مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

د. عفاف عبد المعطى تكتب عن الطاقة البشرية وطاقة شبابنا المهدرة

17

الطاقة البشرية

قد يهمك ايضاً:

اتيكيت تقديم العيدية

اتيكيت استقبال عيد الفطر المبارك

بقلم/ د. عفاف عبد المعطي

التقيت فى ندوة مفتوحة فى منزل أستاذى الجليل الراحل الدكتور عبد المنعم تليمة بسفير دولة اليابان حيث كان تليمة رحمه الله قد قضى فى اليابان سنوات متعددة موفدا من كلية الآداب جامعة القاهرة إلى مدينة اوزاكا فى اليابان لتدريس مادة اللغة العربية هناك ضمن قسم الدراسات العربية والعلوم الإنسانية، لذا آثر عند عودته للقاهرة أن يكون هناك لقاء مفتوح فى منزله مع سفير اليابان كى يعرف مريديه وتلاميذه بواقع هذا البلد المتقدم وكان موضوع الندوة الذى أراد أن يتكلم فيه سفير اليابان بالقاهرة عن ” الطاقة البشرية ” خاصة الشباب ؛ تلك الطاقة المهدرة فى العالم العربى حيث لا يتم التخطيط للاستفادة من هذه الطاقة خير استفادة . وقد أشاد السفير بطاقة الشباب العربى عامة والمصرى خاصة وأن هناك شباب مصرى يعمل فى اليابان فى مجالات متعددة منها التعليمى والتكنولوجى والصناعى وغيرها من المجالات . وهنا لابد أن نذكر كلمات المثقف الراحل الكبير الأستاذ سلامة موسى عندما اثير في الصحف موضوع خطير هو المستوى الثقافي العامُّ لخريجي الجامعات: أي لشبابنا المتعلم الذي نعتمد عليه في سياسة الدولة، والتعليم والصحة العامة، والبناء القومي والمادي لبلادنا.
وقد عيب على هؤلاء الخريجين نقصهم الكبير في الجغرافيا وأسماء البلاد حتى القريبة منَّا، بل إن بعضهم أخطأ في موقع إحدى الدول العربية ، وقد أحسن الذين أثاروا هذا الموضوع، مع أنهم لم يذكروا العلاج لهذا النقص الذي أثبتوه. والذي يجب أن نثبته أن الجامعات غير مسئولة عن هذا النقص، وإذا كانت هناك أية مسئولية على دور التعليم فإن المدارس الثانوية أولى من غيرها بالتثقيف العامِّ. ذلك أن كليات الجامعة إنما أنشئت للتخصص، فالطالب في إحداها كيماوي، وهو في الأخرى حقوقي، وفي غيرها جيولوجي أو متخصص في الآداب العربية أو الآداب الإنجليزية، أو هو يدرس الصيدلة أو الطب أو الهندسة.
والتخصص في العلوم الإنسانية لا يتيح للطالب أن يكون مثقفًا، ونعني تلك الثقافة العامة التي تجعله رجلًا كاملًا أو بالأحرى يطلب الكمال في الفهم العام، أي يعرف مكانه في هذه الدنيا أو يفهم المبادئ التي يتجه إليها الطب، مع أنه مهندس مثلًا، أو يتذوق الشعر مع أنه طبيب، أو يدرس السياسة العالمية مع أنه زراعي، إلخ.
وفي مجالاتنا التعليمية، من المدرسة الابتدائية إلى المدارس الثانوية إلى الجامعة، لا نكاد نجد الفرصة لأنْ يحصل الشاب المصري على ثقافة «عامة» إلا إذا كنَّا نعد الدراسة الثانوية سبيلًا إلى هذه الثقافة.
وهي مع ذلك سبيل ضيق، ولكن يمكن في المستقبل أن نتوسع في الدراسات الثانوية على نحو ما يجري في فرنسا، بحيث تتناول هذه الدراسات موضوعات مختلفة، ولكن متعددة أيضًا، لا يصل فيها التلميذ إلى الغاية، وإنما تنبعث في نفسه بها الحوافز للاستزادة في المستقبل، وهي لذلك عرض أكثر منها درسًا.
والذين انتقدوا انخفاض المستوى الثقافي عند خريجي الجامعة إنما انتقدوا في الحقيقة، ومن حيث لا يدرون، التعليم عامة ؛ إذ بدايات التعليم هى التى يمكن أن تُعد شبابنا للثقافة العامة.
أقول: «يُعِدُّهم» أي يفتح لهم الطريق فقط، أما التثقيف العامُّ فليست مشكلته في مدرسة أو جامعة، وإنما هو مشكلة العمر كله، وهو مجهود شخصي على الشاب أن يقوم به، ولا يعتمد فيه إلا على نفسه، ولكنه مع ذلك محتاج إلى الوسائل التي تثقفه.
إن الطاقة البشرية المتمثلة فى الشباب يجب أولا أن تبدا بتفعيل دورها الشخصي أى أن يبدأ الشاب / الشابة بنفسه فيعرف كيف يتعامل أولا مع نفسه كى يكرس فيها أنه جزء من الجماعة الاجتماعية الموجود فيها متمثلة فى الأسرة أولا ثم المدرسة أو الجامعة ثانيا ثم الأمة / الوطن ثالثا ، فإذا شعر الشاب / الشابة بأهمية دوره / دورها الفاعل فى هذه الجماعات كافة فلن يعدم الوسيلة التي يثبت فيها نجاحه كفرد ضمن الجماعة الاجتماعية التى لو فكر الشاب أو فكرت الشابة قليلا فلن يعدم الادراك بما تمنحه هذه الجماعة – متمثلة فى (الأسرة / المدرسة / الجامعة ، الوطن ) – من عطاءات جمّة كى يكون شاب صالح أو تكون شابة صالحة يفيد كلاهما نفسه أولا ثم مجتمعه الذى ستعود عليه كل الفائدة من تضافر جهود الشباب.

اترك رد