مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

الاستقراء والمعرفة المحدودة

0

الاستقراء والمعرفة المحدودة
أ.د. محمد السعيد عبد المؤمن
أستاذ الدراسات الإيرانية

قد يهمك ايضاً:

محاضرات وجلسات علمية تسيطر علي مؤتمر كلية الطب البيطري…

للعام الثالث على التوالى عقد مؤتمر صحفي لإتحاد طلاب صيدلة…

ربما يكون المفهوم الذي تربت عليه الأجيال في الحفاظ على ما هم مسئولون عنه، خاصة في مجال الأمن والمعلومات، كان “المعرفة بقدر الحاجة” لكن التطور الذي حدث في مجال جمع المعلومات، واستغلالها في مجالات خطيرة تتعلق بخصوصيات الإنسان وحياته ومستقبله ومصيره، قد أسقط هذا المفهوم، وقد عدَّد الباحثون أسباب عدم نجاح أي عمل، بدءا بالعمل السياسي والديبلوماسي إلى العمل الاقتصادي، حتى اللغوي والثقافي والفكري، في أية دولة بثلاثين سببا، تبدأ كلها باصطلاح “المعرفة المحدودة”، وتلتقي كلها عند “اتصال المعرفة” في المجالات المختلفة. والحق أن أجدادنا الذين بنوا الحضارة سواء الفرعونية أو الإسلامية قد وعوا هذه الأسباب، لكننا مع عصر العولمة وجهنا الغرب إلى التخصص الدقيق، المحبوس في كهفه، والمقطع الأوصال مع غيره في المجالات الأخرى، فأصبح التخصص جزيرة معزولة وسط بحر لا نهاية له. ثم عادت العولمة لتبحث عن العلوم البينية، والوسيطة لتغطي هذا العيب. وقد تبين لها أن المعرفة المحدودة في أي مجال هي سبب فشل المسئول عنه، ابتداء من الزارع والصانع والتاجر والمهندس والطبيب والمدير والمعلم والأستاذ والسياسي والجندي والمتفقه والمفتي، ومن ثم أتاحت الفضاء المجازي لفتح طاقة المعرفة. لكنها لم تعرض المنهج المناسب في طلب المعرفة، لأن توجهها كان تسييس المعرفة، واستغلالها في الكسب، سواء كان مشروعا أو غير مشروع. وقد أدى هذا إلى فوضى المعرفة، وضعف البحث العلمي، وتباين الدراسات، وقصور النتائج.
ما أريد أن أنبه إليه أن نجاح أجدادنا المسلمين في إقامة نهضة حقيقية كان سببه استلهامهم أوامر ربهم وتوجيهاته، ابتداء من كلمة “إقرأ” مرورا بقوله “وعلَّم آدم الأسماء كلها” عطفا على قوله “قل سيروا في الأرض فانظروا”، وكان نجاحهم أساس استلهام منهج المعرفة والدراسة من آيات الله التي بيَّن فيها المنهج، من تحليل ونقد واستنتاج واستقراء، وضرب لها الأمثال. “ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم .،.،.، يفقهون!
منهج الاستقراء منهج إلهي، علمه الله سبحانه لسيدنا ونبينا يوسف عليه السلام تحت عنوان: تأويل الأحاديث، وجعل من آليات هذا المنهج الوصف والتحليل والنقد والاستنتاج، وصولا إلى المعرفة المعاصرة والاستقراء المستقبلي. وله تطبيقات كثيرة في سور القرآن الكريم، فالاستقراء يمكن به دراسة كل العلوم، ابتداء من اللغة والأدب والحضارة، بما فيها السياسة والاقتصاد والاجتماع والنفس، حتى الرياضيات والعلوم العملية.
أصدقائي الأعزاء اطرحوا مناهج الغرب جانبا، واستعينوا في دراساتكم بالمنهج الاستقرائي، تحصلوا على أفضل البحوث، وأرقى النتائج.
ألا هل بلغت اللهم فاشهد!

اترك رد