مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

سيِّدنا

4

بقلم – صابر الجنزورى:

قد يهمك ايضاً:

الفنان غيث الهايم .. يهيم عشقاً في ” روما “

تاريخ فن الديكوباچ ضمن لقاءات متنوعة بثقافة الإسماعيلية

فى دنيا الله كثير من البشر لهم أحوال، لا أحد يعرفها، فبينهم وبين المحبوب أسرار، وإذا اطلعت عليهم أنكرت مايبدو منهم ولو كشفت عن قلوبهم سوف ترى الأنوار.
قال لى ذلك وصمت.
ظل ينظر إلي طويلا.
تدخل صاحبي المرافق لي في رحلتي بعد أن قالت عيناي إني لا أفهم شيئًا.
قال: يبدو أنه يعرفك قبل ذلك.
– لكني لم أره من قبل.
لم أكترث كثيرًا وفضَّلت المشاهدة.
رأيت تزاحم وتدافع البشر فى الطرقات والشوارع ، ضوضاء كثيرة لكنها غير مزعجة ، فكل من أتى إلى هنا جاء إليها.
فى حجرة الفندق الكبيرة كنا هناك..
أمسك دفًّا، بدأ ينشد بصوت رخيم
دنيا الله مليئة بالأنوار.. ادخل ..عاين ..ستعرف كثيرًا من الأسرار.
قلت فى نفسى ما جئت إلا لأعرف.
ردَّد وراءه الحضور من الرجال والنساء.
توقف عن الغناء.. أمسك منديلا.. جفف به عرقه، ثم ألقاه إلي وقال : خذه ولا تخف!
توجست خيفة، نظرت إلى صاحبي..
– قال: خذه، هذه بركة مولانا خصَّك بها!
مدَّ مولانا يده فى جيبه، أخرج منه تمرًا،أعطى كل واحد تمرة، ماعدا المرأة التي كانت بيننا ويناودنها بالشيخة
أعطاها تمرتين!
ضحك رجل قائلا: أخلفت القسمة يامولانا
صدرت منه ضحكة عالية.. نهره بلطف : لو عرفت ما سألت!
ربَّت على كتفيِّ صاحبي
قائلاً : هيا.. توزيع التمر نهاية الحضرة!
بينما أصافحه نظر طويلاً..
قال: حلمك الذي رأيته بالأمس ستقابله فى الطريق اليوم.
سحبت يدى من راحتيه، تسارعت نبضات قلبى، هرولت حتى وصلت إلى المصعد،
لذت بالكافيه بجانب الفندق، طلبت من النادل قهوة ونرجيلة لعلَّ نبض قلبي يهدأ.
بجانبي تجلس امرأة فى منتصف العمر، بيضاء، جميلة، فوق رأسها طرحة خضراء تداري شعرها عدا خصيلات شقراء تتدلى على جبهتها.
كانت تحتسي قهوتها مع نرجيلة مشابهة للتي معي.
أطالت النظر إلي، تبسمت،
سألت: هل هدأ قلبك ؟
ارتبكت، لم أدرِ ماذا أقول، هززت رأسي موافقًا كلامها .
عاودت احتساء القهوة، والتجاوب مع نرجيلتي، أستنشق الدخان المحمل برائحة التفاح .
أدركني صاحبي، ما أن رأها حتى تهلل وجهه متوجهًا إليها : ست الكل هنا! لو عرفت لجئت إليك..
– أخركم مولانا عني..
نهضت من مقعدها،
قالت: هيا حاسب لي ولك.. سوف أركب معك سيارتك.. طريقك طريقي!
– إسمع الكلام.. هيا معها، لا تخف شيئًا، معك ستنا وست الكل نفحة الطريق.. هكذا همس لي صاحبي.
وجدت عطر عود يفوح داخل السيارة،
لم يكن منها، ولم تنثره، لكن من أين ؟
قرأت أفكاري..
قالت: لا تندهش، ولا تسأل.
– رأيت بما فيه الكفاية هذه الليلة.
– مازال هناك شىء لم تعرفه.
– وهل هناك شيء أخر ؟
– ألم يخبرك مولانا؟
تردَّد صدى صوته بداخلي : حلمك ستقابله اليوم فى الطريق !
أردفت : أنا رسولة سيدنا الذى رأيته في حلمك ومعي رسالة منه إليك!
ساد الصمت بيننا حتى انتهى آذان الفجر الذي انطلق من مذياع السيارة.
– توقف هنا.
أخذت يمين الطريق، همت بالنزول.
سألتها : مالرسالة؟
قالت : سيدنا “يحيى” يرسل لك السلام!
تناولت المنديل لأجفف عرقًا انهمر، شممت رائحه العود النديَّة كأنها وضعت للتو في المنديل!
نزلت..ناديت بأعلى صوت:
لقد كان هو
لقد كان هو
ما المعنى؟
من أنتِ؟
مضت فى طريقها..
لم تلتفت وراءها..
ومازلت أبحث عنها
وعن الإجابة.

اترك رد