مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

مفتي شمال اليونان: الفتاوى الشاذة بمثابة السم القاتل الذى ينتشر فى جسد الدول ويشلها تمهيدًا للقضاء عليها سياسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا.

3

كتب – محمد عبد الوهاب:

اختتمت فعاليات الجلسة الثانية من مؤتمر الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم والتي ترأسها دار الإفتاء المصرية عن “دور الفتوى في استقرار المجتمعات” وجاءت الجلسة الثانية تحت عنوان “الفتاوى الشاذة وأثرها السلبي على الاستقرار” برئاسة  معالي الأستاذ الدكتور/ عبد اللطيف الهميم  رئيس ديوان الوقف السني بالعراق ، ود. عمرو الورداني مقررًا، وقد شارك في الجلسة أصحاب الفضيلة، أ.د/  أحمد عطية وزير الأوقاف والإرشاد اليمني   ، أ.د/ محيي الدين عفيفي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أ.د/ مرزوق أولاد عبد الله رئيس جامعة أمستردام الحرة بهولندا، وفضيلة الشيخ/ أبو بكر أحمد المسلياري الأمين العام لجمعية علماء أهل السنة والجماعة بالهند رئيس جامعة مركز الثقافة السنية الإسلامية، بالهند، والشيخ/ حافظ جمالي مجو المفتي والقاضي الشرعي لمدينة كوموتيني بشمال اليونان.

وكان أول المشاركين الشيخ أبو بكر أحمد، الأمين العام لجمعية علماء أهل السنة والجماعة بالهند، رئيس جامعة مركز الثقافة السنية الإسلامية بالهند، وقال إن العلماء وأصحاب الفتاوى خلفاءُ الله تعالى بين عباده، وهم يخبرون الناس عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم قدوة للعوام والجماهير، فإذا اعوجَّ الغصن فلا محالة يعوج الظل أيضًا، فعليهم أن يكونوا نماذجَ حيَّةً لتعاليمِ القرآن والسنة السمحة في حياتهم الشخصية والاجتماعية، وفي أقوالهم وخطاباتهم وفتاويهم، وما إلى ذلك.

وأضاف فضيلته أن  هناك أسبابًا عدة أدَّت إلى الحالة الفوضوية فى مجال الإفتاء:

أولًا

: الجهالة وعدم دراسة الأحكام من منابعها الصافية من المشايخ والعلماء الذين توارثوا العلم من أهله، والذين يوثق بهم فى الدين، كما قال محمد بن سيرين: “إن هذا الأمر دين فانظروا عمن تأخذون دينكم”.

وثانيًا: عدم إدراك خطر مسؤولية الفتوى وما يترتب عليه، فإن الإفتاء فى الحقيقة إخبارٌ عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الله أو رسوله أحلَّ كذا، أو حرَّم كذا.

وثالثًا: حبُّ الشهرة والشعبية، فصاحب الفتاوى المتساهلة يريد شعبيته، وتكثر جماهيره، ويثنى عليه بأنه معتدل وذو المنهج الوسطي، وغير ذلك.

ورابعًا:

قد يهمك ايضاً:

حكم قضاء الصوم عن المتوفى

ملتقى “رمضانيات نسائية” بالجامع الأزهر يبين…

: إرضاء الكفار والظلمة والفسقة وأصحاب الدنيا لأجل الحصول على حطام الدنيا الفانية.

وخامسًا: العجلة وعدم التأني والوثبة دون نظر ولا تأمل لكي يشتهر بين الجماهير بسرعة الجواب وحدَّة الفهم.

وقال الدكتور أحمد عطية وزير الأوقاف والإرشاد اليمني  في كلمته إن الفتوى مرسوم ديني في شريعة الإسلام، يقوم بإصدارها علماء الفقه والشريعة حسب الأدلة الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية.

وأضاف: إن للفتوى هيبتها القدسية ومكانتها العظيمة، فقد لزم ألا يتصدر للاشتغال بها إلا من كان أهلًا لها صفةً وخُلقًا وعلمًا ودراية، والمتصدرون للفتوى قليل على الجملة، وهم نوادر العلماء الأبرار وأعدادٌ من المجتهدين الأخيار، قد شربوا من مناهل المعرفة معظم ما صُنفَ وكُتبَ فى الغابر والحاضر، واستوعبت عقولهم تجارب الأمس واليوم، واستشرفوا بتقدير حكمتهم مسائل الغد والمستقبل.

وتابع: وللمفتي صفات وشروط ينبغي ألا تتناقص أو تغيب فهي كما أَصَّلَ لها علماؤنا فى القديم والحديث من كون المفتي مسلمًا مؤمنًا تقيًّا ورعًا فلا بد أن يتصف بالعدل، وأن يكون ثقةً أمينًا متنزهًا عن أسباب الفسق وخوارم المروءة، فقيهُ النفس سليم الذهن رصين الفكر صحيح التصرف والاستنباط، قوي الضبط ومستيقظ الشعور.

ولفت إلى أنه من المؤسَفُ له أن تصبح الفتوى كلأً مباحًا لكل جائع وشارد، ولكل عصابة مارقة امتهنت الفتوى لتقتات بها على دماء الأبرياء فتشرع للجرائم وتؤصل للعنف وتُقَنِّن للإرهاب وتُنَظِّر للتطرف، فويلٌ لهؤلاء وهم -باسم الله- يسفكون الدماء وينتهكون الحرمات ويعتدون على الحقوق والممتلكات، ويروعون الآمنين ويثيرون الفتن ويشعلون الحروب.

وشدد على أن ضبط الفتوى وتنظيمها أصبح واجب الوقت ومهمة العقلاء والربانيين من علماء ودعاة وقادة مخلصين، فالفتوى ليست سوطًا مُسلطًا على الرقاب والأعناق، وهي كذلك ليست صكوك عفو وغفران للمتلاعبين والعابثين بالمبادئ والقيم، لهذا كان من أوجب الواجبات إعادة الاعتبار للفتوى ابتداءً باقتصارها على أهلها الشرعيين، ثم تطوير وظائفها من خلال اعتماد الهيئات والمؤسسات الخاصة بها، وإعداد الدراسات والبحوث المطورة لها، وعقد المؤتمرات والملتقيات والندوات المنظمة لشئونها على المستوى القُطْري والإقليمي والدولي.

وأضاف فضيلته أنه مِن رد الاعتبار للفتوى أن تخصص لها منابر وقنوات ومواقع معتبرة تليق بوظيفتها وتُناسب مقامها، ويتفرغ لنقلها والتوسط بينها وبين جمهورها إعلاميون محترفون يتميزون بحسن الخُلق وسحر البيان، وعلى العلماء ورجال الثقافة والإعلام وأصحاب الكلمة والتأثير أن يصنعوا هيبة الفتوى فى القلوب والضمائر، وأن لا يسمحوا لغير أهلها بالاشتغال بها صيانةً لجوهرها وحرصًا على قداستها.

واختتم فضيلته كلمته بقوله: لقد آن لفوضى الفتاوى أن تتوقف وآن للمتصدرين لها أن يتقوا الله فى شعوب قد أعياها التعب وأنهكها القتل والتشريد والحرب، آن لخوارج العصر أن يعتبروا بما حل بالأمة في القديم والحديث جراء الفتاوى الخاطئة والمنبثقة عن رغبة الانتقام والتسلط، لقد حان الوقت أن تمسح أمتنا عن جبينها غبار الزمن وضبابية الفتوى، وتسوي خلافاتها مع فكرها وتصوراتها، وتحزم أمرها، وتسند فتاواها إلى أهلها الشرعيين من أصحاب الدين والعقل والحكمة.

 

ودعا الدكتور محيي الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث

 

اترك رد