مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

الصين تزرع بذور الأمل في التعاون مع مصر

تدريب مجموعة من الإعلاميين المصريين فى الصين وزيارات ميدانية لمناطق التميز

بسملة سمير

فى إطار سعيها لبناء جسور التعاون بينها وبين مصر والمنطقة العربية، قامت الصين ومن خلال وزارة التجارة فى جمهورية الصين الشعبية وشركة التعاون الدولي الاقتصادي والتقني للبث الصينى بتنفيذ دورة عمل استمرت لمدة 15 يوما. لتدريب عدد من الإعلاميين المصريين والعرب من الأردن وتونس وفلسطين وكردستان العراق فى فنون الإعلام المختلفة.

 

تضمنت الدورة استقدام الصين لمجموعة من الإعلاميين من مختلف الأعمار، خصوصًا الشباب، ووُضع لهم برنامج تدريبي مكثف جمع بين التعريف بالدولة الصينية وزيارات ميدانية لمناطق التميز، ليس فقط فى المجالات الاستثمارية والاقتصادية، بل أيضًا فى المجالات الإعلامية والثقافية.

 

 

بدأت الرحلة من القاهرة إلى بكين ليلاً، كنت شاهدة منذ لحظة وصولي على حرارة الاستقبال من المنظمين والمسؤولين المهتمين بالمنطقة العربية، خصوصًا مصر، تقديرًا لأهميتها وتأثيرها فى شمال أفريقيا والشرق الأوسط. كان اللقاء الأول مليئًا بالمحبة والرغبة الصادقة فى التعاون المشترك.

 

فى اليوم الأول تمت مراسم الافتتاح بكلمات ترحيبية من الجانب الصيني، تلتها جلسة تعريفية عن أهداف الدورة وأهمية الإعلام كجسر للتواصل بين الشعوب قدمها لنا السيد يانج يونج. ثم بدأنا التعرف على زملائنا من الدول العربية الأخرى، مما أتاح فرصة لتبادل الخبرات والآراء حول واقع الإعلام فى منطقتنا.

 

 

في اليوم الثاني، قمنا بزيارة ليارد جروب، وهي واحدة من أكبر الشركات المتخصصة في شاشات العرض والتي تأسست عام 1995. من اللحظة الأولى داخل مقر الشركة، كان واضحًا كيف أنها أصبحت لاعبًا عالميًا في مجال التكنولوجيا السمعية البصرية، حيث تقدم ابتكارات مبهرة مثل شاشات الـLED، تقنيات الواقع الافتراضي، وحتى الإضاءة الذكية للمساحات العامة.

 

ما شدني أكثر هو تاريخهم الحافل بالمشاركات في أحداث ضخمة مثل أولمبياد بكين 2008 والاحتفال باليوم الوطني للصين، بالإضافة إلى استعراضات عسكرية مبهرة. أثناء المحاضرات التي تلقيناها هناك، كان التركيز على التطور الكبير في الإعلام الرقمي في الصين، وكيف أصبحت التقنيات الحديثة جزءًا أساسيًا من صناعة المحتوى. أكثر ما أثار اهتمامي كان الحديث عن الذكاء الاصطناعي ودوره المتنامي في تحسين التجربة الإعلامية وجعلها أكثر تفاعلية وقربًا من الجمهور.

 

أما في اليوم الثالث، فقد اتسم البرنامج بمزيد من الحيوية من خلال جولة ميدانية داخل مدينة بكين لزيارة واحدة من أبرز المؤسسات التكنولوجية المتقدمة، وهي شركة Zooxer المتخصصة في تقنيات السينما والتلفزيون. الشركة تُعَد رائدة في تطوير معدات تصوير روبوتية موجهة للاستوديوهات والبث التلفزيوني، وقد أبهرتنا بما عرضته من حلول مبتكرة تعكس مدى التطور الذي بلغته الصناعة الإعلامية في الصين.

 

خلال الزيارة، أُتيح لنا التعرف عن قرب على آليات إدارة غرف الأخبار باستخدام أحدث تقنيات التصوير الذكي، حيث قدّم الفريق الصيني شرحًا معمّقًا حول أساليب العمل وأهمية هذه الابتكارات في رفع كفاءة الإنتاج الإعلامي وجودته.

وقد استعرضت Zooxer مجموعة متنوعة من المعدات الذكية المعتمدة على تقنيات الذكاء الاصطناعي، من أبرزها:

  • روبوتات الكاميرا على القضبان التي تتيح إنتاج صور دقيقة وتجارب تصوير بتقنية الواقع الافتراضي.
  • رافعات الكاميرا الذكية المزودة بقدرات تتبع وتثبيت متطورة.
  • وحدات التصوير بالذكاء الاصطناعي التي تُمكّن من التوجيه والتحكم التلقائي.

لم تكن هذه الجولة مجرد عرض تقني، بل تجربة عملية مكّنتنا من استيعاب الدور المحوري للتكنولوجيا في إعادة تشكيل مستقبل الإعلام وصناعة الصورة على مستوى عالمي.

 

قد يهمك ايضاً:

تحت شعار “السباق من أجل الهواء”.. مصر تحتفل…

محافظ الاسكندرية يشهد النسخة السادسة من معرض “طلال..…

في اليوم الرابع زرنا سور الصين العظيم، المكان الذي لطالما رأيته في الصور والأفلام، لكن الوقوف عليه كان شعورًا يفوق الوصف. كل خطوة على أحجاره القديمة كانت كأنها تحمل آلاف السنين من التاريخ، والمنظر أمامي كان مهيبًا، السور يعانق الجبال بلا نهاية.

وأنا هناك، تذكّرت الأهرامات في الجيزة. كيف أن حضارتين عظيمتين، من مصر والصين، تركتا آثارًا خالدة تتحدث عن عظمة الماضي وقوة الإرادة البشرية. شعرت أن بيننا خيطًا مشتركًا: الفخر بما صنعه الأجداد، والرغبة في أن نصنع نحن أيضًا إرثًا يليق بأحلامنا.

 

 

 

 

 

وفي اليوم الخامس حضرنا محاضرة مميزة عن تاريخ البث الإذاعي والتلفزيوني في الصين، قدّمها لنا السيد المدير تشو ياننان. كانت الجلسة فرصة لفهم كيف بدأت هذه الصناعة في الصين، وكيف تطورت عبر العقود لتصبح اليوم واحدة من أقوى وسائل الإعلام وأكثرها تأثيرًا في العالم.

تحدث السيد تشو عن المراحل الأولى للبث، وعن التحديات التي واجهتها الصين في بداياتها، ثم كيف واكب الإعلام التطور التكنولوجي السريع حتى وصل إلى البث الرقمي والمنصات الحديثة. أكثر ما شدّني هو كيف يجمع الإعلام الصيني بين الحفاظ على الهوية الثقافية والانفتاح على التطورات العالمية، وهو ما جعلني أفكر في تجاربنا في مصر، وكيف يمكن أن نستفيد من هذه الرؤية.

 

في اليوم السادس زرنا برج التلفزيون المركزي الصيني (CCTV Tower)، الذي يُعدّ من أبرز معالم بكين الحديثة. هذا البرج لا يُمثل فقط صرحًا معماريًا فريدًا، بل هو رمز للتطور الإعلامي في الصين منذ بداية البث التلفزيوني الوطني. بالنسبة للمواطن الصيني، يرمز البرج إلى مصدر الأخبار والثقافة والترفيه الذي يجمع العائلة يوميًا، وهو شاهد على رحلة الصين نحو الريادة في الإعلام.

 

 

 

 

 

في اليوم السابع غادرنا العاصمة بكين متجهين إلى مقاطعة نينغشيا، وعاصمتها ينشوان، حيث بدأنا فصلًا جديدًا من الرحلة يجمع بين التاريخ والثقافة والتكنولوجيا. نينغشيا تُعتبر واحدة من المقاطعات ذات الطابع الخاص في الصين، فهي تتميز بمزيج من الإرث الحضاري القديم والتطور الاقتصادي الحديث. خلال زيارتنا، تعرفنا على أبرز المعالم الأثرية التي تعكس عمق التاريخ الصيني في هذه المنطقة، بجانب الاطلاع على إنجازات صناعية واقتصادية مهمة، كان أبرزها زيارة أحد أكبر المصانع المتخصصة في صناعة الياقوت واستخداماته التكنولوجية المتقدمة.

 

 

 

 

كما وقفنا على جهود نينغشيا الكبيرة في مكافحة التصحر، وهو تحدٍ بيئي طالما عانت منه المنطقة، لتصبح اليوم نموذجًا يُحتذى به في التوازن بين التنمية المستدامة وحماية البيئة. ويجدر بالذكر أنّ زيارتنا تزامنت مع افتتاح معرض الصين–الدول العربية (China-Arab States Expo) الذي يُعقد في نينغشيا كل عامين، ويُعد منصة رئيسية لتعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي بين الصين والعالم العربي، مما يبرز الأهمية الاستراتيجية للمقاطعة كجسر للتواصل بين الجانبين.

 

 

 

 

 

بعد أن قضينا أسبوعاً مثمراً وحافلاً بالمعرفة والتجارب في ينشوان، عدنا مجدداً إلى العاصمة بكين لنشهد الحفل الختامي للبرنامج. وقد جاء هذا الحفل تتويجاً لما عايشناه من محطات ثقافية وعلمية وتكنولوجية طوال الرحلة. اجتمع المشاركون من مختلف الدول في أجواء ودية تعكس روح التعاون والصداقة التي ربطت بيننا وبين زملائنا الصينيين، وكان فرصة لتبادل الخبرات والانطباعات حول ما تعلمناه. تخلل الحفل كلمات ترحيبية وتوزيع شهادات تقدير، واختُتم بكلمات ألقت الضوء على أهمية ما اكتسبناه من معرفة وتجارب، لتترك في نفوسنا شعوراً يجمع بين الفخر بما حققناه والحنين إلى ما سنغادره.

 

 

 

 

 

 

 

رحلة تركت فينا أثرًا لا يُمحى، وأكدت أن الإعلام جسر يربط الشعوب قبل أن يكون مجرد مهنة.

 

اترك رد