام المهاجر الطفل الأعمى , ويمسح دموعه الحارقة .
نصب لوحة جديدة على أرضه ؛ وبدأ يحدثها قائلا : تحلم الأرض البور في سأم خفيٍّ .. ببيوت عاليات تنسج اللغط .. قطع الزجاج اللاصقات بالوحل تنظر نحو رقع الحشائش المعذبة .
سَامَ الطَّائِرُ عَلَى الدَّارِ لم يجد مكانا يضع فيهِ بيضه , فالأماكن سادها الخراب ؛ سَامَتِ الرِّيحُ تنقل غبار الأحزان من درب إلى درب , ومن شارع إلى شارع .. يذوب صمت التعاسة غير مبالٍ بالوعد أو الوعيد .. الأمهات الثكالى يفترشن الأرض إلى جانب قبور أولادهن .
حزن ثقيل يخيم على أفئدة الأطفال , والرجال لا يملكون سوى البكاء والدعاء تتساقط على الأرض تلك الدموع اللاهثة .. تمتصها أشعة الشمس وتتبخر , وتتشكل على هيئة غيوم جاثمة .. تحجب بصيص السعادة والتفاؤل .
جثم الهمّ على صدره .. تتهاوى من بين يديه ألوان الأمل والحب .. يرحل مع الطائر حاملا حفنة من الثرى .. يتذكر أنه من هذا الوطن .. يترك اللوحة , وتحت ظلها ينام الطفل الأعمى , وبجواره ألوان

اترك رد