أحمد مصطفى :
أكَّد الدكتور يوسف عامر رئيس لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس الشيوخ، أنَّ مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان من مبادرات القيادة السياسية الحكيمة التي تعدُّ محطاتٍ مضيئةً على طريق مسيرة وطننا العزيز، وتعكس حرصَ القيادة الحكيمة على إحداث تغيرات نوعية ونهوضٍ وثَّابٍ بالوطنِ يبدأُ من بناءِ الإنسانِ المصريِّ على كافة الأصعدة: الصحية، والنفسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والتعليمية، والثقافية.
وأوضح في بيانٍ له بمناسبة ندوة دار الإفتاء “الفتوى وبناء الإنسان”، التي تُعقد غدًا بقاعة المؤتمرات بمبنى الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أنَّ مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان» جاءت لتفتحَ أمام جميع مؤسسات المجتمع، بل أمام جميع أبنائه، الطريقَ ليشاركوا في هذا البناء المهم، وهل يوجد أهم من بناء الإنسان؟ وهل يوجد رأس مال يُثمِّرُهُ الإنسان خيرًا من أبنائه وأحفاده؟!
وأشار إلى أنَّ المؤسساتِ الدينيةَ في مصرَ -الأزهر الشريف، ودار الإفتاء، ووزارة الأوقاف، التي تُمثِّل المنهج الوسطيَّ الرشيد في: العقيدة، والأحكام، والتزكية والأخلاق- يأتي دَورها لتقدِّم ما لديها في بناء الإنسان، وعلماؤنا الأجلَّاء هم الذين علَّمونا هذه القواعد العظيمة التي استخرجوها بالنظر الثاقب في الشرع الشريف وأحكامه ومقاصده وغاياته، فعرَّفونا أنَّ الساجدَ مُقدَّم على المساجد، وأنَّ الإنسانَ قَبلَ البُنيان، وقد جاءتِ المبادرة متَّفقة مع جوهر الشرع الشريف في البَدء ببناء الإنسان.
وأكَّد عامر أنه إذا كان الدين الشريف يقوم على محاور ثلاثة؛ هي: محور العقيدة، ومحور الأحكام (التشريعات)، ومحور الأخلاق والتزكية، فإنَّ دَور علمائنا الأجلَّاء في المؤسسات الثلاث أن يُحْكِمُوا تأسيسَ هذه الأصول الثلاثة في نفس كل إنسان مصريٍّ وعقله وقلبه، فالعقيدة الصحيحة التي تقوم على أُسسٍ قويمة سديدة غير متطرفة هي أساسُ تَحرُّكِ الإنسان المؤمن في المجتمعِ بالخيرِ لا يبتغي به إلَّا وجه الله تعالى.
ونبَّه على أنَّ العقيدة هي الدرع الواقية للمجتمع من خطر الإلحاد؛ تلك العقيدة الصحيحة التي يقوم على حفظها وتدريسها الأزهر الشريف، والتي تقوم على الأدلة العقلية كما تقوم على الأدلة النقلية، فينشأ الإيمان على قناعة عقلية ثابتة أمام موجات التشكيك والشبهات.
كما أكَّد عامر أن الأحكام هي المرآة التي تتجلى فيها وسطية هذا الدين للمسلمين ولغير المسلمين، وهي التي تُثْبتُ للمسلمين وغيرِهم بصورةٍ عملية واقعية كيف أنَّ هذا الدين مناسب لأيِّ زمان ومكان وأشخاص وأحوال، وأنَّ التشدُّد الممقوت الذي ينفِّر الناس من الدين شيء بعيد عن حقيقة هذا الدين المبنيِّ على التيسير، قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]. إنَّ التيسيرَ الذي يُقدِّمهُ السادة أُمناءُ الفتوى للناسِ فيه حفاظٌ على الدين؛ لأنه يُبينُ لهم مساحةً تَسعُهُم من سماحةِ الدِّين، فلا يميلون إلى الحُرمات ولا يَستحلُّونها.
ولفت الانتباه إلى أنَّ التزكية والأخلاق هما المحور الثالث الذي يشمل الارتقاء النفسي للإنسان، سواءٌ فيما بينه وبينَ نفسِه، أو فيما بينه وبين الناس، وهو في هذين الحالين لا يعامل في الحقيقة إلا الله تعالى، فهو يُحسنُ إذا كان بين الناس، وهو يحسن إذا كان منفردًا؛ لأنه في الحاليْنِ مراقبٌ لله تعالى، وقد بيَّن لنا سيدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنَّ الإحسان مرتبط بمراقبة الله تعالى، فقال في تعريف الإحسانِ: «أنْ تعبدَ اللهَ كأنَّكَ تراهُ، فإنْ لم تكنْ تراهُ فإنَّه يراك» [متفق عليه].
وكشف أنَّ العبْء الكبير في قضيةِ الأخلاق يقعُ على كاهل علماء الدين الأجلَّاء، فهم الذين يُعرِّفون الناسَ أنَّ الأخلاق عندنا من الدين، وهي أحد أصولِه الكبرى، فهي ثابتة ثبات هذا الدين، لا تتغير ولا تتبدل، وَهُم بهذا يبنون درعًا واقية من الموجاتِ الفاسدة التي تستهدفُ الجانبَ الأخلاقيَّ لدينا لتدمرَه، فتدمر أبناءَنا وأوطانَنا.
التعليقات مغلقة.