مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

التحديات السياسية والأمنية التي تهدد الاستقرار في افريقيا

0

بقلم – الدكتور عادل عامر:

محاضرة

سوف تلقي في برنامج الدورة المقررة يوم الخميس الموافق 26 ابريل 2018 في معهد تدريب الاعلاميين الافارقة والتي تضم ( 25 ) صحفي افريقي من الناطقين باللغات الانجليزية والفرنسية بالإضافة الي عدد من ممثلي المؤسسات الصحفية المصرية .

 

المقدمة: –

واذا كان الربيع الافريقي اسبق من نظيرة العربي بنحو ثلاثة عقود كاملة فان الاسباب في كلتا الحالتين تبدو في مجملها متشابهة حيث عاني كل من العرب والافارقة التهميش الاقتصادي والتسلطية السياسية والشعور بالاغتراب ولعل من ابرز التأثيرات السلبية لثورات الربيع العربي في الشمال الافريقي هي تدفقات الاسلحة والمقاتلين عبر الحدود وهو ما يهدد الامن والاستقرار الاقليمي في افريقيا ونظرا لعدم وجود منظومة امنية قارية قادرة علي التعامل مع هذه المخاطر الامنية . فتشهد منطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا حراكا سياسيا واستراتيجيا وأمنيا واقتصاديا كبيرا، نظرا لما تمتلكه من موقع حيوي وفاعل لدى كل الأطراف المتنازعة أو الفاعلة في المنطقة،

ولما تمثله من عمق استراتيجي للمنطقة العربية حولها متمثلة بمصر والسودان في أفريقيا من جهة، والسعودية واليمن في الخليج العربي من جهة أخرى، والمنطقة تعاني من تدخل وأطماع أجنبية غربية وشرقية وإسرائيلية تسعى إلى السيطرة عليها سياسيا واستراتيجيا وأمنيا واقتصاديا.

والوضع القائم في المنطقة يؤثر بشكل مباشر على العمق العربي، إلا أن ظهور هذا التأثير قد لا يظهر إلى بعد زمن، لاعتبارات سياسية وجغرافية وداخلية. ولوصف الواقع القائم في منطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا بشكل دقيق وموضوعي، والحديث في مستقبله ودور النظام العربي في التعامل معه،

مازالت القارة السمراء تواجه تحديات كبيرة على الصعيد التنموي، على الرغم من أنها حققت تقدما اقتصاديا على مدى العقد الماضي، والذي يعد أفضل عقد لها خلال السنوات الخمسين الماضية، إذ إن التفاوت الاقتصادي في معظم بلدان القارة الإفريقية يهدد النمو الاقتصادي المتسارع في الآونة الأخيرة، وينذر بمخاطر عدم الاستقرار ما لم تعالج مشاكل البطالة والجوع، خصوصا

وان التوقعات تشير بتفاقم انعدام الأمن الغذائي في شرق منطقة القرن الأفريقي الذي يعد إنذارا مبكرا لتفاقم أزمة المجاعة، وكذلك اتساع الهوة الكبيرة بين الأغنياء والفقراء، ناهيك عن المستوى التعليم المتردي وارتفاع معدلات النمو السكان وغيرها الكثير من المخاطر والتحديات.

في المقابل هناك مؤشرات ايجابية قد تحد من تلك التحديات كالإمكانيات الزراعية الكبيرة المتوفرة في أفريقيا التي يمكنها النهوض بالقارة اقتصاديا واجتماعيا، الى جانب الاستثمار بالموارد الطبيعية كما الحال مع مستثمرو الشرق الأوسط الذين بدوا التوجه الى إفريقيا والاستثمار فيها وكذلك المنح الدولية العالمية وخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية والصين.

أن النمو الاقتصادي ليس نهاية المطاف في حد ذاته في القارة، بل وسيلة لتحقيق كل أهداف التنمية المرغوبة في إفريقيا، وأنه حان الوقت للدول الأفريقية للاضطلاع بدور محوري في الاقتصاد العالمي، وتولى الحكومات دور القيادة في عملية التنمية بدولها، فهناك حاجة ماسة لتعزيز الإنتاج الزراعي بشكل خاص لحل مشاكل كثيرة في القارة السمراء تتعلق بنقص الغذاء، إذ يتطلب تحقيق هذا الهدف قيادة قوية وحاسمة، حتى يتسنى للقارة مواصلة مسارها في التنمية.

لان التعويل على الدور الذي من المفترض أن تلعبه القوى الدولية والمنظمات التمويلية العالمية في دفع المحاولات والجهود الأفريقية المبذولة بغية دعم العمل الاندماجي الإقليمي على المستوى القاري وصولاً إلى تحقيق أعلى مستويات التكامل الأفريقي ذلك مرجعه إرث ثقيل وخبرة تراكمت عبر العصور تفيد أن هذه القوى وتلك التنظيمات لن تصب سياساتها مطلقاً في صالح القارة الأفريقية،

ولن تراعي بأية حال خصوصية البنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأفريقية بل على العكس تماماً، ستسهم في تحقيق مزيد من التبعية السياسية والاقتصادية الأفريقية لها ما يكرِّس استنزافها لموارد القارة، وعندما يكتسب العنف بعداً إقليمياً (بين الدول) فإنه يزداد عدد الممثلين واللاعبين وتتعدد مصالح الأطراف المتحاربة ويصبح الحل أكثر تعقيداً وتكون هناك أثاراً كبيرة ومتعددة على الأمن ورفاهية المواطنين.

اولا: التحديات الامنية

فعلى مستوى التحديات الأمنية: فإن القارة الإفريقية تعرف صراعات وبؤر توتر، حيث توجد 22 دولة على الأقل تعاني من الصراعات والحروب الداخلية كدولة إفريقيا الوسطى، والتي قام المغرب في إطار المبادرات التضامنية المعروف بها بإرسال وحدة من الجيش المغربي المشهود له بالكفاءة والحزم إلى هذه الدولة لمساعدتها على الاستقرار والمحافظة على الممتلكات، وهذه المشاكل الأمنية الكبرى من بين الدوافع التي ساهمت إلى جانب أسباب أخرى في إنشاء دول الساحل والصحراء، كتكتل إفريقي إقليمي.

 

إن المشاكل الأمنية التي تشهدها البلدان الإفريقية، والتي تحول دون تحقيق الأمن والاستقرار الضروريين لأي تقدم ونمو، لم تكن وحدها من التحديات والعراقيل التي تواجه دبلوماسيتنا بشقيها في إفريقيا، وتظل أهم تلك المشاكل هي غياب مفهوم الدولة الوطنية، وروح التضامن مما يغذي الصراع والنزاع بين الفصائل والعشائر القبلية، فينتج عن ذلك، تنازع الفرقاء للاستفراد بالسلطة والثروات والخيرات، مما يؤجج الروح العدائية لدى المواطنين، فالمواطنة لم تجد طريقها للعديد من الدول الإفريقية، كل هذا كان عائقا أمام دبلوماسيتنا الموازية في تحقيق الأهداف المرجوة وعلى رأسها تحقيق التنمية في البلدان الإفريقية.

فقد شكلت التحديات الأمنية العابرة للحدود، دائما، محور نقاش، دون إحراز تقدم ملموس أمام التهديد الإرهابي الذي اجتاح المنطقة، والمثير للقلق على أكثر من صعيد، وذلك في غياب استراتيجيات منسقة وفعالة في إطار تعاون جنوب -جنوب متضامن وفاعل كفيل بحمل إجابة جماعية لقضايا السلام والاستقرار من أجل تحقيق التنمية المستدامة وهكذا، أصبحت آفة الإرهاب، التي لم تكن معروفة نسبيا بالقارة الإفريقية في السابق، تشكل في غضون سنوات قليلة تحديا رئيسيا لدول القارة، وذلك بالنظر إلى طبيعتها وتطورها الحالي، مستغلة بذلك امتداد الحدود وعدم قدرة الدول على مراقبتها، بالإضافة إلى انتشار أسلحة، وبؤر التمرد والنزعة الانفصالية وعودة الصراعات العرقية.

وقد خلقت كل هذه العوامل مجتمعة، حلقة مفرغة من انعدام الأمن والنزاعات، مما أسهم في توفير أرضية خصبة للتهديدات متعددة الأشكال ساهم في تكريسها شعور الإحباط واليأس لدى السكان جراء المعاناة الاجتماعية (الفقر والفساد والظلم) التي تقوض جهود أفريقيا من أجل الانتشار والنمو في مناطق شاسعة من القارة. تتطور ظاهرة الإرهاب في إفريقيا، حسب تطور حركة التفاعلات السياسية والاقتصادية الكبرى في إفريقيا، إذ تأثر تطور ظاهرة الإرهاب إلى حد بعيد بالموروث الاستعماري والنشأة الاصطناعية للدولة في إفريقيا، كما تداخل الإرهاب مع ظواهر وتطورات أخرى، مثل الحروب الثورية، والحروب الأهلية، والحروب بالوكالة وغير ذلك، بحيث كان الإرهاب أحد أشكال العنف المستخدم كجزء من تلك التطورات الكبرى في إفريقيا.

فقد شهدت إفريقيا في العقد الأخير، تطورًا ملحوظًا في هذه القضية، متمثلاً في تزايد الحركات والجماعات، وارتفاع نسبة العمليات الإرهابية، ووفقًا لبعض الإحصاءات فإن معظم هذه الجماعات ينتشر من أقصى الساحل الإفريقي بالغرب إلى أقصى الساحل الإفريقي في الشرق، ولا يقتصر هذا الانتشار المرعب للإرهاب في القارة على منطقة بعينها، بل لا تخلو منطقة من مناطق القارة من وجود تهديد إرهابي، فهناك أكثر من 5000 إفريقي من جنسيات مختلفة ينشطون مع الجماعات الإرهابية في القارة وفي مناطق النزاعات المسلحة الأخرى، إذ تضم 64 منظمة وجماعة إرهابية ينتشر معظمها في شرقها. ومع ذلك يمكن القول إن قوَّة وفاعلية الجماعات الإرهابية في القارة تختلف من منطقة إلى أخرى، كما أن تداعياتها أيضًا تختلف من دولة إلى أخرى.

وللإرهاب انعكاساته على بلاد الشرق الإفريقي، بسبب تلك الصلة الوثيقة بين الإرهاب وأداء النظام السياسي، وتأتي الانعكاسات الأمنية التي تعتبر هي الأخطر على الإطلاق للعمليات الإرهابية بحكم ما تسببه من حالة انعدام الأمن، وإظهار عجز السلطة الأمنية في الدول المستهدفة عن التصدي للعمليات الإرهابية، وهو ما يتسبب بدوره في إحراج حكومات تلك الدول بشدة.

وتعتبر الانعكاسات الاقتصادية للعمليات الإرهابية من بين الانعكاسات الأكثر وضوحًا وتأثيرًا على الدول المستهدفة، بحكم ما تتركه تلك العمليات من آثار مباشرة على حركة الأفراد والأموال، فضلاً عن تأثيرها على المناخ الاستثماري بها، ويكون قطاع السياحة الأكثر تضررًا في الدول بالنظر إلى أن أغلب العمليات الإرهابية تستهدف السياح الأجانب والمناطق السياحية.

كما تؤدي العمليات الإرهابية إلى توجيه مخصصات أكبر لأغراض الأمن والدفاع بما يمثل استقطاعًا من الموارد التي يمكن توجيهها نحو أغراض تنموية أخرى. ورغم عودة الاهتمام الإفريقي بقضايا مكافحة الإرهاب إلى فترة طويلة مضت، فإن هذا الاهتمام ظل يتطور ببطء شديد على الساحة الإفريقية، وهو ما ينطبق على منطقة شرق إفريقيا، التي شهدت تطورًا في ظاهرة الإرهاب إلى مستويات نوعية بالغة الخطورة.

فالعمليات الإرهابية التي وقعت على أراضيها مؤخرًا، تشير إلى أن الإرهاب فيها ينقسم إلى قسمين: الأول يعتبر “إرهابًا وافدًا”، يسعى إلى استخدام الأراضي الإفريقية لتنفيذ مخططاته ضد دول خارج إفريقيا، وهو ما سمي بالإرهاب الدولي”، والثاني هو “الإرهاب المحلي” الذي يجري في إطار الحروب الأهلية والصراعات الداخلية المسلحة في إفريقيا.

فتطورات الأحداث في ليبيا والوضع غير المستقر بشكل نهائي في مالي، بالإضافة إلى الأزمات التي تعيشها كل منطقة الساحل والصحراء، أصبحت تداعياتها تؤثر سلبا على الاستقرار والأمن الإقليمي والعالمي.

إن الرهان الأساس يكمن في تنظيمات المجتمع المدني في الدول الأفريقية في طرح القضايا الخلافية وفتح قنوات للحوار والتواصل بين الدول الأفريقية لإنجاح جُل المحاولات الرامية للاندماج الإقليمي، كما يُعوَّل كثيراً على دور رجال الأعمال الأفارقة والقطاع الخاص لإعطاء دفعة قوية للعمل الاندماجي بالقارة.

وقد أدى تنامي قدرة الجماعات المتطرفة في أفريقيا من قبيل القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا (موجاو)، وجماعة بوكو حرام بشمال نيجيريا، وحركة الشباب المجاهدين في الصومال، إلى دق ناقوس الخطر ضد آفة الإرهاب التي تهدد، في الوقت الحاضر، الأمن والاستقرار والتنمية الاجتماعية والاقتصادية في أفريقيا. من ناحية أخرى، مكن احتلال شمال مالي من قبل الجماعات الجهادية التابعة لتنظيم القاعدة سنة 2012، من التسليم بشكل راسخ، أنه ليس بمقدور أية دولة أن تواجه التهديدات الإرهابية لوحدها لكون هذه الظاهرة تتطلب تعاونا مكثفا وشاملا بين الدول.

وبالرغم من طردهم من شمال مالي بفضل تدخل دولي، لازال الجهاديون نشطون في كافة المنطقة، حيث أثبتوا أنهم ليسوا في حاجة إلى السيطرة الميدانية للحفاظ على قدرتهم الهائلة على زعزعة الاستقرار.

فمنذ بداية الأزمة في مالي، ارتفعت العديد من الأصوات، ومنها المغرب، للمطالبة بضرورة وضع أسس لتعاون وثيق للحد من التهديد الإرهابي، عبر مقاربة شمولية ومندمجة، مع الأخذ بعين الاعتبار بشكل منسق ومتزامن، كل التهديدات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها منطقة الساحل والصحراء.

تعتبر الهجرة غير الشرعية والإرهاب والمتاجرة في البشر والسلاح والمخدرات، مجموعة فواعل مشتركة تعمل على تهديد الاستقرار والأمن ليس في المنطقة فقط وإنما تداعياتها اصبحت مخترقة للحدود وتصل إلى الدول الغربية.

أن “التحديات التي ظلت لوقت طويل مجزأة، أضحت اليوم مترابطة فيما بينها مما يفرض ضرورة وضع آليات لمعالجة إشكالية الإرهاب بجميع أبعاده”. وهذا يؤكد النظرية القائلة إن تناسل ونشاط التنظيمات المتطرفة في منطقة الساحل والصحراء، يمكنها أن تهدد استقرار المناطق المجاورة وعلى رأسها إفريقيا الغربية.

المعروف أن انهيار المنظومة الأمنية لبعض دول المنطقة ورخاوة الحدود، أرخى بظلاله على استمرار الأزمات المتداخلة الخطوط والمتعددة اللاعبين والمتدخلين مناطقيا ومصالحيا.

ولا يخفى أن هذه الوضعية تستغلها جماعات متطرفة تتغذى على عدم التنسيق الدولي والإقليمي الجاد في محاربتها وحتى إن كان ففي أدنى مستوياته، نظرا لكون بعض دول المنطقة لا تريد التخلي عن عقدة الحرب الباردة واستعداء الجيران على حساب الأمن والاستقرار.

الخطير هو تحالف جماعات متطرفة مع مافيات المخدرات وتهريب الأسلحة والبشر، تحالف يهدد دولا ويعمق فشل دول أخرى.

انطلاقاً من مفهوم الأمن القومي يتضح أن منطقة الصراع في القرن الإفريقي تعد على جانب كبير من الأهمية نظراً إلى ارتباطها المباشر بالأمن العربي عموماً، وكذلك تأثيرها الملموس في المصالح الحيوية لبعض الأقطار العربية الفاعلة في آليات هذا الصراع سواء بشكل مباشر مثل الصومال والسودان، أو بشكل غير مباشر مثل مصر ومن ثم فإن التغيرات التي شهدتها المنطقة منذ بداية التسعينيات ينبغي التعامل معها في ضوء هذه الاعتبارات،

 على أنه تجدر الإشارة بداءة إلى أمرين هامين:

أولهما: أنه نتيجة التناقض السياسي والأيديولوجي السائد في الوطن العربي، فإن المصالح القُطرية لكثير من البلدان العربية في المنطقة قد لا تكون متطابقة أو تابعة من الأهداف القومية العليا.

ثانيهما: ترتبط منطقة القرن الإفريقي ومنطقة الخليج بروابط استراتيجية وثيقة لا يمكن التقليل من أهميتها. وتؤكد الشواهد التاريخية مدى عمق هذه الروابط؛ فمنذ نحو قرن ونصف طلب أحد سلاطين الصومال من أحد أمراء القواسمة في الخليج أن يمر الأسطول التجاري القاسمي بالسواحل الصومالية في طريقه إلى شرق إفريقيا.

وبذلك تسهم القوة البحرية مع القوة البرية الصومالية في الدفاع عن الحزام الجنوبي للوطن العربي والإسلامي.

بالنسبة إلى تأمين كل من السودان والصومال وجيبوتي من مصادر التهديد المختلفة، فإنه يمكن القول إن هذه الدول الثلاث تشكل دعائم هامة للحزام الأمني الجنوبي للبلدان العربية في إفريقيا. فمن المعروف أن السودان يمثل نقطة تلاقي المصالح العربية والإفريقية.

كما أن تأثير الصراعات في منطقة القرن الإفريقي في الوطن العربي في عمومه إنما يكون عبر السودان. لقد باتت الرؤية الامريكية الجديدة لشرق أفريقيا تقوم على اساس اعتقاد مفاده انه على الرغم من اهمية المنطقة استراتيجيا وثرائها في الموارد الطبيعية، فإنها تشكل ملاذاً امناً للإرهاب وهناك تهديدات محتملة للمصالح الامريكية،

إن استراتيجية القوة الصلبة لم تعد كافية للتعامل مع التنظيمات المتطرفة والإرهابية، بل اقتضت الظروف إدماج القوة الناعمة التي تتجلى في خطط التنمية والحلول السياسية والفكرية وتقوية الاقتصاد المحلي والاهتمام بالفرد واحتياجاته لتجفيف منابع تلك التنظيمات. الأكيد هو أن محدد القوة الصلبة لا يمكنه أن يصمد أمام مخاطر الإرهاب بمنطقة الساحل والصحراء، الشيء الذي يستلزم تعزيزها بقوة ناعمة أكثر فعالية لتقويض أركانه وعزل عوامل تطوره.

وذلك بوضع حد للصراعات سياسيا بالحوار بين الفرقاء، إلى جانب تقوية النسيج المجتمعي بالمشاريع التنموية الاقتصادية المدرة للدخل والاهتمام بتحسين الظروف المعيشية للمواطن بمحاربة الفقر والتهميش الاجتماعي.

سياسيا فمحاصرة التهديدات الصاعدة الناتجة عن التطرف والإرهاب، يتم بتحيين الحكامة وتقوية دولة القانون، وإعطاء فرصة حقيقية للتعاون الإقليمي بزيادة التنسيق بين دول المنطقة والدول المعنية. فإفريقيا تحتاج إلى منح مالية مهمة وتضامن أخلاقي ومراعاة ظروفها الاقتصادية ومساعدتها على الاندماج في الاقتصاد العالمي.

كما تمثل منطقة القرن الأفريقي مصدر تهديد للأمن القومي المصري في ظل غياب دولة قوية في الصومال وتفتيت هذه الدولة لعدة أقاليم منفصلة عن بعضها البعض ومتحاربة منذ بداية تسعينيات القرن العشرين وحتى الان،

ويتمثل هذا التهديد في عرقلة الملاحة في البحر الاحمر وقناة السويس بما يؤثر بالسلب على مصر من خلال عمليات القرصنة، كما ان الوجود العسكري المباشر لأمريكا وفرنسا من قواعدها العسكرية في جيبوتي أو في قاعدة دييجو جارسيا وأساطيلها في المحيط الهندي يمثل تهديدا خطيرا لأمن مصر والدول الافريقية المطلة على البحر الأحمر،

إن أخطر ما يواجه مصر في المرحلة الحالية الارهاب العابر للحدود الذي يؤثر بشكل مباشر على امن واستقرار الدولة، ولذا أخذت القوات المسلحة على عاتقها تطهير الأراضي المصرية من تلك الجماعات في الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة، ومحاصرة والقضاء عليه وخاصة في سيناء والمنطقة الغربية.

وعليه فان على الولايات المتحدة الامريكية ان تتحالف مع دول المنطقة ومع الدول الصديقة من خارج المنطقة ولاسيما (اسرائيل) من اجل اجتثاث ما تسمية جذور الارهاب يعنى ذلك ان الوجود الأمريكي والإسرائيلي المكثف سوف يلقى بظلال سلبية على منظومة التوازن الإقليمي في شرق أفريقيا وعلى حقيقة التعاملات الحركية العربية والافريقية عموما.

لذلك: تعاني أفريقيا بشكل كبير من الصراعات والعنف المسلح، ويكلف النزاع المسلح أفريقيا حوالي 28 مليار دولار سنوياً وبالتالي فإن ذلك يمثل عائقاً خطيراً للتنمية في أفريقيا. وبالمقارنة مع الدول التي تنعم بالسلام، فإن ما نسبته 50% من حالات الوفاة للأطفال توجد في الدول الأفريقية التي تعاني من الصراعات وكذلك فإن 15% من الناس يعانون من سوء التغذية وانخفاض ومتوسط العمر المتوقع بمعدل خمس سنوات ــ نسبة الأمية تقدر بــ 20% بين الكبار.

كما أن الدول التي تشهد صراعات أو تلك التي تعيش للتو حالة ما بعد انتهاء الصراعات فيها تخلق أعداد هائلة من النازحين الذي يتركون بلدانهم بحثاً عن سبل عيش أفضل لأن اقتصاديات الدول التي تعيش مرحلة ما بين الصراعات توفر فرصاً عيش محدودة لمواطنيها.

اذ أن عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ترتبط -اليوم -ارتباطا وثيقا بالاستقرار والأمن السياسي، فقد اهتمت اوروبا بعملية (هلسنكي) في تحقيق الاتحاد الاوروبي وتعميق التكامل الاقتصادي والسياسي.

وما كان يمكن أن يتيسر لنمور آسيا ان تبلغ مستوى النمو الاقتصادي الذي وصلته، لولا تأسيسها -مسبقا -آليات فض النزاعات التي استطاعت ان تحقق حالات استقرار أمنى وسياسي في المنطقة، حيث أمكن في ظلها تحقيق الطفرة الاقتصادية الكبرى التي مثلت معجزة عظمى.

والإطار الاخر الذي يجب أن تشمله اعادة الهيكلة المؤسسية، هو نظم الحكم ومفاهيم الدول الافريقية حول البعد الشعبي في عمليات التنمية، فمن أهم أسباب فشل برامج ومشروعات التنمية الاقتصادية في كثير من الدول الافريقية، انها تمت بقرارات فوقية في إطار التخطيط المركزي، او بإملاءات من الممولين الخارجيين، او من خلال برامج مفروضة على الحكومات، كما يجب ان تشمل اعادة الهيكلة المؤسسية توازن الاقتصاد الكلي ومصادر التمويل.

كما تتطلع هذه الدول التي تعاني من ضعف قدراتها العسكرية والامنية الي مشاركة مصر لها في تدريب جيوشها واجهزتها الامنية المختلفة بما يمكن ان يسهم في دعم امنها من خلال الاعتماد علي قائد اقليمي ينأي بها بعيدا عن الصراعات الدولية والاقليمية .

فدول القارة الافريقية تحتاج للميزات النسبية الي تسهم بها السياسية الخارجية المصرية ومن اهمها الخبرات المصرية الواسعة في تسوية الصراعات حيث تعاني الكثير من دول حوض النيل في ازمات مرتبطة بالفشل في الانتقال السلمي للسلطة وخلال السنوات الاخيرة تعرضت كينيا وبورندي لاضطرابات ومواجهات دامية نتيجة لهذه الازمات كما تشهد اثيوبيا ما بين الحين والاخر احتجاجات شعبية واسعة

ولا تزال الكونغو الديمقراطية تعاني من عوامل مختلفة لعدم الاستقرار حيث اجبرت هذه العوامل 1,7 مليون شخص علي النزوح عن اماكن سكناهم خلال عام 2017 هي الدولة الاكثر تضررا في العالم من النزوح نتيجة النزاع كما يعاني ما يقرب من 7 مليون شخص في الدولة من ازمة توفير الغذاء .

ثانيا: -التحديات السياسية

تعاني أفريقيا بشكل كبير من الصراع والعنف المسلح اللذين تسببهما العديد من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وترتبط معظم الصراعات، بالحدود والنزاعات الإقليمية والحروب الأهلية والصراعات الداخلية التي لها تداعيات دولية الى جانب الصراعات السياسية والأيديولوجية؛ والمطامع ونزعات الانفصال الى جانب اشياء اخرى كثيرة.

وقد ادت هذه الصراعات الى سقوط الكثير من الاصابات والوفيات البشرية، الى جانب ارتفاع مستوى الأمية بين صفوف الكبار، كما سببت في حدوث موجات من اللجوء والنزوح الداخلي، والخسائر الزراعية واستنزاف ايرادات السياحة، الخ. يكتسب القرن الأفريقي أهميته الاستراتيجية من كون دوله تطل على «المحيط الهندي من ناحية، وتتحكم في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر حيث مضيق باب المندب من ناحية ثانية؛

ومن ثم فإن دوله تتحكم في طريق التجارة العالمي، خاصة تجارة النفط القادمة من دول الخليج والمتوجهة إلى أوروبا والولايات المتحدة. كما أنها تُعدّ ممراً مهماً لأي تحركات عسكرية قادمة من أوروبا، أو الولايات المتحدة في اتجاه منطقة الخليج العربي.

ولا تقتصر أهمية القرن الأفريقي على اعتبارات الموقع فحسب وإنما تتعداها للموارد الطبيعية، خاصة البترول الذي بدأ يظهر في الآونة الأخيرة في السودان، وهو ما يعد أحد أسباب سعي واشنطن تحديداً لإيجاد حل لقضية الجنوب، وكذلك في الصومال».

أضف إلى ذلك قربه من جزيرة العرب بكل خصائصها الثقافية ومكنوناتها الاقتصادية، علاوة إلى ما فيه من جزر عديدة ذات أهمية استراتيجية من الناحية العسكرية والأمنية.

وتكتسب منطقة القرن الأفريقي أهمية خاصة للدول الكبرى نظرا لموقعها الاستراتيجي (سواء أكان الحديث عن المنطقة بمفهومها التقليدي الذي يضم 4 دول فقط، هي أثيوبيا وجيبوتي والصومال وإريتريا)، أو بمعناها الواسع أو الجغراسياسي؛ حيث يدخل في إطار هذا المعنى الدول ذات المصالح أو النزاعات مع دول القرن التقليدية.

وفي هذا الوضع يمتد نطاق القرن الأفريقي ليضم السودان وكينيا وأوغندا. ولعل هذا المعنى الأخير هو الذي يدخل في إطار سياسة الولايات المتحدة التي تروج في الآونة الأخيرة لإقامة منطقة القرن الأفريقي الكبير.

فالقرن الأفريقي يكتسب أهمية حيوية من الناحية الجغرافية؛ نظرا لأن دوله تطل على المحيط الهندي من ناحية، وتتحكم في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر حيث مضيق باب المندب من ناحية ثانية.

ومن ثم فإن دوله تتحكم في طريق التجارة العالمي، خاصة تجارة النفط القادمة من دول الخليج والمتوجهة إلى أوربا والولايات المتحدة. كما أنها تُعد ممرا مهما لأي تحركات عسكرية قادمة من أوربا أو الولايات المتحدة في اتجاه منطقة الخليج العربي.

ولا تقتصر أهمية القرن الأفريقي على اعتبارات الموقع فحسب، وإنما تتعداها للموارد الطبيعية، خاصة البترول الذي بدأ يظهر في الآونة الأخيرة في السودان، وهو ما يعد أحد أسباب سعي واشنطن تحديدا لإيجاد حل لقضية الجنوب. وكذلك في الصومال. لان بروز الدور الأمريكي والإسرائيلي في منطقة الشرق الأفريقي مع تراجع او تجميد الدور الأوربي ينطوي على مخاطر جمة بالنسبة الى منظومة الامن القومي العربي والافريقي اذ لم يعد التأثير الصهيوني على السياسة الامريكية قاصراً على القضية الفلسطينية وانما تجاوزها ليشمل على مناطق اخرى من العالم وهو ما يعنى اعادة ترتيب خريطة التوازنات الاقليمية في هذه المناطق بما يخدم مصالح كل من الولايات المتحدة واسرائيل وذلك على حساب أطراف اخرى

رغم تعدد الضرورات المُلحَّة للاندماج الإقليمي الأفريقي، التي توفِّر منطلقاً أساسياً يمكن الركون إليه لتعزيز الاندماجية الإقليمية في القارة تمهيداً لتحقيق تكامل أفريقي، إلا أن الجهود الاندماجية بالقارة الأفريقية لم تؤتِ أُكلها حتى وقتنا الحاضر على الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الأفريقي كون هذا العمل الاندماجي الإقليمي يعاني جملة من العراقيل التي تحد كثيراً من فاعليته.

قد يهمك ايضاً:

تحليل سوات والحياة اليومية للمواطن

انور ابو الخير يكتب: لا شيء يستحق الحداد

المعوِّقات السياسية، وتنصرف إلى:

  • فقدان الإرادة السياسية الحقيقية الرامية للاندماج، وهيمنة الطابع الفوقي المتمثِّل في النخبة السياسية والمسئولين الرسميين الحكوميين للدول الأعضاء بالمنظمات الإقليمية الفرعية الأفريقية على عملية صنع القرار بشكل أغفل كثيراً دور النخبة الفنية المتخصصة في رسم وصياغة السياسات العامة وقرارات تلك المنظمات.
  • عدم المواءمة والتنسيق بين البرامج والسياسات التي تتبنَّاها المنظمات الإقليمية الفرعية بالقارة من جهة والسياسات والبرامج الوطنية المطبَّقة على المستوى الوطني للدول الأعضاء في تلك المنظمات والتكتلات الإقليمية فضلاً عن تعنُّت الحكومات الأفريقية ورفضها للتنازل عن بعض اختصاصاتها وسلطاتها لصالح التنظيم الإقليمي.
  • غياب سلطة فوق وطنية تعلو فوق السلطة الوطنية لحكومات الدول الأعضاء للمنظمات الإقليمية الفرعية بالقارة، وهذا الأمر قد قاد بدوره إلى ترسيخ ثقافة عدم الاكتراث أو الخضوع للبروتوكولات والقرارات التي يرتِّبها العمل الاندماجي الإقليمي بالقارة،

فضلاً عن عدم وجود عقوبات رادعة حال مخالفة تلك الترتيبات الإقليمية، الأمر الذي يؤدي إلى الحيلولة دون اتخاذ قرارات ذات فاعلية على المستوى الإقليمي. ان دول المنطقة تعاني في معظمها من مشكلات الحدود والتداخل الاثني حيث لا تخلو حدود أي من دول المنطقة من مطالبات بأحقية هذا الطرف أو ذاك في أراضي تابعة للطرف الآخر على أسس تاريخية أو قومية أو أثنية.

وتشير الأحداث التي تشهدها منطقة القرن الأفريقي إلى استمرار سلسلة الانشقاقات والخلافات التي عانت منها دول المنطقة داخليًّا وإقليميًّا عبر تاريخها، الأمر الذي جعل التنافس والصراع هما السمة الغالبة على شبكة العلاقات الداخلية والإقليمية لدول هذه المنطقة، يعبر عن ذلك اختلاف الهويات الثقافية الوطنية الرسمية لهذه الدول ما بين العروبة والأنجلوفونية والفرانكفونية والصومالية والأمهرية والتيجرينية.

يساعد على ذلك ويفاقمه اختلاف توجهات أنظمة الحكم وممارساتها الداخلية بين دول المنطقة، الأمر الذي جعل من منطقة القرن الأفريقي ساحة للتوتر والحروب، علاوة على ما شهدت من آنٍ إلى آخر من كوارث طبيعية كالجفاف والتصحر والمجاعات،

الأمر الذي يلقى بظلاله الكثيفة من الشك حول مستقبل المنطقة كلها في ظل تلك الظروف وهذه السياسات والصراعات التي تستنزف الموارد في أتون الصراعات الداخلية والحروب البينية التي تحد من إمكانيات التعاون والتنمية بها.

إن دور الاقتصاد مهم للغاية في عملية تحقيق الاستقرار السياسي، فتحقيق النمو الاقتصادي الملموس يساهم في الحد من الفقر والبطالة والتضخم، ومن شأن ذلك دون شك المساهمة الفاعلة في تحقيق الاستقرار السياسي، الطابع اللامتماثل والعابر للحدود” للظواهر الجديدة من انعدام الأمن،

حيث أن تدني وتراجع الاقتصاد الوطني وارتفاع معدلات البطالة والفراغ لدى شريحة اجتماعية كبيرة يؤدي طرديا إلى زيادة معدلات الجريمة، ومن ثم الاستياء العام الذي يهدد الاستقرار الاجتماعي ويزعزع الاستقرار السياسي للدولة

واجه الساحل الإفريقي مجموعة من التحديات الأمنية المترابطة فيما بينها، في مقدمتها ما تثيره علاقة الارتباط الوثيق بين نشوب الصراعات الداخلية في دول الساحل الإفريقي، وامتلاك هذه الأخيرة للموارد الأولية، وهو ما يظهر جلياً في عديد الحالات على غرار تمرد الطوارق للمطالبة بتوزيع عادل للثروات والاستفادة من عائدات اليورانيوم في النيجر، وفي نيجيريا أدت الموارد النفطية دوراً مغذياً للصراع، فقد شهدت منطقة (دلتا النيجر) أعنف الصراعات وأشدها دموية.

أنّ هذه العسكرة المتزايدة لمنطقة الساحل الإفريقي إنما تصبّ في إطار ومنطق التنافس الدولي على القارة الإفريقية، وذلك بهدف استغلال ثروات القارة الإفريقية ومواردها، وعليه فإنه لا مخرج أمام دول القارة الإفريقية عامّة، ودول الساحل الإفريقي خاصة، لمواجهة هذا الاستعمار الجديد وسياسة التهميش والهيمنة، إلا عبر نهج آخر للتعامل والتكيف مع هذا الواقع، نومئ إلى ذلك في:

– ضرورة التنسيق الأمني بين دول الجوار، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، ووضع آليات كفيلة لمواجهة هذه التهديدات الجديدة حفاظاً على الأمن الإقليمي.

– العمل على تفعيل آلية دول الميدان وتجمّع دول الساحل والصحراء، بما يحفظ مصالح هذه الدول، وإصلاح البيت داخلياً، بعيداً عن منطق الهيمنة وتكريس التبعية.

– على المنظمات الإقليمية في إفريقيا ممارسة دور مهمّ، وذلك من خلال الدعم والتعاون، والدفع من أجل استراتيجية أمنية وسياسية شاملة ترتكز على البعد التنموي.

– تعزيز الديمقراطية، وإقرار مبدأ الشفافية والمساءلة وترشيد الحكم، بما يضمن الاستقرار والأمن.

– ضرورة الإصلاح السياسي، والعمل على تحقيق التنمية، للخروج من دائرة الفقر والتبعية، بما يضمن استقلالية القرار السياسي.

– العمل على تحقيق التنمية الإنسانية المستدامة، بما يحفظ مستقبل الأجيال القادمة. وبالتالي المحافظة على الأمن والسلم الأفريقي والعالمي، الذي يمهد الطريق لتحقيق انتعاش أفريقي اقتصادي، يساهم بدوره في تحقيق نهضة اقتصادية عالمية تستفيد منها كل شعوب ودول العالم.

صور افريقية :

لقد اتي علي القارة السوداء حين من الدهر لم تكن شئيا مذكورا اسهم شمالها الشرقي وحده في الحضارة العالمية منذ اقدم العصور وكان مهدا للمعرفة يشع منه النور علي بلاد العالم التي كانت معروفة في ذلك العهد البعيد وكانت ارض مصر غنية خصيبة تكفي سكانها ليعيشوا في رغد من العيش ورفاهة ولم يكن المصريون اهل جشع وطمع منذ كانوا فعاشوا علي ضفاف النيل الوفي يتعبدون له وينعمون في خيره فاذا ارادوا التوغل في القارة فإنما وراء البحث عن سر ذلك النهر الاله البحث عن مصدر فيضانه الذي يأتي بانتظام يعرف به عدد السنين والحساب لقد بذلوا الجهود وظلوا يبذلونها القرن بعد القرن حتي كشفوا السر وعرفوا الحقيقة .

بدأت الشعوب الافريقية تصحو من نوم عميق وبدأت تحس بأن لها كيانا خاصا وان من حقها ان تحتل في العالم مكانا يتناسب مع امكانياتها وعدد سكانها لذلك افريقية وشعوبها في حاجة الي ان تتوحد القبائل جميعا وان يقوم تفاهم شامل حتي يصبح لها جميعا هدف واحد مشترك تسعي الي تحقيقه .

هي في حاجة الي برنامج لا يقوم علي اساس القبيلة او اساس من الدين بل اساسه القومية الخالصة والوطنية المحضة ان الاستعمار الجديد يحمي مصالحة وهو لن يتردد في اتخاذ اي وسيلة تعينه علي تحقيق اغراضه ولا بد للشعوب الافريقية ان تعي جديدا هذه المخططات ويكافح في سبيل خمدها في مهدها في سبيل تنميته ان يتعظ بعبر الماضي وبما جري في بلاد اخري غير بعيده عنه وعليه هو نفسه ان يبحث عن الزعامة الرشيدة التي تقوده الي بر الامان .

لقد كان الاستعمار فيما سلف من الايام ذكيا لبقا يضحك علي الشعوب المغلوبة علي امرها فيغير اسمه الذي اصبح ثقيلا علي الاذان بأسماء (( الحماية – والانتداب – والوصاية )) فلما انكشفت حيلته وقوي الوعي القومي في البلاد الافريقية جميعا اراد ان يساير هذا الوعي في خبث ومكر لو غير في قاموس اصطلاحاته كما اعتاد ان يفعل وما عليه لو اطلق علي الشيء الاسم وضده ؟

صور من  الصراعات الافريقية

أثقلت ظاهرة الصراعات الداخلية، والصراعات فيما بين الدول الأفريقية تاريخ القارة منذ الاستقلال. وتبدو خطورة الأوضاع المتردية التي تعاني منها أفريقيا في هذا الإطار من متابعة حجم الصراعات الدموية التي عانت منها القارة في الفترة الأخيرة.

وشهدت القارة 16 صراعاً داخلياً من ضمن 35 صراعاً من هذا النوع على مستوى العالم في منتصف التسعينيات، وظلت أفريقيا تستأثر بأكبر عدد من الصراعات الداخلية خاصة خلال عامي 1998م و 1999م على مستوى العالم، وعددها 25 صراعاً داخلياً. وفي عقد التسعينيات توفي ما بين اثنين إلى أربعة ملايين قتيل في تلك الصراعات، وفي عام 1993م وحده نزح نحو 5.2 مليون لاجئ و 13 مليون مشرد في القارة الأفريقية. وهكذا أدت الصراعات الداخلية إلى تكثيف الحروب الأهلية الدموية، وتشريد أعداد هائلة من الأفراد، ومن المأسوي أن 90% من ضحايا هذه الصراعات من المدنيين لا العسكريين، ونصف هؤلاء من الأطفال؛ مما يمثل تهديداً مستمراً لاستقرار الدول الأفريقية مع ما يمثله من خطورة عبور الصراع للحدود الدولية للدولة للتأثير على أمن واستقرار الدول الإقليمية المجاورة .

وتظهر خطورة ظاهرة الصراعات والنزاعات الداخلية من آثارها السلبية على مختلف الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع.

فالدول التي تعاني حالة مستمرة من هذا النوع من الصراع غالباً ما تعجز عن تنفيذ السياسات الاقتصادية، والاجتماعية طويلة الأجل، فتصبح الدولة فريسة لحالة تدهور، وعجز اقتصادي مستمرة تهدد أي أمل لتحسين حالة المعيشة لمواطنيها. فقد أخفقت أغلب خطط التنمية الاقتصادية بالرغم من تدفق المنح، والقروض، وغيرها من المساعدات المالية أو المعونات الفنية، والتي وصلت إلى ملايين الدولارات،

وفقدت العديد من الأنظمة الحاكمة في أفريقيا مشروعيتها؛ نتيجة لعجزها عن حماية مجتمعاتها من كوارث المجاعة، والقحط، والصراعات الأهلية، والتصحر وما إلى ذلك من الكوارث القومية. ومن أمثلة أنواع الحروب الأهلية فقد شهدت جمهورية الكونغو الديمقراطية حرباً إقليمية كبرى شاركت فيها عشرة دولة أفريقية وهو ما دعا البعض إلى وصفها بأنها الحرب العالمية الأفريقية الأولى. كما شهدت المنطقة من جنوب السنغال وحتى ليبريا حروباً وصراعات أخرى تورطت فيها نحو خمس دول أفريقية أخرى. ولا شك أن هذه الصراعات الأفريقية تؤدي إلى تدهور اقتصادي وانهيار لمؤسسات الدولة إضافة إلى شيوع ثقافة العنف والفساد في هذه المجتمعات.

وعلى صعيد آخر فإن بعض الدول الأفريقية الأخرى لا تزال تشهد صراعات عرقية عنيفة مثل: رواندا، وبوروندي، وأوغندة، وتشاد، وجيبوتي، والسودان، أضف إلى ذلك فإن هناك بعض الدول الأفريقية التي تعاني مخاطر عدم الاستقرار السياسي وانهيار الدولة.

تتميز المجتمعات الإفريقية بتعدد أشكال وأنماط التعددية سواء كانت تعددية إثنية أو لغوية أو دينية. فعلى صعيد التعددية اللغوية توجد في إفريقيا أكثر من ألفي لغة ولهجة، إلا أن هذا العدد يمكن تقليصه إلى نحو خمسين لغة رئيسية إذا ما تم تجميع اللغات واللهجات المتشابهة، والاقتصار على اللغات الرئيسية.

وتنتمي هذه اللغات في مجملها إلى مجموعتين رئيسيتين هما: مجموعة اللغات الأفرو آسيوية، ومجموعة لغات النيجر الكونغو، وكلاهما تتكون من مجموعات لغوية فرعية. وعلى صعيد التعددية الدينية يشهد الواقع الأفريقي أيضاً تعدداً وتنوعاً في الأديان والمعتقدات.

فإلى جانب الدين الإسلامي والمسيحية توجد الأديان التقليدية، والتي هي بدورها متعددة ومتنوعة بقدر تنوع وتعدد الجماعات الإثنية في القارة؛ إذ تتميز الأديان التقليدية بأنها محلية الطابع لا تمتلك أي فعالية خارج نطاق الجماعة الدينية المؤمنة بها.

إلا أنه وعلى الرغم مما سبق ذكره حول التعددية اللغوية والدينية، فإن التعددية الإثنية تظل هي النمط الأهم من أنماط التعدديات الموجودة والسائدة في المجتمعات الإفريقية. وتتميز الإثنية في المجتمعات الإفريقية بأربعة خصائص أساسية هي : أولاً: أن الرابطة الإثنية تتميز عن غيرها من الروابط الاجتماعية بكونها رابطة وراثية وليست مكتسبة؛ ومن ثم فهي تقوم على أساس الوعي بالذات.

ثانياً: أن الجماعة الإثنية تتميز بوجود إيمان جمعي بمجموعة من القيم والمعتقدات يتم التعبير عنها بشكل مؤسسي.

ثالثاً: تتميز الرابطة الإثنية في إفريقيا بوجود تمايزات واضحة داخل الجماعات الإثنية، ولعل هذا ما يسوِّغ الصراعات الداخلية داخل كل جماعة إثنية، وهو الأمر الذي يزيد من تعقيد ظاهرة التعددية الإثنية في القارة الإفريقية.

رابعاً: تتميز الإثنية في إفريقيا بأنها يمكن أن تتلاءم مع المواقف والسياسات المتنوعة والمعقدة بحكم ما تنطوي عليه من ولاءات فرعية متعددة.            وعلى الرغم من أن التعددية الإثنية أمر أصيل في واقع المجتمعات الإفريقية، فإن الاستعمار الأوروبي وبالأحرى السياسات الاستعمارية ساهمت في زيادة حدة التعددية الإثنية إلى الدرجة التي أصبحت بها هذه التعددية أحد أهم أسباب الحروب والصراعات الأهلية في القارة.

ويولي دارسو الحروب الأهلية في إفريقيا أهمية خاصة للبعد الإثني باعتباره المحرك الرئيسي لتلك الحروب؛ ذلك أن الحروب الأهلية تبدأ «باستقطاب إثني» حاد داخل المجتمع يسمح بتعبئة الموارد وحشد الصفوف على أسس إثنية بالأساس).

وتجدر الإشارة إلى أن وجود الظاهرة الإثنية في حد ذاتها لا يعتبر سبباً كافياً لظهور الصراعات الأهلية؛ حيث إن هذه الصراعات تبرز إلى الوجود فقط عند شعور جماعة أو جماعات إثنية معينة بالحرمان والظلم بسبب تعرضها لنوع من أنواع الضرر الجماعي المتمثل في عدم المساواة الاجتماعية، وحرمان أعضائها من التمتع بمستوى معين من الحياة المادية التي تتمتع به الجماعات الأخرى، أو حرمانها من المشاركة في تداول السلطة…. إلخ.

بمعنى آخر، فإن الظاهرة الإثنية تعتبر ركيزة أو أساساً للحرب الأهلية عندما يجري رسم وتنفيذ السياسات العامة للدولة على أساس الاعتبارات الإثنية المتحيزة.

ويعتبر التخلف الاقتصادي سبباً مباشراً لنشوب الحروب الأهلية؛ إذ إن محدودية القدرات الاقتصادية للدول الإفريقية تؤدي بالضرورة إلى عدم العدالة في توزيع الموارد الاقتصادية بما يعنيه ذلك من استجابة الأنظمة لمطالب جماعات بعينها على حساب جماعات أخرى، ومن ثم تنشب الصراعات الأهلية إما من قِبَل الجماعات التي تسعى للحصول على نصيب من «الكعكة» أو من قبل الجماعات التي ترغب في استمرار حصولها على الامتيازات الاقتصادية بمفردها دون مشاركة الجماعات الأخرى.

وعلى الرغم من أن الاختلالات الهيكلية التي تعاني منها القارة الإفريقية اليوم هي نتيجة مباشرة للاستعمار الذي سعى لأن تكون اقتصاديات الدول الإفريقية مجرد اقتصاديات متخلفة تابعة للمراكز الرأسمالية العالمية بما يضمن تقدم هذه الأخيرة. إلا أن السياسات الاقتصادية للدول الإفريقية المستقلة ساهمت هي الأخرى بقدر كبير في تعميق مشكلات الصراعات الأهلية؛ إذ اتبعت الدول الإفريقية المستقلة حديثاً سياسات اقتصادية تمييزية،

استهدفت في الغالب إرضاء الجماعات الإثنية التي ينتمي الرئيس أو النظام الحاكم، بما يعنيه ذلك من غياب للعدالة التوزيعية للسلع والخدمات فضلاً عن المكانة والمناصب السياسية والمراكز الإدارية، وهو الأمر الذي عمق مشكلة الاندماج الوطني في المجتمعات الإفريقية.

وفي التسعينيات، تفاقمت الأزمة الاقتصادية في الدول الإفريقية نتيجة اتباع هذه الدول سياسات وبرامج التكيف الهيكلي والإصلاح الاقتصادي وهو ما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض الأجور الحقيقية.

وتعتبر (سيراليون) نموذجاً للصراعات الأهلية التي اندلعت في التسعينيات على خلفية تدهور الأوضاع الاقتصادية، وليس أدل على تردي الأوضاع الاقتصادية في سيراليون من تصنيفها في تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة باعتبارها أفقر دولة في العالم؛ وذلك بوجود 65% من المواطنين تحت خط الفقر. ولقد شكلت الحروب الأهلية في أحد جوانبها صراعاً من أجل الثروة والمكاسب الاقتصادية التي أصبحت هدفاً في نفس الوقت؛ فهي هدف في ضوء الظروف الاقتصادية السلبية والقاسية السابق الإشارة إليها، وهي في نفس الوقت أداة لتمويل الاحتياجات العسكرية للجماعات المتصارعة،

ومن ثم فإنه ليس من قبيل المصادفة أن تنخرط ثلاثة دول على الأقل من الدول الست الرئيسية المنتجة للماس في إفريقيا في حروب طاحنة سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر. وقد أوضح رئيس البنك الدولي أن الماس يمول نحو 75%من الحروب في إفريقيا، ولعل هذا هو ما دفع مجلس الأمن إلى إصدار القرار رقم 1306 للتحقيق في العلاقة بين الاتجار في الماس والاتجار غير المشروع في السلاح.

وتجدر الإشارة إلى أن استغلال الثروات الطبيعية لا يكون هدفاً للجماعات المتصارعة فقط، بل يكون أيضاً هدفاً للقوى الخارجية التي تتدخل في النزاعات الأهلية مدفوعة بمصالحها الاقتصادية. فالولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال اهتمت بالتدخل في الكونغو الديمقراطية في الستينيات والسبعينيات من اجل حماية استثماراتها في إقليم كاتنجا (شابا).

تعتبر القارة الأفريقية أكبر قارات العالم من حيث عدد اللاجئين؛ حيث تضم النسبة الأكبر من اللاجئين في العالم؛ فهي تحتوي على حوالي ثلث عدد اللاجئين على مستوى العالم، ومن بين الدول العشرين التي تحتل قمة الدول المصدرة للاجئين هناك ثماني دول أفريقية يزيد عدد لاجئي كل دولة منها في الخارج على المائة ألف لاجئ، كما أن هناك ثلاث عشرة دولة أخرى يزيد عـدد لاجئـيها علـى عشـرة آلاف لاجـئ.

وتنبع أهمية تناول تداعيات الحروب الأهلية في إفريقيا من حقيقة هامة مؤداها أن هذه التداعيات قد تكون في حد ذاتها سبباً وعاملاً من عوامل تجدد الصراع مرة أخرى. وتتعدد تداعيات وآثار الصراعات الأهلية في إفريقيا، ومن أبرز هذه الآثار: تفاقم مشكلة اللاجئين، ظاهرة تجنيد الأطفال في الصراعات المسلحة، ومشكلة انهيار الدولة، انتهاكات حقوق الإنسان، انتقال الحروب الأهلية للدول المجاورة فيما يعرف بأثر العدوى.

وتسبب ظاهرة اللاجئين مشكلات سواء لدولة المنشأ أو دولة اللجوء. فبالنسبة للأولى: تفقد هذه الدول مواردها البشرية بسبب نزيف العقول الذي تتعرض له، وهروب المتعلمين والمثقفين إلى الخارج للنجاة بأنفسهم والبحث عن مصادر جديدة للرزق بعيدة عن مواطنهم التي دمرتها الحروب الأهلية.

أما بالنسبة للثانية (دولة اللجوء) فتواجه هي الأخرى سلسلة من المشكلات تتمثل فيما يحدثه اللاجئون من تغيرات في الخريطة البشرية وتحديداً الإثنية، فضلاً عما يمثله هؤلاء اللاجئون من أعباء اقتصادية واجتماعية.

وعلى الرغم من الاتفاق المبدئي على اتساع نطاق مشكلة اللاجئين في إفريقيا، فإن ثمة صعوبات تحول دون التحديد الدقيق لأعدادهم،

ومن هذه الصعوبات:

1- اتسام أوضاع مخيمات اللاجئين بالسيولة الشديدة؛ حيث تزداد عملية دخول وخروج اللاجئين من هذه المخيمات، بما يجعل أعداد اللاجئين عرضة للتقلبات السريعة والمفاجئة.

2- عدم قدرة دولة المنشأ على وضع عدد دقيق لأعداد اللاجئين الفارين منها بسبب ظروف عدم الاستقرار الداخلي.

3 – ميل دولة اللجوء إلى المبالغة في أعداد اللاجئين الموجودين لديها، سعياً إلى الحصول على مزيد من المساعدات الدولية.

ومن حيث دول المنشأ تأتي الصومال على رأس هذه الدول؛ إذ أدى تفاقم الحرب الأهلية فيها منذ بداية التسعينيات إلى خروج أعداد هائلة من اللاجئين هرباً من الجفاف والمجاعة والحرب الأهلية. يلي الصومال: بوروندي وليبيريا والسودان وسيراليون وإريتريا وأنجولا والكونغو الديمقراطية ورواندا وإثيوبيا.

وعلى صعيد دول الملجأ تعتبر تنزانيا على رأس الدول المستقبلة للاجئين ليس فقط في إفريقيا وإنما في العالم بأسره؛ حيث وصل عدد اللاجئين فيها إلى أكثر من 560 ألف لاجئ، من بينهم 449 ألف لاجئ من بوروندي، و 98 ألف لاجئ من الكونغو الديمقراطية، و يلي تنزانيا كل من: غينيا، السودان، إثيوبيا، الكونغو الديمقراطية، كينيا، ساحل العاج، أوغندا، الجزائر، وأخيراً زامبيا.

ويتضح مما سبق التداخل الواضح بين دول المنشأ ودول اللجوء؛ فالدولة الواحدة قد تكون طاردة للاجئين أو مستقبلة لهم. فالكونغو الديمقراطية على سبيل المثال تعاني من مشكلة اللاجئين منذ عام 1960م، و يقدر حجم اللاجئين الفارين منها بأكثر من 200 ألف لاجئ. وفي نفس الوقت تستضيف الكونغو الديمقراطية اللاجئين من أنجولا وبوروندي وأوغندا ورواندا، وينطبق الوضع على كل من السودان وإثيوبيا.

لذلك اتضح لنا

كان لظاهرة الصراع داخل القارة العديد من الأسباب، أهمها: التنافس على الموارد النادرة، والفقر، وحرمان المواطنين الأفارقة من ممارسة حقوقهم السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وفوق كل ذلك كانت الحرب الباردة من أهم أسباب اشتعال الصراع داخل القارة. وكانت النتيجة أن أصبح 4% من سكان القارة ـ ما يقرب من 23 مليون نسمة ـ من اللاجئين، والنازحين.

وقد تسببت هذه الصراعات في تآكل جهود سنوات من التنمية الاقتصادية والبشرية في العديد من الدول الأفريقية، مثل: رواندا، والصومال، وليبريا، وأنجولا.

وأدّت ظاهرة الصراع في القارة الأفريقية إلى زيادة الفقر، سواء على مستوى الدخل أو على مستوى القدرات البشرية في أكثر من 12 دولة أفريقية جنوب الصحراء. وكانت النساء والأطفال من أكثر الفئات تأثراً بهذه الظاهرة؛ حيث قدرت منظمة اليونيسيف نسبة القتلى بما يفوق 60% من ضحايا هذه الصراعات. وهو ما يهدد جهود التنمية في القارة على المستوى القريب والبعيد على حد السواء. يتضح مما سبق أن ظاهرة الصراعات الأهلية هي ظاهرة بالغة التعقيد تتعقد فيها الأسباب والعوامل الداخلية والخارجية، وتتداخل فيها الأسباب والنتائج، مما يتطلب منهجاً شاملاً ورؤية متكاملة عند التعاطي مع هذه المشكلة.

بيد أن البحث عن حلول لتسوية مشكلة الصراعات الأهلية التي تضرب القارة منذ عقود خلت تتطلب الأخذ في الاعتبار خصوصية هذه الصراعات التي تعتبر صراعات ممتدة بالغة التعقيد لأنها ترتبط بتمايز هوية وثقافة الجماعات التي تشكل أطرافها الفاعلة وهو ما يتطلب مجموعة من الحلول الخاصة تراعي هذه الخصوصية، وتضع نهاية لهذه الظاهرة بالغة الخطورة على الساحة الإفريقية.  استثمار الدبلوماسية الروحية لمحاولة حل الصراعات والنزاعات بين الدول الافريقية وداخل حدود الدولة،

من خلال الاعتماد على القيم الروحية للشعوب.  العمل على إعادة الاعتبار للبعد الاقتصادي في العلاقات بين الدول الافريقية في إطار علاقة جنوب جنوب، ذلك أن العلاقات الدبلوماسية وحدها أصبحت متجاوزة ولا تلبي تطلعات الشعوب الافريقية نحو التقدم والتنمية والازدهار

الخاتمة: –

أن القارة الأفريقية تواجه العديد من التحديات بما يستلزم المزيد من التعاون بين دولها، إضافة إلى مواجهة الإرهاب الذي يواجه القارة السمراء في إنحاء عديدة منها، وضرورة العمل على تحقيق الأمن والاستقرار في افريقيا التي تواجه تحدي كبير

لذلك يجب على المجتمع الافريقي التعاون مع الهيئات التابعة للأمم المتحدة، المكلفة بتقديم الخبرات، من أجل وضع ومواكبة سياسات مكافحة المخدرات، وتعزيز الأمن الثقافي، من خلال إجراء مصالحة بين الإثنيات، وخفض حدة التوترات، وكذا مدى ملائمة وسائل الدفاع، مع تطور طبيعة المخاطر وتطوير القدرات الأمنية، وتوفير تكوينات متخصصة في مجال الأمن، بالإضافة إلى تطوير الحياة الجماعية، باعتبارها إطارا مهم لتكوين الشباب، ومدرسة للديمقراطية، وتلقين مبادئ الاحترام المتبادل. وتعزيز المصالح المشتركة، على المستويين الإقليمي والجهوي،

بما يستجيب للحاجيات اليومية، في مجالات الأمن، وتحقيق نماء الشعوب، ووضع بنيات إقليمية للوساطة، قادرة على الاضطلاع بدور تحكيمي بين بلدان القارة، وخلق آليات من أجل المساهمة في إعادة بناء البلدان، التي عانت ويلات الحرب. وضرورة العمل الجاد والمتواصل على بلورة رؤية مشتركة أكثر انسجاما مع الواقع الإفريقي، بغية إيجاد أجوبة تستجيب لتطلعات شعوب المنطقة، من خلال تعميق البحث في القضايا التي تهم القارة بالدرجة الأولى، وخلق مناخ جديد يخدم الأمن والاستقرار ببلدانها، وتشجيع الحوار بين ممثلي الدول المشاركة، وذلك بالنظر إلى حجم وطبيعة الرهانات الاقتصادية والبيئية والأمنية بإفريقيا التي تزداد تعقدا وتتطور باستمرار.

إن تنفيذ الأهداف الإنمائية يعتمد في المقام الأول على السياق والظروف التي تعيش فيه الدول الإفريقية ومن ثم لابد من تعديل وتحسين بيئة التنمية أولا قبل البدء في تنفيذ أهدافها فتركيز أهداف الألفية على تخفيض نسب الفقر على سبيل المثال دون الاهتمام بالعوامل المساعدة على إنجاز هذا الهدف  يجعل تنفيذ وانعكاس عوائد هذا الهدف على المجتمعات من الأمور الصعبة جداً يضاف الي هذا ان دول حوض النيل تحتاج دورا نشيطا لمصر داخل مؤسسات العمل الجماعي الافريقي لأنها ترفض انفراد دولة واحدة او عدد محدود من الدول بالسيطرة علي التنظيمات الاقليمية الافريقية المختلفة وتوجيه هذه التنظيمات وفقا لمصالحها فقط

 

 

اترك رد