مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

قبلة اعتذار علي جبين ميت! قصة قصيرة

46

بقلم – محمد حسن حمادة:

فجأة وعلي حين غرة وبدون مقدمات وبدون سابق إنذار دخلت المرأة الحديدية شارع الحب وهي التي رفعت راية العصيان والمقاطعة لسنوات وسنوات ووضعت قلبها طواعية في بحيرة من الثلج فصارت البرودة عنوانها، لكن عندما التقته نجح في إذابة جبل جليدها وأسقط الجدار العازل حول جدار قلبها فظهر بريقه وطغي رحيقه وصار ربيعا تغشاه الزهور وتحلق حوله الفراشات، وبعدما كان قلبها في غرفة الإنعاش انتعش وعاد للحياة من جديد.

أما هو فأخيرا وجد ضالته المنشودة من كان يبحث عنها في خياله ويتمناها في أحلامه فمن أول نظرة رق قلبه لها وبعد أول لقاء صار ينبض بقوة وينطق باسمها وهو الفتي الجسور الذي لطالما تحكم بقلبه ولم يتأثر بأي هزة أرضية نسائية مهما كانت درجة قوتها، نجحت في غزو قلبه وهو مندهش كيف استسلم لها وسلمها مفاتيح قلبه بهذه السهولة ولمً هي دون غيرها؟

قد يهمك ايضاً:

أهيم بطيفك

كان يعرف الإجابة جيدا فمثله وصل لمرحلة من النضج يستطيع بها قراءة خريطة قلبه وقلبها، إنها المرأة ذات الصفات الملائكية التي لاتعرف الغش أو المواربة أو الخداع، مشاعر مجردة فطرية كأرض بكر لم تلوثها الكيماويات أو تخترقها المبيدات، وإن كانت امرأة تحتاج لترميم من الداخل وإعادة ضبط بوصلتها وعقارب ساعتها لتخرج من عالم الأحلام إلي زمن الواقع.

وفي لمح البصر تحقق هاجسه الذي كان يخشاه وصار الفراق عنوانا لقصة حب لم تكتمل سرعان مابدأت وبنفس السرعة خفتت وتلاشت، ومازال يبحث عن سرها المكنون ويلتمس لها الأعذار، ورغم ألمه وجراح قلبه كان سعيدا لأنه استطاع إخراج محبوبته من شرنقتها وأخذ بيدها حتي ولو خطوة واحدة لتتخطي حاجز المستحيل الوهمي الذي فرضته علي نفسها.

وبعد الفراق التقاها صدفة وتسمرت عيناه بعينيها وكأنهما يحتضنان بعضهما، كسر من الثانية في عمر الزمان لايساوي شيئا ولكنه في نظره بالدنيا ومافيها، أنعشت قلبه وأعادته للحياة مرة أخري بعدما دخل حجرة العناية المركزة وكان يظن أنه سيستقر بها حتي الوفاة، نظرتها حملت قلبه علي بساط الريح إلي عنان السماء، تذكر أيامهما الخوالي عندما كانا معا يستنشق أنفاسها، كل نفس كان يخرج من فمها خمر فرنسي معتق يسكر عقله ويخدر جسده ويلهب أعصابه، أما صوتها فكان أجمل وأرق من موسيقي بيتهوفن وموتزارت، أما كلماتها فكانت تتفوق علي كلمات وأشعار مجنون ليلي لليلاه العامرية.

ومع كل ذلك لم تخلو نظرتها من وداع بطعم العذاب مغموس بالجراح والألم بعدما صار الفراق مكتوبا علي جبهتيهما دون ذنب أو جريرة، نظرتها كانت تحمل في طياتها رسالة واضحة المعاني عبر أثير موجات الغرام التي انقطعت وانطفأت ومضاتها وكلاهما غير مسئول عن توقف إرسالها، كانت نظرتها كقبلة اعتذار علي جبين ميت!

اترك رد