مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

مائة عام علي الوعد المشئوم

3

بقلم – الدكتور عادل عامر

لم ينس الفلسطينيون والأمة العربية أرضهم ومقدساتهم، وما زالوا يتمسكون بوطنهم رغم مرور قرن من الزمان على وعد بلفور، لجمع اليهود المنتشرين في أنحاء العالم، ليكون لهم وطن قومي على أرض فلسطين.

لم يخرج بلفور على العالم بوعده المشئوم لمجرد حبه لليهود، أو رغبته في تمكينهم من أرض يمتلكونها ويكون لهم كيان بها، بل الأمر يرجع لتخوفه من انتقال اليهود إلى بريطانيا. بدأت مخاوف بلفور تزداد عندما شعر بقوة اليهود، وعندما أعجب بشخصية الزعيم الصهيوني «حاييم وايزمان» عندما التقى به في عام 1906،

وأدرك حينها أن الصهيونية قوة كبيرة تستطيع التأثير في السياسة الخارجية الدولية، وقوتهم في التأثير على الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت ولسون للمشاركة في الحرب العالمية الأولى بجانب بريطانيا. كل هذه الدوافع جعلت بلفور يشعر بقوة الصهيونية واليهود في ذلك الوقت، وأدرك ان المملكة البريطانية لو استغلت هذه القوة لصالحها وكسبتها لصفوفها سيزيد من قوتها في العالم.

ونظراً معارضة بلفور المستمرة لهجرة اليهود لشرق أوروبا؛ تخوفاً من انتقالهم لبريطانيا، فعندما تولى بلفور وزارة الخارجية في المملكة المتحدة في الفترة من 1916 لـ 1919 أصدر وعده المعروف بـ«وعد بلفور» وأصدره عام 1917 وأصدر رساله ليونيل وولتر دي روتشيلد يشير فيها لتأييد الحكومة البريطانية بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.           أن “بريطانيا حينما أصدرت هذا الوعد أخذت موافقة عدد من الدول”. وفي عام 1948، هجّرت عصابات صهيونية مسلحة نحو 957 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم في فلسطين التاريخية، وأعلنت قيام دولة إسرائيل في 14 مايو من ذلك العام.

 واكتملت سيطرة إسرائيل على كل التراب الفلسطيني وأجزاء من سوريا (الجولان) ومصر (قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء) في العام 1967، حيث اندلعت حرب يونيو ولم تدم سوى 6 أيام. وفي العام 1987 اندلعت الانتفاضة الأولى التي استمرت حتى العام 1993، وفي العام 1994 دخل الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات غزة إثر التوصل لاتفاق أوسلو.

وعلى الرغم من التوصل لاتفاق أوسلو، وما تلاه من مفاوضات، فإن هذا لم يشهد قيام دولة فلسطينية حتى الآن، ومازالت المعاناة الفلسطينية، التي بدأت بما يعرف بـ”النكبة” إثر حرب العام 48، ثم ما بات يعرف بـ”النكسة” بعد حرب يونيو 67، مستمرة حتى الآن.

ووقّعت منظمة التحرير وإسرائيل في عام 1993 اتفاقية أوسلو، التي تأسست السلطة الفلسطينية بموجبها. ووفق الاتفاقية، تعترف السلطة الفلسطينية بإقامة دولة إسرائيل على 78% من أراضي فلسطين التاريخية. أما السلطة، فتحكم قطاع غزة والضفة الغربية فقط.  واليوم، ارتفع عدد اللاجئين الفلسطينيين ليصل إلى 5.9 ملايين نسمة، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي)، مسجل منهم رسمياً لدى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) قرابة 5.3 ملايين لاجئ. وبحسب الأمم المتحدة، يوجد في قطاع غزة والضفة الغربية 32 مخيماً للجوء. مجموع اللاجئين 1.528 مليون يعيشون في 61 مخيماً بغزة والضفة ولبنان والأردن وسوريا. أما الباقي، وهم 3.8 ملايين لاجئ، فهم منتشرون في أرجاء العالم، لا يعيشون في مخيمات. وهناك لاجئون غير مسجلين في منظمة الأونروا الدولية؛ لكونها تعتمد في أرقامها على معلومات يتقدم بها اللاجئون طواعية. ومع استمرار الرفض البريطاني،

قد يهمك ايضاً:

 والتغول الإسرائيلي، والانحياز الأمريكي، يجب على الأمم المتحدة أن تعمل وفق معايير موضوعية، تقوم على مبادئها التي أوجدت عليها، وتحقيق العدالة والمساواة، واحترام القانون الدولي وحقوق الانسان وصن السلم والأمن الدوليين، ولا يوجد في العالم اليوم أكثر عدالة من القضية الفلسطينية، ولازال الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو الأطول في العالم والمستمر حتى الان، فكيف للعالم بعد مائة عام أن يقف صامتا أمام “وعد من لا يملك لمن لا يستحق” . أن الحكومة البريطانية بتأثير النزعة العنصرية الاستعمارية الاستعلائية التي ما زالت تعشعش في الأدمغة السياسية البريطانية الأنجلو سكسونية مصممة على عدم الاعتذار للشعب الفلسطيني لما ارتكبته بريطانيا العظمى الاستعمارية من خطأ تاريخي بحقه وكذلك بعدم تصحيح ذلك بالاعتراف بدولة فلسطين كعضو مراقب في الأمم المتحدة على غرار معظم دول العالم وكل هذا الموقف السياسي الرسمي الأرعن والاحمق الذي تتخذه حكومة تيريزا ماي اليمينية حيث ما زالت تعيش في نطاق عقلية حركة الاستعمار الأوروبي الذي مضى على غير رجعه بانتصار الثورات الوطنية في بلدان العالم الثالث

..يأتي هذا الموقف من هذه الحكومة العنصرية حتى لا تثير غضب واشنطن في عهد ترامب الرئيس الأمريكي الأكثر عنصرية هو الآخر بانتمائه لنظرية تفوق الرجل الأبيض السياسية العنصرية البيولوجية حرصا منه على هيمنة المصالح القومية الأمريكية الامبريالية .. وهكذا ايضا يتضح من سرد هذه الوقائع السياسية المتصلة بوعد بلفور المشؤوم أن بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية في المحصلة النهائية هما دولتان تتقاسمان الأدوار السياسية في نكبة شعبنا الفلسطيني فالأولى أعطت الشرعية للمشروع الصهيوني في مرحلة النشأة والتأسيس والثانية تعطي الكيان الصهيوني الدعم والمساندة التامة من خلال معاهدة التحالف الاستراتيجي كي يحقق هذا المشروع في هذه المرحلة كامل أهدافه العنصرية. .. . .

– على مستوى دولة الاحتلال، لم يتغير شيء منذ نشأتها إلى اليوم، فمواثيق الحماية يقع إحياؤها من خلال معاهدات تسليح واتفاقيات أمنية، يكون فيها أمن «إسرائيل» خطاً أحمر. ولئن كانت الولايات المتحدة، هي الأكثر إعلاناً عن تلك الحماية المباشرة، فإن بقية القوى الغربية لا تتخلف في تنفيذ الواجب الحمائي لهذه الدولة الاستعمارية. وتيريزا ماي التي تقود الشعب البريطاني في ما تسميه حملة التحرر من أوروبا، تصر على إيذاء الفلسطينيين والعرب جميعاً، من خلال احتفالية بمناسبة مرور مئة عام على وعد بلفور، وفي هذه الاحتفالية إعلان صريح عن ولاء بريطانيا لدولة الاحتلال.

في مستوى القضية الفلسطينية، يمكن القول إن مرور مئة عام على الوعد المشؤوم، ليس هناك من جديد سوى أن القضية الفلسطينية قد فقدت وهجها وعنفوانها، ولم تعد قضية العرب الأولى نتيجة المآسي المنتشرة في أكثر من بلد عربي. في حقيقة الأمر، لم يعد لفلسطين من يدعمها بقوة، ويستعد للقتال من أجلها، إلا بعض الحركات المقاومة التي تعاني العزلة والتوصيف بالإرهاب.

على المستوى العربي، لم يكن غرس «إسرائيل» في المنطقة إلا خطوة في مسار طويل، تكون معه الوحدة العربية خطاً أحمر. وكل من حاول تجاوز ذلك الخط أصيب في مقتل. الإسفين الذي تم دقه في جسد الأمة العربية، يساهم في تأجيج الخلافات والانشقاقات.

فقد سارعت حكومة الاحتلال إلى مساندة انفصال الأكراد عن العراق، وعبرت حكومة الاحتلال عن استعدادها للاعتراف بالدولة الكردية لو تم إعلانها. وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن وظيفة هذا الكيان هي تعزيز الانقسامات ودفع الخلافات العربية إلى نقطة اللاعودة. إنه بعد مئة عام عن وعد بلفور، يسعى إلى تحقيق الاختراق الذي لم يتمكن منه.

 إنه اختراق التطبيع مع الدول العربية، وللأسف فإن جدار الصد ألأخير بدأ بالتشقق، وصار التطبيع وجهة نظر، وليس خيانة للقضية. وأن من الواجب على رئيسة وزراء بريطانيا أن تعتذر للشعب الفلسطيني بدلاً من اعتبار هذا الوعد مدعاةً للافتخار!!

 

 

 

 

اترك رد