مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

ماذا لو نسى الإنسان نفسه الأمارة بالسوء؟ مقال لعبد الرحمن البنفلاح

8
.. فأنساهم أنفسهم !!
قد يهمك ايضاً:

أنور ابو الخير يكتب : نحن بحاجة للحب

خلل التوازن التربوي يؤدي لفساد الابناء

بقلم/ عبد الرحمن علي البنفلاح

الأصل في الإنسان، وفي عظيم اهتماماته أنه ينسى كل من حوله ولا ينسى نفسه، فماذا لو نسي الإنسان نفسه الأمَّارة بالسوء التي أوردته موارد التهلكة، وصرفته عن طاعة مولاه سبحانه وتعالى، وشغلته بالدنيا عن الآخرة والعمل لها.

تحدث القرآن الكريم عن الإنسان حين ينساه الله تعالى، ولا ينظر إليه، فقال تعالى: «إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم» (آل عمران/ 77).

هؤلاء لا يساوون عند الله جناح بعوضة، وسوف ينساهم الله تعالى كما نسوا يومهم هذا، ولم يعملوا بأوامره، ولم ينتهوا عن نواهيه، فهؤلاء هم المنافقون الذين أعرضوا عن منهج الله تعالى، ونأوا بجانبهم عنه سبحانه، فلم يجدهم حيث أمرهم، ولم يفتقدهم حيث نهاهم، ولم يحسنوا كما أحسن الله تعالى إليهم، وهؤلاء على عكس المؤمنين الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله تعالى، أما المنافقون فمن أوصافهم أنهم يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويكفرون بالله تعالى، وهم أشد من الكفار لأنهم يظهرون غير ما يبطنون، ويخدعون الناس بأقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، فيقع المؤمنون الصادقون في مكائدهم ومكرهم، وهؤلاء لا يستحقون أن يذكرهم الله تعالى في مواطن الرحمة، بل يشدد عليهم العذاب، وينساهم كما نسوا أوامره ونواهيه سبحانه، وبادروا إلى الانتساب والانضمام إلى حزب الشيطان يأتمرون بأمره، وينتهون بنواهيه، فأضلهم ثم تخلى عنهم في يوم لا بيع فيه ولا شراء.

وهؤلاء الذين نسوا الله تعالى من أجل مصالح غيرهم، وشهوات من ينافقونهم، الله تعالى سوف ينساهم ويعرض عنهم أما الذين قادتهم نفسهم الفاجرة إلى سوء المآل، فهؤلاء جزاؤهم عند الله تعالى أن ينسيهم أنفسهم التي كانت السبب في نسيانهم مولاهم سبحانه، وقال تعالى عنهم: «ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون» (الحشر/ 19).

وهذا هو الإنسان المسرف على نفسه، فمرة ينسى مولاه سبحانه من أجل الآخرين، فينساه الله تعالى ويعرض عنه جزاء تفريطه في حق مولاه عليه، ومرة ينسى مولاه تعالى استجابة لإلحاح نفسه الأمَّارة بالسوء، فينسيه الله تعالى نفسه العاصية الضالة، وعلى الإنسان أن يحذر أشد الحذر من الاستجابة لنفسه الأمَّارة بالسوء، ووسوسة شيطانه الذي أعلن في بيان واضح وصريح أنه لا سلطان له على عباد الله تعالى، وأن كيده مهما عظم في تصور الناس، فهو ضعيف، قال تعالى: «وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم» (إبراهيم/ 22).

هذه النفس الفاجرة التي أعانت الشيطان على صاحبها، ويسرت له سبل الغواية، وزينت له الحياة الدنيا، التي أخذت زخرفها وازينت له، قال تعالى عنها: «إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون» (يونس/ 24).

هذه هي النفس التي أسلمت قيادها للشيطان وللنفس الفاجرة، واتبعت هواها، وقدمت للشيطان دعماً (لوجستيا) غير محدود، فإذا اتفقت إرادة الشر في الشيطان مع إرادته في النفس الأمَّارة بالسوء وقع العبد في المعصية، ونسي أوامر الله تعالى ونواهيه، وتحولت النفس البشرية من فاسدة إلى مفسدة لغيرها، وهذا ما أشار إليه الحق سبحانه وتعالى في قصة قارون وخزائنه، قال تعالى: «وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين» (القصص/ 77).

اترك رد