مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

المصانع المغلقة والمتعثرة وكيفية حلها

3

بقلم – الدكتور عادل عامر:

أن المصانع المتعثرة والمتوقفة يبلغ عددها 871 مصنعاً، منها 27 متعثر فعلياً مع البنوك، و80 مصنعاً لأسباب غير بنكية مثل مشاكل مع جهات أخرى، إلى جانب 107 مصانع غير متعثرة غير أنها تحتاج لتمويل،

فقد واجه الاقتصاد المصري أزمات متلاحقة بعد ثورة 25 يناير، وزاد من تلك الأزمات زيادة واردات مصر عن صادراتها بنحو 37.5 مليار دولار في العام المالي الماضي طبقا لبيانات البنك المركزي، كذلك ارتفاع الدين المحلي في نهاية العام المالي الماضي (2015-2016) ليصل إلى 2.6 تريليون جنيه، مقابل 2.1 تريليون جنيه في العام السابق، وفي نفس الوقت وصل الدين الخارجي لمصر بنهاية يونيو الماضي إلى 55.8 مليار دولار.

ومع تفاقم تلك المشاكل تجددت الدعوات للاعتماد على المنتج المصري والتوقف عن الاستيراد. بالأخص للسلع غير الضرورية، خاصة بعد القرارات الاقتصادية الأخيرة التي اضطرت الحكومة لاتخاذها من تعويم الجنيه ورفع بعض الدعم عن الطاقة، تنفيذا لاتفاق مع صندوق النقد الدولي، للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، خلال 3 سنوات، مقابل التزامها بتنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي.

أن المصانع المغلقة مشكلة قديمة، ترجع لسنوات ما قبل ثورة 25 يناير، إلا أن عددها كان محدودًا، وبعد الثورة زادت المشكلة؛ لتأتي كل حكومات هذه المرحلة بالحديث عن إعادة فتح هذه المصانع، وهو ما لم يحدث،

ومن ثم زادت المشكلة أكثر. ومع تراكم الديون على أصحابها أغلقت المزيد من المصانع أبوابها، حتى وصل عددها إلى 4500 مصنع، منها 670 مصنعًا بالمنطقة الصناعية بمدينة 6 أكتوبر وحدها، وتحدثت الحكومة عن مبادرة لإعادة فتح هذه المصانع عن طريق ضخ 500 مليون جنيه في شهر يونيو الماضي؛ لحل مشكلة هذه المصانع، إلا أن هذا لم يحدث حتى الآن، ولا تزال المشكلة قائمة.

أن إنشاء صندوق مخاطر لإعادة تشغيل المصانع المغلقة، خطوة جيدة ومهمة وأنه سيساهم في تقليل الواردات، نظرا لإعادة انتاج الصناعات والمنتجات المتوقف تصنيعها منذ فترة. أن ذلك سيحتاج إلى وقت لإمكانية جمع المعلومات عن المصانع المتعطلة وكيفية إعادة تشغيلها. أن الشركة المعنية بتمويل المصانع المتعثرة، خطوة هامة نحو تحريك ملف المصانع المتعثرة وإعادة تشغيلها، وسيتم تشكيل مجلس إدارتها،

لوضع المعايير والأسس الخاصة بموافقة الشركة على تمويل المشروعات المتعثرة وتحديد أولويات التمويل بما يسهم في تحقيق أكبر استفادة من التمويل المتاح، ومركز تحديث الصناعة سيكون الذراع الفني الذي يتم من خلاله الدراسة الأولية للشركات

“زيادة عدد المصانع غير المرخصة التي تضاعف أعدادها وتعمل بلا ضرائب أو رسوم أو تأمينات للعمالة، وبالتالي تقدم منتجًا رخيص الثمن وتحقق ربحًا أعلى من المصانع الرسمية التي لم تتمكن من منافسة الاقتصاد غير الرسمي، وبالإضافة لمشكلات تراخيص المصانع وارتفاع أسعار مستلزمات التصنيع التي أغلبها مستوردة من الخارج وارتفاع سعر الدولار، ومع الركود الاقتصادي خلال السنوات الماضية وإغراق السوق بمنتجات رديئة، لم تتمكن المصانع من مواجهة ذلك، وتعثرت واضطرت لتسريح العمالة والاغلاق، نتيجة تراكم الديون والرواتب والالتزامات المالية”.

أن “قضية إعادة فتح المصانع المتعثرة مشروع قومي سيضيف مليارات للاقتصاد، ولابد من وضع أسس لعمل الصندوق، أن المشكلة تمثلت طوال الفترة الماضية في عدم تسهيل منح التراخيص والأمن الصناعي وعقود التمليك للمصنع وتسهيلات القروض والتمويل وتوصيل المرافق وتطبيق نظام الشباك الواحد ودعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة لمن يرغب في الحصول على مصنع،

قد يهمك ايضاً:

الصحة النفسية ….الرهاب الاجتماعى …حلقة 39

أحمد سلام يكتب يوم أن غاب السادات عن 25 إبريل

وهو الأمر الذي ساهم في وجود الكثير من المصانع غير المرخصة التي تعمل بدون تقنين لأوضاعها، وهناك قرابة 47 ألف مصنع غير مرخص طبقا لدراسة صادرة عن الاتحاد العام للصناعات المصرية، بالإضافة لغياب ضبط الجمارك وأحكام سيطرتها على المنافذ، وهو ما جعل التهريب سبب رئيسي أيضًا في تعثر المصانع.

الاقتصاد المصري يحتاج إلى يد ماهرة مدربة وتكنولوجيا حديثة، وعلم يحدث ويطور ويجدد بشكل مستمر، وإيمان قوى بأهمية النجاح واحتياجات المواطن، والأفكار الجديدة، والقيادات النشطة المتعلمة من ذوي الخبرات، لتكون لدينا قاعدة صناعية تدفع المجتمع للأمام. الانتاج والجودة لن يتحققا إلا بأيد العامل المصري، لذلك يجب أن نتحرك لنعلمه وندربه أولا، ونحل مشكلات التعثرات له والمصانع.

أن تشغيل هذه المصانع المتوقفة يتطلب وجود إرادة سياسية، نابعة من رؤية استراتيجية لأهمية الصناعة كقاطرة للاقتصاد الوطني، ومن هنا لابد من منح تشغيل هذه المصانع أولوية قصوى، وذلك بدراسة المشكلات التي أدت إلى تفاقمها بداية من الديون المتراكمة عليها للبنوك، وتحرير سعر الصرف وأثره، ومشكلات التسويق،

وتفعيل المبادرات الحكومية التي نسمع عنها، ولا يتم تنفيذها، وتذليل كافة العقبات التي كانت سببا في توقف هذه المصانع، مع العمل على فتح المزيد من المصانع التي تفيد في زيادة الإنتاج وتشغيل المزيد من الأيدي العاملة. يجب البدء في دعم المصانع كثيفة العمالة وإعادة تشغيلها وسأفتح ملف صندوق تمويلها

خروج هذه الشركات من تعثرها يكون من خلال حاضنات الأعمال المعنية باحتضان المشروعات وتوفير عدد من الخدمات لها، في مقدمتها الإشراف الإداري ووضع خطط لها لتسويق منتجاتها. وفكرة الحاضنات مستوحاة من الحاضنة التي يتم فيها وضع الأطفال غير مكتملي النمو من أجل تخطي صعوبات الظروف الخاصة المحيطة بهم، عن طريق تهيئة كل السبل من أجل رعايتهم، ثم يغادر الوليد الحاضنة بعد أن نتأكد من صلابته وقدرته على النمو والحياة الطبيعية وسط الآخرين،

ولك أن تعلم أن حاضنات الأعمال تعمل على تهيئة المناخ المناسب وتوفير كل الإمكانيات التي تعمل على تسهيل نجاح أي مشروع، وتعمل على ربط المشروعات مع السوق، وتوفير التدريب للموارد البشرية مما يساهم في حل مشكلة البطالة، وتساعد المشروعات على تخطي المشكلات والمعوقات الإدارية والمالية والفنية التي يمكن أن تتعرض لها.

أقيمت حاضنات المشروعات في الأساس لمواجهة الارتفاع الكبير في معدلات فشل وانهيار المشروعات، وقد أظهرت بعض الدراسات أن قرابة 80 -90% من المشروعات تفشل خلال الخمس السنوات الأولى من بداية نشاطها، نتيجة لقيامها على اجتهادات شخصية بعيدة عن الجانب التخطيطي والاستشاري،

وأثبتت حاضنات الأعمال قدرتها على رفع نسبة نجاح المشروعات، حيث أشارت تقارير الجمعية الأمريكية للحاضنات إلى أن معدلات نجاح واستمرارية المشروعات المقامة داخل الحاضنات وصلت إلى 88% مقارنة بنسبة النجاح التقليدية المنخفضة لهذه المشروعات، وبالتالي فإن دعم المشروعات ورفع فرص نجاحها يعتبر الوظيفة الأولى للحاضنات، ويتم ذلك من خلال توفير كل أنواع الدعم المالي والإداري والتسويقي، والرعاية لهذه المشروعات في مرحلة النمو.

وتذكر الدراسات أن أول حاضنة مشروعات أقيمت في اليابان عام 1982، حيث قامت الحكومة والشركات الخاصة الكبيرة بتنفيذ وإقامة أولى الحاضنات، ثم قامت بعد ذلك إدارة المدن والأقاليم المختلفة بإقامة عدد آخر من الحاضنات، وفيما يخص البرنامج الصيني للحاضنات فقد بدأ هذا البرنامج فعليا عام 1987.

لم تتوقف منظومة الحاضنات عن التطور حتى أصبحت اليوم تمثل صناعة قائمة بذاتها يطلق البعض عليها «صناعة الحاضنات»، وإذا نظرنا إلى تطور الحاضنات كصناعة في العالم نذكر أن هناك حاليا حوالي (3500) حاضنة أعمال في مختلف دول العالم، منها حوالي ألف حاضنة في الولايات المتحدة الأمريكية، وتمتلك الصين 465 حاضنة، وكل من كوريا الجنوبية والبرازيل حوالي 200 حاضنة لكل منهما.

وأخيرا، فإن حاضنات الأعمال ستواجه مشاكل المصانع التي تتعثر، وستحل مشكلة عدم التنسيق بين الوزارات المختلفة التي تعرقل عمل الكثير من المشاريع الصناعية، ولذلك فإن هذه التجربة تستحق منا الدراسة، فليس عيبا أن نستفيد من تجارب من سبقونا، لكن العيب وكل العيب أن نكرر أخطاءنا مرة واثنتين، بحجة أننا أدرى بمشاكلنا.

 

 

اترك رد