مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

مصر البلد الإخبارية تنشر قصيدة إيليا أبو ماضي “الطين”

5

قصيدة “الطين” 

شعر/ إيليا أبو ماضي

نسي الطين ساعة أنه طين ؛؛؛ حقير فصال تيها و عربد

و كسى الخزّ جسمه فتباهى ؛؛؛ و حوى المال كيسه فتمرّد

يا أخي لا تمل بوجهك عنّي ؛؛؛ ما أنا فحمة و لا أنت فرقد

أنت لم تصنع الحرير ؛؛؛ الذي تلبس و اللؤلؤ الذي تتقلّد

أنت لا تأكل النضار إذا ؛؛؛ جعت و لا تشرب الجمان المنضّد

أنت في البردة الموشّاة مثلي ؛؛؛ في كسائي الرديم تشقى و تسعد

لك في عالم النهار أماني ؛؛؛ وروءى و الظلام فوقك ممتد

و لقلبي كما لقلبك أحلا ؛؛؛ م حسان فإنّه غير جلمد

أأماني كلّها من تراب ؛؛؛ و أمانيك كلّها من عسجد ؟

و أمانيّ كلّها للتلاشي ؛؛؛ و أمانيك للخلود المؤكّد !؟

لا . فهذي و تلك تأتي و تمضي ؛؛؛ كذويها . و أيّ شيء يؤبد ؟

أيّها المزدهي . إذا مسّك السقم ؛؛؛ ألا تشتكي ؟ ألا تتنهد ؟

و إذا راعك الحبيب بهجر ؛؛؛ ودعتك الذكرى ألا تتوحّد ؟

أنت مثلي يبش وجهك للنعمى ؛؛؛ و في حالة المصيبة يكمد

أدموعي خلّ و دمعك شهد ؟ ؛؛؛ و بكائي ذلّ و نوحك سؤدد ؟

وابتسامتي السراب لا ريّ فيه ؟ ؛؛؛ و ابتسامتك اللآلي الخرّد ؟

فلك واحد يظلّ كلينا ؛؛؛ حار طرفي به و طرفك أرمد

قمر واحد يطلّ علينا ؛؛؛ و على الكوخ و البناء الموطّد

إن يكن مشرقا لعينيك إنّي ؛؛؛ لا أراه من كوّة الكوخ أسود

النجوم الني تراها أراها ؛؛؛ حين تخفي و عندما تتوقّد

لست أدنى على غناك إليها ؛؛؛ و أنا مع خصاصتي لست أبعد

أنت مثلي من الثرى و إليه ؛؛؛ فلماذا ، يا صاحبي ، التيه و الصّد

كنت طفلا إذ كنت طفلا و تغدو ؛؛؛ حين أغدو شيخا كبيرا أدرد

لست أدري من أين جئت ، و لا ما ؛؛؛ كنت ، أو ما أكون ، يا صاح ، في غد

أفتدري ؟ إذن فخبّر و إلاّ ؛؛؛ فلماذا تظنّ أنّك أوحد ؟

ألك القصر دونه الحرس الشا ؛؛؛ كي و من حوله الجدار المشيّد

فامنع اللّيل أن يمدّ رواقا ؛؛؛ فوقه ، و الضباب أن يتلبّد

قد يهمك ايضاً:

وانظر النور كيف يدخل لا ؛؛؛ يطلب أذنا ، فما له ليس يطرد ؟

مرقد واحد نصيبك منه ؛؛؛ أفتدري كم فيك للذرّ مرقد ؟

ذدتني عنه ، و العواصف تعدو ؛؛؛ في طلابي ، و الجوّ أقتم أربد

بينما الكلب واجد فيه مأوى ؛؛؛ و طعاما ، و الهرّ كالكلب يرفد

فسمعت الحياة تضحك منّي ؛؛؛ أترجى ، و منك تأبى و تجحد

ألك الروضة الجميلة فيها ؛؛؛ الماء و الطير و الأزاهر و النّد ؟

فازجر الريح أن تهزّ و تلوي ؛؛؛ شجر الروض – إنّه يتأوّد

و الجم الماء في الغدير و مره ؛؛؛ لا يصفق إلاّ و أنت بمشهد

إنّ طير الأراك ليس يبالي ؛؛؛ أنت أصغيت أم أنا إن غرّد

و الأزاهير ليس تسخر من فقري ؛؛؛ و لا فيك للغنى تتودّد

ألك النهر ؟ إنّه للنسيم ؛؛؛ الرطب درب و للعصافير مورد

و هو للشهب تستحمّ به ؛؛؛ في الصيف ليلا كأنّها تتبرّد

تدعيه فهل بأمرك يجري ؛؛؛ في عروق الأشجار أو يتجعّد ؟

كان من قبل أن تجيء ؛ و تمضي ؛؛؛ و هو باق في الأرض للجزر و المد

ألك الحقل ؟ هذه النحل تجي ؛؛؛ الشهد من زهرة و لا تتردّد

و أرى للنمال ملكا كبيرا ؛؛؛ قد بنته بالكدح فيه و بالكد

أنت في شرعها دخيل على الحقل ؛؛؛ و لصّ جنى عليها فأفسد

لو ملكت الحقول في الأرض طرّا ؛؛؛ لم تكن من فراشة الحقل أسعد

أجميل ؟ ما أنت أبهى من الور ؛؛؛ دة ذات الشذى و لا أنت أجود

أم عزيز ؟ و للبعوضة من خدّيك قوت ؛؛؛ و في يديك المهند

أم غنيّ ؟ هيهات تختال لولا ؛؛؛ دودة القز بالحباء المبجد

أم قويّ ؟ إذن مر النوم إذ يغشاك ؛؛؛ و الليل عن جفونك يرتد

وامنع الشيب أن يلمّ بفوديك ؛؛؛ و مر تلبث النضارة في الخد

أعليم ؟ فما الخيال الذي يطرق ليلا ؟ ؛؛؛ في أيّ دنيا يولد ؟

ما الحياة التي تبين و تخفى ؟ ؛؛؛ ما الزمان الذي يذمّ و يحمد ؟

أيّها الطين لست أنقى و أسمى ؛؛؛ من تراب تدوس أو تتوسّد

سدت أو لم تسد فما أنت إلاّ ؛؛؛ حيوان مسيّر مستعبد

إنّ قصرا سمكته سوف يندكّ ؛؛؛ و ثوبا حبكته سوف ينقد

لايكن للخصام قلبك مأوى ؛؛؛ إنّ قلبي للحبّ أصبح معبد

أنا أولى بالحب منك و أحرى ؛؛؛ من كساء يبلى و مال ينفد

اترك رد