مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

أهمية مؤتمر المناخ للدول العربية والمطلوب تحقيقه في كوب 28

بقلم – د إسلام جمال الدين شوقي:
خبير اقتصاديات تغير المناخ
عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي

مؤتمر المناخ أو مؤتمر الأطراف هو اجتماع سنوي بحضور حوالي 197 دولة حول العالم تحت رعاية الأمم المتحدة للتباحث حول تطورات أزمة التغيرات المناخية فهو بمثابة وسيلة للمجتمع الدولي ينسق من خلالها ما يجب على الدول أن تقوم به لمواجهة هذه الأزمة عن طريق مجموعة من الإجراءات المتبعة لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض حيث يُعتبر الهدف الرئيسي محاولة وضع حد أقصى لارتفاع متوسطات درجات الحرارة العالمية في وقت تتجه فيه الزيادة نحو حوالي 2,7 درجة مئوية وربما تزيد عن ذلك أيضًا.

وتُعدُ كلمة كوب والتي هي اختصار لكلمة Cop بالإنجليزية “Conference of the Parties” وهي بمعنى مؤتمر الأطراف الذي هو جزء من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ والذي تم اعتماده في قمة الأرض في البرازيل عام 1992 حيث وافقت 197 دولة على تثبيت تركيزات غازات الاحتباس الحراري المتسببة في تغير المناخ في الغلاف الجوي ووقعت على الاتفاقية لمنع الأنشطة البشرية الضارة التي تسبب اختلال في النظام المناخي.

ولقد عقد أول مؤتمر للمناخ في برلين عام 1995، ويتم اختيار الدولة التي ينعقد فيها المؤتمر بنظام التناوب بين القارات، ولقد سبق عقد المؤتمر في عدد من الدول العربية مثل دولة المغرب التي استضافت المؤتمر مرتين في عام 2001، وعام 2016 كما استضافت دولة قطر المؤتمر في عام 2012 ثم جاءت القمة ال 27 والتي تم عقدها في مصر بمدينة شرم الشيخ في نوفمبر 2022 حيث تقدمت مصر بطلبها لاستضافة المؤتمر وتم الموافقة عليها واختيارها لتمثل القارة السمراء في المؤتمر، وتم اختيار دولة الإمارات العربية المتحدة لاستضافة القمة 28 للمؤتمر في نهاية هذا العام ممثلةً عن قارة آسيا.

قد يهمك ايضاً:

منصة إلكترونية لمكافحة الاحتيال والنصب على السياح في المغرب…

الغدر الذي يدمر أسرة

أهمية مؤتمر المناخ بالنسبة للدول العربية فبالرغم من أنها ليست أكثر المناطق المنتجة للانبعاثات إلا أنها من أكثر المناطق المتعرضة لارتفاعات كبيرة في درجات الحرارة وأيضًا النقص الشديد في المياه، كما أنها لا تملك القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية مقارنة بدول العالم المختلفة فالدول العربية في منطقة الشرق الأوسط وافريقيا من أكثر مناطق العالم تعرضًا عن غيرها لموجات الحر الشديد.

إن التغيرات المناخية لا مفر منها وهي قائمة بالفعل، مما يتطلب بذل الكثير من الجهد لخفض الانبعاثات وإبطاء وتيرة الاحتباس الحراري، ويستوجب أيضًا من الدول العمل على التكيف مع التغيرات المناخية حتى تتمكن من حماية سكانها حيث تختلف تلك التداعيات من دولة إلى أخرى حسب موقعها الجغرافي فقد يتسبب تغير المناخ، في إحداث الظواهر المناخية المتطرفة مثل الأعاصير المدارية وارتفاع مستوى سطح البحر والتصحر، مما يتسبب في أضرار كبيرة للدول المختلفة، وحيث أن كثرة حدوث هذه الكوارث الطبيعية ناتج بشكل أساسي بسبب زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومعظمها من الدول الصناعية الكبرى فإن ذلك يقضي بالضرورة حصول الدول النامية التي تضررت في أغلب الأحيان على تعويضات مالية من أجل استخدامها في تخفيف حدة تلك التأثيرات ومحاولة التكيف مع التغيرات المناخية.

ويُعدُ من أهم مخرجات مؤتمر Cop27 الذي انعقد في شرم الشيخ بمصر ومن أهم المكاسب التي تم التوصل والاتفاق عليها في هذا المؤتمر هو حسم ملف الخسائر والأضرار المدرج في جدول أعمال الأمم المتحدة في قمة المناخ، والذي لم يحسم من قبل حيث تم الاتفاق لأول مرة على إنشاء صندوق للخسائر والأضرار لدعم الدول النامية في مواجهة التغيرات المناخية التي تتجاوز قدرتها على التكيف، والوفاء بالوعود لتقديم 100 مليار دولار كل عام لتمويل التكيف في الدول منخفضة الدخل من قبل الدول المتقدمة.

إن هدف مصر الرئيسي من خلال مؤتمر COP27 كيف يتم الانتقال من التخطيط إلى حيز التنفيذ والوفاء بكل الوعود والتعهدات التي تم الاتفاق عليها في المؤتمرات السابقة لذلك دعت مصر إلى اتخاذ إجراءات كاملة وشاملة لذلك ناقشت الجوانب الفنية، مثل تحديد الطريقة العملية التي يتم على أساسها كيفية قياس الانبعاثات في الدول المختلفة بحيث يكون هناك مجال متكافئ للجميع.

ولا شك أن كل ما قامت به مصر وتوصلت إليه من نجاح في مؤتمر COP 27 يمهد الطريق لإجراء أول تقييم عالمي خلال مؤتمر COP 28 والذي سيتم استضافته في دولة الإمارات في آخر العام الحالي، حيث سيتم تقييم التقدم العالمي الجماعي بشأن التخفيف والتكيف وسبل تنفيذ اتفاق باريس، ويجب أن تقوم الامارات بالعمل على تطوير آلية المرصد المناخي الدولي لقياس ومتابعة الالتزام التمويلي من قبل الاقتصادات الأعلى تلويثًا للمناخ، خاصةً في دول شرق وجنوب آسيا وأمريكا الشمالية وتطوير أدوات الدبلوماسية المناخية حيث يمكن أن يساهم في متابعة الالتزامات والتعهدات المناخية الدولية، كما سيفيد في تهيئة الطريق أمام نجاح COP28 ورفع نسب المشاركة والالتزام الدولي من قادة دول العالم ووضع تصور لبرنامج عمل دولي لتحقيق هدف سعر عالمي موحد للكربون حيث يمكن الاعتماد على تجربة الاتحاد الأوروبي في تسعير الكربون اعتمادًا على آليات السوق الحر الدولية لدعم تداول سندات الكربون.

التعليقات مغلقة.