مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

باسل عاطف يكتب/ جعلوني مذيعا بـ5 الاَف جنيه!

43

في عصرنا الحالي كل منا يفعل ما يحلو له لطالما يمتلك حفنة من المال، حيث باتت هذه الورقة هي المتحكم الأول والرئيسي في كافة نواحي الحياة المختلفة، فبإمكانها تغيير الواقع وقلب الحقائق ونشر الزيف والكذب والشائعات وتبديل المواقف والذمم فيالها من ورقة عجيبة ساحرة قادرة على فعل كل شئ حتى اصبح البعض يقدسها وينحني لها لشراء ملذات دنياه الزائلة ناسيا ما سيجنيه في نهاية المطاف.

في منظومتنا الإعلامية وأخص بالذكر التلفزيون بات الوضع ليس مأساوي فقط وإنما مهلك، نظرا لقدرة هذه الشاشة المتلونة على نشر المعلومة بسرعة البرق ولتأثيرها الجبار على عقل المشاهد الذي لا يدري حقيقة الأمر، وطلّ علينا أولئك الذين ذكرهم رسول الله ذات يوم وهم “الرويبضة” التافهين الذين يتحدثون في أمر العامة دون علم أو دراية أو ثقافة فهم مجرد أداة كعرائس الماريونت يتم تحركيهم بالأحبال.

 

انتشار غير طبيعي وكم هائل لبرامج هي بالفعل تهدم المجتمع مثلها مثل السرطان الذي ينهش في جسد المريض حتى يصل به إلى الموت، وجوه لا تصلح نهائيا ألسنتهم لا تفقه اللغة العربية فلا قاعدة نحوية صحيحة ولا قوالب إعلامية مضبوطة، وكأنهم يتسامرون على المقاهي ليس أمام شاشات يراها الملايين في مختلف دول العالم.

قد يهمك ايضاً:

أنور ابو الخير يكتب: أحلام ضائعة

قنوات الصف الثالث أو قنوات “بير السلم” كما أحب أن أطلق عليها جلبت معها الفقر الإعلامي وضاعت معها الهيبة التي كان يتمتع بها مذيعي الزمن الجميل، وبالرغم من المكانة الحساسة التي يتمتع بها المذيع إلا أن كرسيه بات مطمع للكثيرين من أصحاب العقول الفارغة التي لا تفقه من العلم شيئا ودخلوا على المهنة من باب المال القذر.

مكانة المذيع قادرة على تغيير أمه بحالها ولنا في ذلك مثال للدكتور مصطفى محمود رحمة الله عليه، لنشاهد كيف اثر هذا العالم الجليل في أمم بأكملها ولاتزال دروسه موجودة حتى الان يشاهدها العالم أجمع، ليجلس من بعده قوما لا أعلم من أين أتوا، فهم بالفعل احتلوا السيارة ولكنهم فقدوا زمام القيادة، فهل من منقذ للسيارة قبل أن تحدث حادثة.

كما قلت بـ5 الاَف جنيه فقط أنت قادر أن تكون مذيعا في قناة من قنوات “بير السلم” تمسك بيدك “الميكروفون” وتبدأ بالثرثرة لمدة ساعة بالكامل وبعدها تغادر وتقوم بنشر صورة لك على موقع التواصل الاجتماعي وكأنك قمت بعمل بطولي وليس تضليل الجمهور ليصفق لك الجهلاء ويثنون علي صورتك دون أن يروا أدائك السيئ، وستحتاج لممول سواء كان صاحب شركة أو حتى “سوبر ماركت” ليمول لك البرنامج ويقوم بعمل إعلانات لمنتجاته.

في حقيقة الأمر لا أدري أين موقف نقابة الإعلاميين بالكامل من هذا العبث وأخص بالذكر الدكتور طارق سعدة، نقيب الإعلاميين، وكذا الهيئة الوطنية للإعلام وأجهزة الدولة والرقابة ومستشارين الرئيس السيسي تجاه ما يحدث ويقدم على الشاشات، نظرا لحساسية الإعلام ككل في تأثيره تجاه الرأي العام ولنا في ثورة يناير خير مثال.

ليس لزاما أن يتدخل الرئيس في كل كبيرة وصغيرة ولكن لدي نداء وسؤال له، فأما النداء “لابد من إنقاذ مصر من هؤلاء الدخلاء”، وأما السؤال.. من يختار هؤلاء ليطلوا على الشاشات؟.

 

اترك رد