مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

الصعود الأخير

4

كتب -محمد الشربيني:

علي كرسيه المفضل بالبهو الرئيسي جلس متأملاً يرقب

اللوحات على الحائط تروي تلك السردية العبثية من

النزول الأول حتى الصعود الأخير، كانت المساحات

الفارغة بين قطع الأثاث متناسبة تماماً، وحتى في ذلك

الممر الذي بدا مكدساً بالكونسولات المذهبة وبايوهات

الأمبير البنية بلوحاتها الباهتة التي تروي اخر فصول

السردية العبثية الكبرى للإنسان على هذه الأرض، إلا ذلك

الكرسي الصغير بجوار الباب الخشبي في نهاية الممر لم

تترك له أي مساحة فارغة.

  • ما هذا العبث، من فعل ذلك!!!؟

قالها وهو يشعل السيجار ممتزجة بوقع خطي رتيبة

حطمت السكون ككأس من البلور سقط على الأرض

متهشما وتناثر بداخله، رمقه ممتعضاً وإذا به أول

المدعوين الي الحفل الكبير، والذي التهم بخطواته تلك

بعض المساحات التي كانت متناسبة تماماً، وما لبث الوقت

يمضي حتي التهم الحضور كل ما كان قد تبقي له منها،

ولم يعد هناك أي مساحة للحركة، حتي تلك الضوضاء

وهذا الضجيج اللعين، أخذا يقضمان فراغات خياله، حتي

أدرك أن الوقت قد حان وبإلحاح للخروج من هذا العبث

اللانهائي.

  • تبا لكم جميعاً

كلمات تفوه بها حين أشاح بيده واضعاً قدمه على درجات

السلم الصاعد الي غرفته المفضلة، سادت لحظة من

قد يهمك ايضاً:

أهيم بطيفك

الصمت حين كان الحضور ينظرون إليه حيث بدوا

مندهشين تماماً، كان السيجار لايزال مشتعلاً، وكرسيه

المفضل والوحيد بالغرفة والذي يبعد خطوة واحدة عن

الباب غارقاً بين أكواماً من النفايات، قطعاً لم تكن كذلك

بالنسبة له، إلا أنها يمكن وصفها بذلك على أية حال، وذلك

أن قسماً كبيراً منها، لم يكن يذكر عنه شيء علي وجه

التحديد، ولج الي غرفته وحين طفق أن ينزع معطفه

الثقيل أصطدم بالسلم الخشبي، أغلق الباب وجلس وألقي

معطفه على اخر مساحة فارغة بالغرفة خلف الباب

مباشرة، نفث دخان السيجار وأخذ يجول بين ذكرياته

ويتذكر كل شيء عن تلك الأشياء من حوله، وفي تلك

الأثناء هوت بعض الكتب وأشياء إعتقد انه لم يكن يذكر

عنها شيء علي وجه التحديد، إثر ارتطام معطفه الثقيل

بالأرض، فتداعت الي مخيلته أحداثاً وشخوصاً وانفعالات

ومشاعر متداخلة، صنعت زحاماً وضوضاءً وضجيجاً

لانهائياً بداخلة التهم ما كان قد تبقي له من مساحة للحركة،

حتي تلك الضوضاء وهذا الضجيج اللعين، أخذا يقضمان

فراغات خياله حتي أدرك أن الوقت قد حان وبإلحاح

للخروج من هذا العبث اللانهائي

. – تبا لك

كلمات تفوه بها حين أشاح بيده واضعاً قدمه على درجات

السلم الخشبي الصاعد، سادت لحظة من الصمت بينما كان

لايزال جالساً علي كرسيه المفضل بالغرفة ينظر إليه حيث

بدا مندهشا تماماً، لكن السيجار في يده لم يكن مشتعلاً بعد

اترك رد