مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

حازم مهني يكتب ..حياتنا بين الدوبامين والسعادة

 الدوبامين يجعلنا بشرًا ؟!
*رغم أننا كثيراً نقول ” لا تدخلنا في تجربة ” إلا أن الحياة عبارة عن تجارب يومية ،تختلف بإختلاف أنواعها ،منها ،و منها ،و إننا فى مرحلة النضج الفكري ،نتيجة الخبرات ،وإنصهار تجارب الحياة ،و فهمها الصحيح ،نري ضغوط الحياة كأنها تحديات يجب التغلب عليها ،بدلاً من كونها عقبات ،و تهديدات قد تسحقنا ،أو تدمر حياتنا ،و هذا النمط من التفكير بهذه العقلية تحمي أصحابها ،و تساهدهم علي مقاومة ضغوط الحياة ،لأنها تزيد مرونة تعاملهم مع المشاكل و الضغوط ،و تخفف من آثارها السلبية ،
لكن استمرارها على المدى الطويل ،له تأثير سيئ ،لما يتركه من توتر علي حياتنا اليومية ،لتكرار إفراز المخ لمادة “الكورتيزول والأدرينالين” ،وهو الهرمون المرتبط بالتوتر و الدفاع ،ك رد طبيعي وقائي ،عند الشعور بالضغوط ،و التهديد ،ومن أقل المواقف الحياتية ،وقد يفرز الهرمون عند أقل موقف ،تشعر بأثر التوتر عليك لحادث ،أو ضغوط مادية ،أو عند لقاء شخص متنافر معه ،غير مرغوب فيه ،أو مريب ،مزعج ،غير مريح ،أو خبر سئ ،أو خلافه من التجارب ،حسب الفروق الفردية بين الإشخاص فى التعامل ،و القدرات ،و المهارات الشخصية .

قد يهمك ايضاً:

منصة إلكترونية لمكافحة الاحتيال والنصب على السياح في المغرب…

الغدر الذي يدمر أسرة

** و علي العكس من ذلك ،نجد أنفسنا عند الفرحة ،و السعادة ،أو السعي إليها ،تفرح الروح ،و ينشرح الصدر ،و النفس ،و يزول التوتر ،و القلق ،و ذلك لتأثر المخ إيجابيا ،فيفرز هرمون “الدوبامين” الذي يعمل ناقلاً عصبياً مسؤولاً عن مركز السعادة في الجسم ،و تحفيز الشعور بالسعادة ،إذ تعمل بعض المواد على زيادة تدفق الدم إلى أعضاء الجسم المختلفة ،و منها “الدوبامين” ،و يتم إفرازه عندما يمر الإنسان بمواقف ممتعة يحبها ،مثل الشعور بالحب ،لهذا السبب يسمي “رسول كيميائي” ،فقضاء وقت مع أشخاص مشاعرهم إيجابية تجاهك ،تجمعك بهم علاقة توافقية ،إحترام متبادل ،أو تفاهم ،أو محبة ،أو عاطفة ،أو معاشرة ،فإنك تشعر بتحسن مزاجك بشكل فوري ،حتي و إن كنت من الأشخاص الذين يعانون من نقص الدوبامين ،أو تعاني من تقلبات المزاج ،فإنك تشعر براحة ،و سعادة ،و زوال التوتر فورا و الإحساس بالطمأنينة ،و ذلك بحسب حجم السعادة بالنسبة لك ،و مكانة هذا الحب لديك ،و تأثيره عليك ،لأن هذا النوع من الناقلات العصبية يصنعها الجسم ، لتوصيل الرسائل بين الخلايا العصبية ،فهو الهرمون المسؤول عن الشعور بالرغبة ،و الحافز على بذل الجهد للوصول إلى الأهداف و كسب المكافآت ،و تحقيق الطموح ،فدوره في الإحساس ،و الشعور بالرغبة والحافز ،و ليس السعادة والإشباع ،لأن المخ يفرز الدوبامين قبل الحصول على المكافأة وليس بعدها ،بمعنى أن مخ الشخص الجائع يفرز الدوبامين عندما يرى الطعام ،لتحفيزه على تناول الطعام ،حتى يحصل على جائزة الشعور بالشبع ،
أما مُصطلح “هرمون السعادة” فهو مصدر شائع لفهم خاطئ عن طريقة عمل الدوبامين ،لأن المخ يفرزه بعد الحصول على المكافأة ،و يكون سبب الشعور بالسعادة ،بينما في الحقيقة ،يطلقه الدماغ عندما يشعر بالسعادة ،و الراحة ،و الرضي ،حسب ما يتناسب ،و حجم أثره علي نفس الإنسان ،و روحه ،من أبسط الأشياء ،مثل الحصول علي صفقة ،أو قبض الموظف لمرتبه (شرط يكفي معيشته ) أو مكافأة مفاجأة ، أو نأكل الطعام الذي نتوق إليه ،أو أثناء ممارسة الحب ،أو أثناء القيام بشيء نحبه ونرغب به ،يساهم في الشعور بالسعادة والرضا كجزء من نظام المكافأة لهذه الأعمال الممتعة ،و هذا يعزز الكيميائية العصبية للمزاج ،و الدافع ،و الإنتباه مما يساعد على تنظيم الحركة ،و التعلم ،و الإستجابات العاطفية ،و في الثقافة العامة ووسائل الإعلام الشعبية ،يُنظَر إلى الدوبامين عادةً على أنه المادة الكيميائية الرئيسية للمتعة ،و لكن الرأي السائد في علم العقاقير ،هو أن الدوبامين يعطي دوراً تحفيزيًا ،أي ( الرغبة أو النفور ) للنتيجة ،و التي بدورها تدفع سلوك الإنسان ،و ( الكائن الحي) ،نحو تحقيق هذه النتيجة أو بعيدًا عنها ،و يتسبب الدوبامين في الرغبة العالية ،و البحث المستمر للوصول إليها ،و يزيد من مستواك العام من الإثارة و سلوكك الموجه نحو الهدف ،و يجعلك الدوبامين فضوليًا بشأن أفكارك ويغذي بحثك عن المعلومات ،فينشئ حلقات البحث عن المكافآت ،أي أن الناس سيكررون السلوك الذي يحبونه للوصول إلى المتعة ،و يمكن وصف الشخص الذي لديه مستويات عالية من الدوبامين ،سواء كان ذلك بسبب طبيعته ،أو بسبب حالة مزاجية عابرة ،بأنه باحث عن الإحساس ،وينتج عن إطلاق الدوبامين دائرة مكافأة في الدماغ ،وتسجل هذه الدائرة تجربة مكثفة (مثل الانتشاء) بإعتبارها هامة للإنسان ،و تخلق ذكريات دائمة عنها على أنها ممتعة ،فيغير الدوبامين الدماغ على المستوى الخلوي ،و يأمر الدماغ بالقيام بذلك مرةً أخرى.
ومنذ البداية من نمو الرضيع ،عندما تكون مستويات الدوبامين حرجة أو قليلة ،يمكن أن تنشأ مشكلات عقلية ،إذا لم يكن الدوبامين موجودًا بكميات كافية ،فالدوبامين له علاقة ببعض الحالات الوراثية ،مثل قصور الغدة الدرقية الخلقي ،و يتورط نقص الدوبامين أيضًا في حالات أخرى لبعض الأمراض ،والزهايمر ،وإلإكتئاب ،و القلق ،وإضطراب الشهية ،و النوم المتقطع ،والإدمان .

***و بجانب العلاج الطبي ،الطعام له دوره الإيجابي ،و لزيادة مستويات الدوبامين في الجسم ،تناول الأطعمة الغنية بالتيروزين (حمض أميني) بما في ذلك الجبن ،واللحوم ،والأسماك ومنتجات الألبان وفول الصويا والبذور والمكسرات والفول والعدس وغيرها ،من الأطعمة التي تساعدك على تحسين المزاج خلال دقائق مثل :
*المكسرات: تعد من المصادر المهمة، التي يمكن أن يستفيد منها الجسم لإنتاج مادة الدوبامين، ومنها اللوز وعين الجمل وبذور الكتان.
*منتجات الألبان: تمثل مصدرا جيدا للحصول على مادة الدوبامين التي يحتاجها مخ الإنسان.
*الشوكولاتة: تحتوي على مكونات تعمل على تحفيز المخ لإنتاج الدوبامين، إضافة إلى دورها في إنتاج هرمون السيرتونين، المسؤول عن الشعور بالسعادة.
*الفراولة: تقوم بعمل مزدوج يجمع بين إنتاج السيروتونين والدوبامين في الجسم، لكن يجب تناولها دون السكر.
*البقوليات: إضافة إلى كونها غنية بالألياف، فإنها تساهم في زيادة إنتاج الدوبامين بالجسم.
*اللحوم والبيض: هي مصادر غنية بالبروتين وتساهم في تعزيز قدرة الجسم على إنتاج الدوبامين والتالي زيادة الشعور بالسعادة.
تجنب الأطعمة المصنعة والدهون العالية والسكر والكافيين. النوم لمدة كافية في الليل لأنه يعزز إنتاج الدوبامين ،ممارسة الرياضة أو المشي يوميا ،تجنب الإجهاد ،و ممارسة تقنيات مثل التأمل ،و التخيل ،و تمارين التنفس ،
ختاماَ : ليس من المبالغة إذا قلنا أن الدوبامين يجعلنا بشرًا .

التعليقات مغلقة.