مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

عطاء.. العطاء!!

0

عطاء العطاء

بقلم/ عبد الرحمن علي البنفلاح

العطاء في الإسلام لا يقف عند حد، فهو يتنامى حتى يعم جميع من هم في حاجة إليه. لهذا حين أراد الحق سبحانه وتعالى أن يضرب مثلاً على هذا التنامي في البركة، وفي العطاء، شبه الكلمة الطيبة،-وهي أدنى درجة في العطاء-شبهها بالشجرة الطيبة التي لا يقف عطاؤها عند حد، قال سبحانه وتعالى: ‭{‬ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء(24) تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون(25)‭}‬. إبراهيم.

وإذا كان هذا عطاء الكلمة الطيبة، وهذا أثرها في الإنسان وفي المجتمع، فما بالكم لو أتبع المسلم الكلمة الطيبة بالفعل الطيب، فإن أثرها وعطاؤها لن يقف عند حد، لذلك جاز لنا أن نصف ذلك العطاء بعطاء العطاء دون أن نخشى أن نتهم من المتنطعين بأننا نتعسف في فهم النصوص، وأننا نحملها فوق ما تحتمل لأن لنا في شواهد القرآن الكريم دلائل وبراهين تؤيد ما ذهبنا إليه، ألم يقل الحق سبحانه وتعالى عن الوسيلة المثلى في التعامل مع النعمة، وحسن استقبال المسلم لها،: ‭{‬وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد‭}‬ إبراهيم/7.

إذًا، فأبواب الزيادة ونوافذها مشرعة لا تغلق أبدًا، وبركة التحدث بالنعمة لا تقف عند حد، ألم تقرأوا قوله تعالى: ‭{‬مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم‭}‬ (البقرة/261).

قد يهمك ايضاً:

إصابة نجل الفنان الراحل فؤاد المهندس إثر حريق داخل شقة…

الأهلي يواجه سيمبا في الثامنة مساء اليوم بدار السلام

كل ذلك العطاء حق، وكل تلك الزيادة حق لأن الله تعالى من أسمائه الحسنى وصفاته العلا أنه واسع عليم، وجواد كريم، ولو أعطى جميع الخلق كل مسألته ما نقص من ملكه سبحانه شيء، فبيدك أيها المسلم الصالح أن تضاعف الأجر الذي يرزقك الله تعالى به حين تعطي وتخلص في العطاء لأنه سبحانه واسع عليم، لهذا فهو سبحانه يشبه الكلمة الطيبة في أثرها وثباتها بالشجرة الطيبة التي عطاؤها لا ينتهي لأن أصلها ثابت وفروعها في السماء وهي تواصل العطاء كل حين بإذن ربها سبحانه، وعطاؤها ليس مقصورًا على المؤمنين بالله فقط، بل هو يتعداهم إلى الناس كافة، يقول سبحانه: ‭{‬وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدًا آمنًا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلاً ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير‭}‬ (البقرة/126).

إذًا، ففي العطاء عطاء،..عطاء الزيادة والتثبيت، فمفاتيح الخير بيدك أيها المسلم تستطيع أن تفتح بها خزائن الله تعالى متى شئت، وبيدك أيضًا دوام هذا العطاء واستمراره.

أيها المسلم الصالح أنت في حضرة إله واسع عليم، وجواد كريم لا يمحو بفضله فقط السيئات، ويعفو عنها، بل هو في محاسبته لك يوم القيامة يتخير لك من الأعمال أوفاها كمالاً وحسنا ليثيبك عليها،. يختار من سيئاتك أشدها قبحا ليغفرها الله تعالى لك، وعطاؤه، وكرمه لا يقفان عند هذا، بل يتجاوزهما بأنه يبدل السيئات مهما عظمت إلى حسنات حتى أن العبد العاصي يتمنى ساعتها لو كانت أعماله كلها سيئات حتى ينال هذا التكريم والعطاء من إله كريم رحيم غفور جل جلاله، وتقدست اسماؤه وصفاته يقول سبحانه: «والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما(68) يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا(69) إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحًا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورًا رحيمًا(70)» الفرقان.

العطاء عظيم لا حدَّ له، والمطلوب قليل مهما عظم في نظر الإنسان وتقديراته، وإليكم عطاء جليل من الرب الجليل سبحانه، يقول سبحانه: ‭{‬..إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب‭}‬ (الزمر/10)، وبغير حساب تأتي مرة بمعنى بلا محاسبة، وتجيئ كذلك بلا حدود في العطاء وفي المغفرة، وحين نتدبر هذه الآية الجليلة العظيمة العطاء سوف نجد أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) بَيَن لنا المعنى الأول لعبارة «بغير حساب» على أنه لا ينصب للعبد ميزانًا ولا ينشر له ديوانًا، ومعلوم أن هذه أدوات المحاسبة يوم القيامة، وأما الدليل على المعنى الآخر للعبارة هو قول الرسول (صلى الله عليه وسلم): ويصب عليهم الأجر صبًا.

هذا هوالإسلام وهذا هو عطاؤه، بل وعطاء عطائه!!

اترك رد