مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

المصادر الأولية للطاقة في العالم – الغاز الطبيعي

6

بقلم – الدكتور على عبد النبى:

الغاز الطبيعي Natural Gasهو مزيج من مركبات هيدروكربونية، وهو أحد المصادر الأولية للطاقة، فهو مصدر من المصادر الأحفورية والتي تضم الفحم Coal والبترول Oil.

أما عن بداية نشأة البترول والغاز الطبيعي فى باطن كوكب الأرض، فالتفسيرات العلمية ترجح أنه ناتج من وجود نباتات وحيوانات مجهرية كانت تعيش فى البحار والمحيطات منذ ملايين السنين. هذه الكائنات المجهرية، كانت تمتص الطاقة من الشمس، وتخزنها كجزيئات كربون فى أجسامها. وعندما ماتت هذه الكائنات المجهرية فقد غرقت وترسبت فى قاع البحار والمحيطات. وعلى مدى ملايين السنين، تكونت طبقة بعد طبقة من هذه الرواسب وغيرها من النباتات والبكتيريا. ونتيجة ارتفاع درجة الحرارة وارتفاع الضغط الواقع على هذه الكائنات المجهرية لوجودها مدفونة فى أعماق البحار والمحيطات تكوّن البترول والغاز الطبيعى. ودرجة الحرارة هى التى تحدد تشكيل البترول أو الغاز الطبيعى، فمع زيادة درجة الحرارة ينتج بترول أخف فى الوزن، ومع الحرارة العالية يتكون الغاز الطبيعى.

غاز الميثان Methane هو المكوّن الرئيسى للغاز الطبيعى، وغاز الميثان هو أبسط أنواع الهيدروكربونات، وجزىء غاز الميثان يتركب من ذرة كربون وأربعة ذرات هيدروجين CH4، وغاز الميثان النقى هو غاز عديم اللون وعديم الرائحة، وغير سام وأخف من الهواء، ولكن الرائحة المصاحبة لغاز الميثان هى نتيجة اختلاطه مع شوائب مثل الكبريت، ويعتبر غاز الميثان من أهم أنواع الوقود فى العالم.

الغاز الطبيعى الذى يتكون من غاز الميثان فقط يسمى “غاز طبيعى جاف” dry . وعندما يحتوى الغاز الطبيعى على مركبات هيدروكربونية أخرى بخلاف غاز الميثان يسمى “غاز طبيعى رطب” wet. والغاز الطبيعى الرطب يتكون من: أولا، غاز الميثان وبنسبة تتراوح من 70% إلى 90%. ثانيا، غاز الإيثان C2H6 وبنسبة تتراوح من 5% الى 15%، وغاز الإيثان هو أبسط أنواع الهيدروكربونات المشبعة لوجود أكثر من ذرة كربون فى الجزىء، وغاز الإيثان هام جدا فى الصناعة، حيث عن طريق التكسير الكيميائى يتم تحويله الى غاز الإيثيلين. ثالثا، غاز البروبان C3H8 وغاز البوتان C4H10 وبنسبة تقل عن 5%، ويسميان سوائل الغاز الطبيعى Natural gas liquids NGLs وهى تعتبر منتج ثانوى، فغاز البروبان يستخدم كوقود فى وسائل النقل والأفران وكثير من الاستخدامات الحياتية والصناعية، وغاز البوتان يباع فى أسطوانات لأغراض الطبخ وفى ملء ولاعات السجائر، كما يستخدم فى صناعة البتروكيماويات واستخدامات حياتية وصناعية أخرى. رابعا، يحتوى الغاز الطبيعى على كميات ضئيلة من غاز ثانى أكسيد الكربون والنيتروجين والهيليوم والماء وبخار الماء والزئبق وهيدروكربونات مسالة مثل متكثف الغاز الطبيعى (أحيانا يسمى البنزين الطبيعى) والبترول الخام وغاز كبريتيد الهيدروجين وهو غاز قابل للاشتعال كما أنه ذو رائحة نفاذة كريهة كرائحة البيض الفاسد، وهو يستخدم فى التحاليل الكيميائية، كما يدخل فى صناعة بعض الأدوية.

آبار الغاز الطبيعى إما أن تتواجد على اليابسة onshore، أو تتواجد فى البحار والمحيطات offshore، واستخراج الغاز الطبيعى من البحار والمحيطات وخاصة من المياه العميقة – مياه يتراوح عمقها من بضع مئات إلى عدة آلاف من الأمتار- يتطلب خبرات وتكنولوجيات خاصة تختلف عن تلك التى تستخدم على اليابسة، كما أن تكاليف استخراجه أكبر، لأن منصات حفر الآبار البحرية ضخمة جدا وباهظة الثمن. لكن التقدم الكبير فى تكنولوجيات الاستكشاف والحفر ساعد على تسهيل عمليات التنقيب والحفر الاستكشافى واستخراج الغاز الطبيعى من أعماق البحار والمحيطات، وكذا تسهيل عمليات الإنتاج والتخزين فى المناطق البحرية وحتى فى ظل وجود التيارات البحرية الشديدة والعواصف.

هناك ثلاث أنواع مختلفة من حقول إنتاج الغاز الطبيعى، التى يمكننا تصنيفها بشكل عام حسب نوع خزان الغاز الطبيعى في باطن الأرض.

  • “حقول الغاز الجاف” Dry gas fields والتى تتطلب معالجة قليلة جداً لسوائل الخزان اللازمة لإنتاج غاز عالى الجودة لخط الأنابيب.
  • “حقول الغاز المتكثف” Condensate gas fields، حيث يمكن فصل الهيدروكربونات الغازية الثقيلة كسوائل الغاز الطبيعى Natural gas liquids NGLs .
  • حقول بترول يصاحبها غاز طبيعى “غاز طبيعى مصاحب” associated gas، وأحياناً يكون الغاز الطبيعى منفصل عن البترول (يتواجد أعلى البترول)، وهنا يمكن إنتاجه بشكل منفصل، كما يمكن إعادة حقنه مرة ثانية فى البئر مؤقتاً لزيادة إنتاج البترول، أو يكون الغاز الطبيعى مذاب فى البترول.

بمجرد إنتاج الغاز الطبيعى من البئر ينقل إلى وحدات المعالجة. فإذا كان من النوع الجاف dry ومع القليل من الشوائب، فقد يكون كافيا للتحقق من جودة الغاز والتأكد من ضبطه مع الضغط ودرجة الحرارة الصحيحة للمرحلة القادمة من رحلة نقله. لكن سيكون من الضرورى معالجة الغاز “الرطب” wet ، حيث يتم التعامل مع عنصر أو أكثر من العناصر التى يتعين إزالتها لتلبية متطلبات جودة الغاز الطبيعى للنقل.

بعد استخراج الغاز الطبيعى الخام من البئر، وبواسطة تبريد الغاز الطبيعى لدرجة حرارة أقل من نقطة ندى الهيدروكربون (درجة الحرارة التى يبدأ عندها الغاز فى التكثف عند ضغط معلوم) يتم فصل الماء، وقبل التخلص من الماء يتم معالجتها لإزالة كبريتيد الهيدروجين منها. ويتم فصل متكثفات الغاز الطبيعى (قد تحتوى على كبريتيد الهيدروجين وميثيل وإيثيل وثانى أكسيد الكربون والبنزين والتولوين والزايلين والإيثيل بنزين)، والمكثفات تذهب إلى مصفاة تكرير البترول (منتج). بعد ذلك، يتم رفع ضغط الغاز الطبيعى الخام ليتم نقله بواسطة الأنابيب إلى وحدات المعالجة حيث يتم تجفيف الغاز ويتم ازالة الغازات الحامضية (كبريتيد الهيدروجين وثانى أكسيد الكربون) والشوائب الأخرى. الغازات الحامضية، يتم معالجتها لفصل الكبريت (منتج)، والمتبقى من الغازات بعد فصل الكبريت يتم حرقها. الغاز الطبيعى الخام بعد فصل الغازات الحامضية منه يتم تجفيفه ثم يفصل منه الزئبق (منتج)، ثم يفصل منه غاز النيتروجين (منتج). ثم يذهب الغاز لوحدة فصل سوائل الغاز الطبيعى Natural Gas Liquids NGLs ، وهى تلك المركبات الهيدروكربونية وتشمل: الإيثان والبروبان والبوتان والجازولين الطبيعى، وبعد فصل هذه السوائل من الغاز الطبيعى يتم ضخ الغاز الطبيعى فى أنابيب الغاز للمستهلك. يتم فصل سوائل الغاز الطبيعى NGLs بعضهم عن البعض فى وحدات تجزئة، وبذلك نحصل على منتج من غازات الإيثان والبروبان والبوتان والجازولين الطبيعى.

نقل الغاز الطبيعى من المنتج للمستهلك تتم بطريقتين: الطريقة الأولى، عن طريق أنابيب ضغط عالى، عالمية أو وطنية ومنها إلى شبكة أنابيب التوزيع، والطريقة الثانية، عن طريق تحويل الغاز الطبيعى إلى الحالة السائلة “تسييل الغاز” Liquefaction ثم ينقل عن طريق السفن (ناقلات مخصصة) إلى المستهلك، وأصبح تسييل الغاز الطبيعى بنفس أهمية خطوط الأنابيب كوسيلة لنقل الغاز الطبيعى من الدول المنتجة إلى الدول المستهلكة.

قد يهمك ايضاً:

أنور ابو الخير يكتب: أحلام ضائعة

توفر خطوط أنابيب الضغط العالى الدولية روابط مباشرة وموثوقة من المنتجين إلى المستهلكين. ويعتبر خط أنابيب الغاز الطبيعى الذى يربط روسيا مباشرة بألمانيا عبر بحر البلطيق أطول خط أنابيب تحت الماء فى العالم، إذ يبلغ طوله 1200 كيلومتر. لكن أطول خط أنابيب للغاز الطبيعى في العالم ومتواجد على اليابسة يوجد فى الصين، وهو الذى يربط بين إنتاج الغاز فى غرب الصين بالمناطق المستهلكة فى الشرق، وطوله أكثر من 8700 كيلومتر.

لإسالة الغاز الطبيعى يتم تبريده إلى درجة حرارة تقترب من 161 درجة مئوية تحت الصفر. وتشتمل عملية التبريد هذه على ضغط وتكثيف للغاز الطبيعى حتى يتحول إلى غاز طبيعى مسال Liquefied natural gas LNG، ويقل حجمه بمقدار 600 مرة من حجمه الأصلى. وعند الحاجة لاستخدام الغاز، يتم تحويل الغاز المسال مرة أخرى إلى الحالة الغازية وتسمى “تغويز” Regasification، ويتم ذلك فى محطات مخصصة لهذا الغرض، وذلك قبل نقله فى شبكة أنابيب التوزيع.

تعتمد بعض البلدان مثل اليابان وكوريا منذ فترة طويلة على الغاز الطبيعى المسال LNG، وقد أسست أسواقها الناجحة على مجموعة من موردى الغاز الطبيعى المسال. وتجارة الغاز الطبيعى المسال فى نمو مستمر وهناك سوق مزدهرة فى شحنات الغاز الطبيعى المسال، وهناك العديد من الدول الأخرى لديها الآن محطات استقبال للغاز الطبيعى المسال.

ارتفع احتياطى الغاز الطبيعى العالمى المؤكد فى عام 2017 قليلاً، بمقدار 0.4 تريليون متر مكعب أو 0.2٪ ليصبح الاحتياطى العالمى 193.5 تريليون متر مكعب (6831.7 تريليون قدم مكعب). وهذا يكفى لتلبية 52.6 سنة من الإنتاج العالمى حسب مستويات استهلاك عام 2017. وكانت منطقة شرق البحر المتوسط أكبر مساهم فى نمو الاحتياطى بقيمة 0.3 تريليون متر مكعب، فى حين أن منطقة رابطة الدول المستقلة (روسيا وبيلاروسيا وأوكرانيا ومولدوفا وجورجيا وأرمينيا وأذربيجان وتركمانستان وأوزباكستان وكازاخستان وطاجكستان وقيرغيزيا) أضافت كذلك 0.2 تريليون متر مكعب إلى الاحتياطى. وبحسب المنطقة، يحتل الشرق الأوسط أكبر الاحتياطيات المؤكدة وهى 79.1 تريليون متر مكعب، أى بنسبة 40.9٪ من الإجمالى العالمى، يليها رابطة الدول المستقلة بقيمة 59.2 تريليون متر مكعب، أى بنسبة 30.6٪.

كان عام 2017 عاما مثيرا للغاز الطبيعى، حيث ارتفع إنتاج الغاز الطبيعى العالمى بنسبة 4٪ أى بمقدار 131 مليار متر مكعب. وكان نمو الغاز الروسى هو الأكبر بمقدار 46 مليار متر مكعب، ثم إيران بمقدار 21 مليار متر مكعب، وأستراليا بمقدار 17 مليار متر مكعب، والصين بمقدار 11 مليار متر مكعب.

فى عام 2017 ارتفع استهلاك الغاز الطبيعى بنسبة 3٪ أى بمقدار 96 مليار متر مكعب. وكان العامل الأكبر الوحيد الذى قاد الاستهلاك العالمى للغاز هو الزيادة فى الطلب الصينى على الغاز حيث ارتفع استهلاك الصين من الغاز بنسبة تزيد عن 15٪ أى بمقدار31 مليار متر مكعب، وهو ما يمثل حوالى ثلث الزيادة العالمية فى استهلاك الغاز. وفى الشرق الأوسط زاد الاستهلاك بمقدار 28 مليار متر مكعب وفى أوروبا زاد بمقدار 26 مليار متر مكعب، لكن انخفض الاستهلاك فى الولايات المتحدة بنسبة 1.2 ٪ أى بمقدار 11 مليار متر مكعب.

في عام 2017 كان إنتاج الغاز الطبيعى فى أهم عشر دول على مستوى العالم منتجة للغاز الطبيعى (مقدرا بالمليار متر مكعب) هو كالآتى: أمريكا 734.5، روسيا 635.6، إيران 223.9، كندا 176.3، قطر 175.7،  الصين 149.2، النرويج 123.2، استراليا 113.5، السعودية 111.4، الجزائر 91.2.

أما عن الدول العشر الأكثر استهلاكا على مستوى العالم للغاز الطبيعى خلال عام 2017 (مقدرا بالمليار متر مكعب)، فقد كان كالآتى: أمريكا 739.5، روسيا 424.8، الصين 240.4، إيران  214.4، اليابان 117.1، كندا 115.7، السعودية 111.4، ألمانيا 90.2، المكسيك 87.6، انجلترا 78.8.

فى عام 2017 كان الإنتاج السنوى لمصر من الغاز الطبيعى هو 1730.4203 مليار قدم مكعب، أى بواقع 4.741 مليار قدم مكعب يوميا. وكان الاستهلاك السنوى لمصر من الغاز الطبيعى هو 1977.6232 مليار قدم مكعب، أى بواقع 5.42 مليار قدم مكعب يوميا.

مع دخول حقل ظهر وشمال الاسكندرية فى إنتاج الغاز الطبيعى، فقد وصل إنتاج مصر من الغاز الطبيعى حاليا إلى 6 مليار قدم مكعب يومياً، واستهلاك مصر من الغاز الطبيعى وصل إلى 6.3 مليار قدم مكعب يومياً.

لكن مع نهاية عام 2018، فسوف يصل إنتاج مصر من الغاز الطبيعى إلى 6.8 مليار قدم مكعب يومياً، أى سيصبح هناك فائض مقداره 0.5 مليار قدم مكعب يومياً، وهى بداية الخير لمصر.

أشكركم، وإلى أن نلتقى فى مقالة أخرى لكم منى أجمل وأرق التحيات.

 

 

اترك رد