مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

مقترح وزارة للشئون الإفريقية في ضوء مخرجات منتدى هيئات الاستثمار الإفريقية

6

بقلم – د . إسلام جمال الدين شوقي:

خبير اقتصادي

عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي

شهدت مدينة شرم الشيخ، في الفترة من 11 إلى 13 يونيو الماضي، فعاليات الدورة الأولى لمنتدى وكالات ترويج الاستثمار في أفريقيا تحت شعار «التكامل من أجل النمو»، تحت رعاية الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، الذي نظمته الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، بالتعاون مع وزارة الخارجية، ووكالة الترويج للاستثمار الكوميسا، بمشاركة وزراء استثمار ورؤساء هيئات الاستثمار الأفريقية، يمثلون 34 دولة أفريقية، وكذا عدد من ممثلي التكتلات والمؤسسات الاقتصادية الدولية والأفريقية، فضلاً عن عدد من الوزراء وكبار رجال الأعمال المصريين.

ويأتي هذا الإنجاز الجديد لمصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي يُعدُ تتويجًا جديدًا لجهود مصر المستمرة من أجل تحقيق التنمية لشعوب القارة وخلق فرص جديدة واعدة تلبي طموحاتها، حيث أن دول القارة السمراء منحت مصر ثقتها في قيادة جهود التنمية والتنسيق الإقليمي داخل القارة عندما تولت مصر رئاسة الإتحاد الإفريقي عام 2019، وهو ما يُعدُ إنجاز بكل المقاييس، ودليل على التحول الواضح فى موقف الدول الإفريقية تجاه مصر، خاصة بعد فترة طويلة من العزلة، التى عاشت فيها مصر بعيدة عن قضايا القارة إلى أن تولى الرئيس السيسي قيادة مصر وقام بإنهاء هذه العزلة.

تُعرف القارة الإفريقية بأنها « سلة غذاء العالم» حيث تمتلك من الخصائص والموارد الطبيعية مايؤهلها إلى أن تصبح قوة اقتصادية منتجة كبرى، إلا أن اقتصادات إفريقيا ما زالت تعتمد على السلع الأولية، ما يجعلها أقل مرونة وصُمودًا فى مواجهة الصدمات الاقتصادية وتقلبات الأسعار العالمية، فضلاً عن تواضع دورها فى سلسلة القيمة العالمية والإنتاج الصناعى كثيف التكنولوجيا، حيث تصل صادرات القارة من المنتجات المُصنعة 20% من إجمالى صادرات القارة، كما لا تتعدى مساهمتها 2 % من إجمالي الناتج الاقتصادي العالمي بقيمة 2,6 تريليون دولار أمريكي من إجمالي العالم الذي يبلغ 131 تريليون دولار أمريكي.

لقد آن الأوان لشعوب القارة للإستفادة من ثرواتها حيث تمتلك إفريقيا فرصة ذهبية لتعزيز العلاقات الاقتصادية البينية بين دول القارة، من استثمار وتجارة وتمويل وتوظيف، خاصةً فى ظل وجود رؤية وأطروحة يطلق عليها أجندة الإتحاد الأفريقى لعام 2063، والتي تمثل رؤية استراتيجية بعيدة المدى لتحقيق الوحدة الإفريقية، فالموارد التي تمتلكها القارة تكفي لانطلاق ثورة تنموية شريطة أن تعزز من كفاءة استغلال هذه الموارد، وتعميق أواصر التعاون والتكامل الاقتصادى، وصولاً إلى العملة الإفريقية الموحدة، والبنك المركزي الإفريقي الموحد، والبورصة المشتركة.

كما تأتي إتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية، والتي أشار إليها البنك الدولي أنها قادرة على رفع دخل القارة بنسبة 7 % أي بما يعادل 450 مليار دولار أمريكي، مما يساعد على انتشال 30 مليون شخص من براثن الفقر المدقع بحلول عام 2035.

وتجدر الإشارة إلى أنه تم التطرق في جلسات المنتدى إلى أن جميع دول العالم تواجه تحديات يأتي من بينها جائحة فيروس كورونا الذي يواصل انتشاره، لا سيما فى العديد من الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، ومعدلات التضخم التى تتزايد عالميًا بوتيرة لم نعتدها منذ أكثر من عقد من الزمان، فى ظل ماليات عامة مُنْهَكة من تمويل حِزَم التحفيز الاقتصادى لمواجهة «كوفيد-19»، وتم مناقشة سبل التخلص من الفجوة التمويلية التي تعيق أهداف خطة تنمية إفريقيا 2063 ودور برامج الإصلاح الاقتصادي في تعزيز قدرة البلدان الإفريقية على الصمود في مواجهة التحديات العالمية والحد من التوابع السلبية لجائحة كورونا.

وبناءً على ماسبق فإنه يمكنني أن أساهم بطرح رؤيتي كخبير في مجال الاقتصاد، والتي من الممكن أن تساهم كثيرًا في التخلص من الفجوة التمويلية التي تعيق تحقيق التنمية في إفريقيا، حيث أنه هناك أهمية كبيرة لوضع الدول الإفريقية استراتيجية تمويلية؛ لتحقيق استراتيجية التنمية المستدامة 2030؛ وهو ما يتطلب اللجوء إلى مفهوم جوهري يرتبط بالاستدامة؛ وهو” التمويل المستدام “، الذي يهدف إلى مساعدة المجتمع على تلبية احتياجاته اليومية بشكل أفضل، وضمان قدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتهم أيضًا.

 كما أنَّ التمويل المستدام يدمج المبادئ البيئية والاجتماعية والحوكمة في القرارات التجارية واستراتيجيات الاستثمار، ويغطي العديد من القضايا؛ حيث يحقق” التمويل المستدام” معظم الأهداف الخاصة بالتنمية المستدامة، طبقًا للأجندة الأممية 2030، والمتمثلة في: النمو الاقتصادي والتخطيط الاقتصادي، التصنيع، القضاء على الفقر، القضاء التام على الجوع، الصحة الجيدة والرفاه، المياه النظيفة، طاقة نظيفة وبسعر معقول الإستهلاك والإنتاج المستدامَيٌن، العمل المناخي، الحياة تحت الماء.

قد يهمك ايضاً:

أنور ابو الخير يكتب : توحش المصلحجية

الصحة النفسية ….الرهاب الاجتماعى …حلقة 39

حيث يمكن لقطاع الزراعة والصناعات الغذائية فى إفريقيا إنشاء سوق بقيمة تريون دولار، إذا تم التركيز في الإنتاج على الإتجاه والتحول نحو سلاسل قيمة قصيرة والتركيز على توطين الصناعات وخلق سلاسل توريد إفريقية، لذلك تم مناقشة زيادة الإنتاج المحلى لإفريقيا في المؤتمر نظرًا لما يمثله من فرص كبيرة للتعاون الإقليمي في مجالات الزراعة والصناعة، وكيف يمكن للمنتجات الزراعية والصناعية الأفريقية الوصول إلى الأسواق العالمية في ظل تباطؤ معدلات التجارة العالمية، ودعم الشحن الجوي في أفريقيا كوسيلة لتعزيز التجارة المتبادلة وسلاسل التوريد والصادرات.

 إن مصر حريصة جدًا على القيام بتيسير سبل التجارة بين الدول الأفريقية، وإنها من أوائل الدول التى وقعت والتزمت باتفاقية التجارة الأفريقية الحرة، لاستغلال الموارد، وتعمل أيضًا على توحيد المواصفات والمقاييس بين دول القارة كما نستهدف الأسواق الخارجية بشكل عام والسوق الأفريقية بشكل خاص لأنها سوق واعدة ولدى مصر رغبة أكيدة لاستغلال الموارد الموجودة بدول القارة، والعمل على تقديم كافة التيسيرات للنفاد في السوق الإفريقي، ودعم تكلفة الشحن لإفريقيا للوصول إلى سعر مناسب ومنافس في السوق الإفريقي.

ولقد شهدت أعمال المنتدى مجموعة من الجلسات التي ناقشت عدد من الملفات تتعلق بتعزيز التعاون فى مجال الأعمال سواء على المستوى الحكومى أو القطاع الخاص، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص فى القارة السمراء، ودور الحكومات والشركاء الإقليميين، والاستثمار فى مشروعات البنية التحتية إقليميًا كوسيلة لمزيد من الربط بين دول القارة وتحسين مستوى التنافسية، كما تناولت الجلسات أيضًا سعيَ الدول الإفريقية للعب دور أكبر فى الأسواق العالمية، وتشجيع الاستثمارات الإفريقية البينية، وحجم الاستثمارات المصرية فى القارة الإفريقية.

واستخلاصًا مما سبق لأعمال المنتدى فإنه يمكنني الخروج بعدد من التوصيات في وجهة نظري المتواضعة للمساعدة في النهوض بالاستثمار في القارة السمراء وهي :

لقد أصبح من الضرروي بل ومن الملح جدًا إنشاء وزارة خاصة بالشئون الافريقية، وذلك نظرًا لأهيمتها الاستراتيجية لمصر حيث إن الرئيس السيسي منذ توليه حكم مصر وأصبح التوجه لإفريقيا سياسة واضحة للدولة المصرية ظهرت جليًا وبوضوح من خلال زيارت الرئيس السيسي المتكررة للعديد من الدول الإفريقية، ويجب أن يكون هذا متبلور في خطط وبرامج يقوم بوضعها وزارة متخصصة في الشئون الافريقية تعمل على تدعيم العلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والتعاون مع كافة دول القارة على حد سواء.

هناك عدد من العوامل تحكم استقطاب الاستثمارات المباشرة منها حجم السوق ، البنية التحتية ، درجة التصنيع ، تكلفة العمالة ، القوانين والتشريعات ، مناطق التجارة الحرة ، مناخ الأعمال والاستثمار ، والاستقرار الاقتصادي والسياسي ، ونظام التجارة المفتوحة ، والحوافز الضريبية ، تكلفة النقل ، والتكامل الاقتصادي، وبالتطرق إلى فرص الاستثمار في إفريقيا ، فإنه يمكن القيام بالآتي :

– هناك ضرورة ملحة لإنشاء هيئة ضمان استثمار أفريقية ، تسهل حرية انتقال رؤوس الأموال ، وسرعة التحويلات وآلية تعويضات ملائمة .

– زيادة برامج التعاون الفني في مجال السياسة التجارية لكي تتمكن من القيام بصورة منتظمة بمناقشة و إعادة النظر في الإصلاحات التي تم تنفيذها و أثرها الممكن علي الترتيبات التجارية.

– التفكير في إنشاء غرف ” مقاصة ” بين الدول الإفريقية فيما يتعلق بالتجارة بينهم حيث أن غالبية الدول الإفريقية تعاني من صعوبات في الحصول علي العملات الصعبة.

– إنشاء شبكة للمعلومات التجارية والبيانات اللازمة للتبادل التجاري واحتياجات السوق الإفريقية مع التركيز على السلع التي تتمتع فيها مصر بمزايا تنافسية.

– إعداد دليل للمصدرين والمستوردين يتضمن معلومات تفصيلية عن السلع التي يتم إنتاجها في الدول الإفريقية والطاقات الإنتاجية والشركات المنتجة، وتوفير هذا الدليل لدى الغرف التجارية المصرية والاتحاد العام للغرف الإفريقية كمادة تسويقية .

التعليقات مغلقة.