مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

مفتي الجمهورية: نحن في أمسِّ الحاجة إلى بذل الجهود للنهوض بالأمة .. والشباب هم حماة الأوطان وبناة حضارتها

3

شارك فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية ، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، اليوم في ندوة الشباب وبناء الأوطان، التي استضافتها جامعة قناة السويس، حيث رحب الأستاذ الدكتور السيد الشرقاوي، رئيس الجامعة بفضيلة الدكتور شوقي علام، لحضوره في رحاب جامعة قناة السويس وتلبية الدعوة للحديث حول “دَور الشباب في بناء الأوطان”.

وفي بداية الندوة أكد مفتي الجمهورية، أن السويس بلد صامد أَبِيٌّ قدَّم تضحيات كثيرة في سبيل الوطن، مشيرًا إلى أن الشباب هم الثروة الحقيقية لأي وطن، وموضحًا أن النبي صلي الله عليه وسلم بُعث في سن الأربعين والشباب آمن به، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أول من مكَّن الشباب، وهناك أمثال كثيرة، منها: الصحابي أسامة بن زيد وغيره الكثيرون.

وأضاف فضيلة المفتي أن الشباب يحتاج إلى صبر في الحياة والتعلم والتأهيل، والقرآن علمنا قصة أصحاب الكهف، والهدف من القصة هو التحلي بالصبر والأمل، مؤكدًا أن هناك هجمة شرسة من الأفهام المغلوطة، وأننا نعيش في عصر سيولة المعلومات وثورة الاتصالات، لكن هناك أشخاص يحاولون بث الأفكار المغلوطة، ويفسرون النص بما يحقق أغراضهم.

وأوضح فضيلة المفتي أننا يجب أن نقاوم هذه الأفكار بالعلم، والهدف من تحصيل العلم ليس النجاح في الجامعة فقط، بل التفوق في كافة التخصصات، والارتقاء بالإنسان والعمران والأوطان، فإن “الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه”.

كما أوضح أن العلم هو الحصن الذي يحمي الإنسان من الوقوع في براثن الفكر المتطرف، ومن دون العلم لا يمكن أن نواجه التحديات الكثيرة التي نمر بها.

وشدَّد فضيلة المفتي في محاضرته على أن الإسلام لا يريد الشكل، إنما يريد الجوهر، ومضمون الإسلام يركز على القلب، كما أن القرآن يركز على القلب السليم المتحلي بكل الفضائل، والرسول أعطانا أوصاف الخوارج ونعتهم بأنهم “سفهاء الأحلام”.

وقال فضيلة المفتي: “إن هناك فرقًا بين العلم والمعلومات، فالعلم منهج، ويحتاج إلى وقت وتدرج قويم، وبعد تحصيل العلم لا بد من التدريب والتأهيل”، مشيرًا إلى أن الإقبال على مصر والحاجة إليها شديدة جدًّا في العالم، فالعالم يحتاج إلى مصر في كل التخصصات حتى في مجال حفظ المخطوطات والتدريب والتأهيل، موضحًا أنه لمس تلك الأمور بنفسه خلال زيارته الأخيرة للبوسنة والهرسك.

وفي سياق متصل، تحدث فضيلة المفتي عن تجديد الخطاب الديني استجابة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة عام من يجدد لها دينها”، مشيرًا إلى أن معنى التجديد ليس التبديد والتضييع، ولكن توصيل الدين في شكله الحضاري، وتصحيح المسار وتقديم الدين في ثوب العصر.

في الإطار ذاته قال فضيلة مفتي الجمهورية: “إننا في أمسِّ الحاجةِ إلى كافة الجهودِ التي تَهدُفُ إلى النهوض بالأمة ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية في سبيل الوصول بأبنائها إلى دوام الأمن والاستقرار والرفاهية”.

وحول الأسرة المصرية وحمايتها قال فضيلة المفتي: “تنبهنا في دار الإفتاء إلى خطر الطلاق المبكر؛ لذلك أنجزنا جملةً من المبادرات لعلاج هذه الظاهرة، منها دورات المقبلين على الزواج، وهذه الدورات لا تغطي الجانب الشرعي فقط، ولكن يدخل فيها الجانب النفسي والاجتماعي، ونتعاون أيضًا مع الوزرات المعنية مثل مبادرة مودة في وزارة التضامن”.

وأضاف أنه في إطار الطلاق نفسه وجدنا إشكالات في الأسرة، ففتحنا مركز الإرشاد الزواجي، وهناك لجنة مشتركة من الطب النفسي والمتخصص في الشريعة وغيرها من الجوانب، ونجحنا في دار الإفتاء في احتواء الكثير من المشكلات الأسرية.

وأكد فضيلته على أهمية دَور الشباب في بناء المجتمعات، وأن الأمم تُبنى بسواعد الشباب، مشددًا على أن الشباب هم عماد أي أمة من الأمم، وسر نهضتها وبناة حضارتها، وهم حماة الأوطان والمدافعون عن حياضها؛ ذلك لأن مرحلة الشباب هي مرحلة الطاقة والحيوية المتدفقة والعطاء.

كما تطرق إلى الحديث عن الإسلام والشباب، وكيف اهتم الرسول صلى الله عليه وسلم بالشباب اهتمامًا كبيرًا؛ مشيرًا إلى أنهم كانوا الفئة التي وقفت بجانبه في بداية الدعوة، فأيدوه ونصروه ونشروا دعوة الإسلام وتحملوا في سبيل ذلك المشاق والأهوال، كما كان صلى الله عليه وآله وسلم يثق بالشباب ويعتمد عليهم في أداء المهمات الثقال، مثل (أسامة بن زيد- علي بن أبي طالب).

وأضاف فضيلة المفتي أن الرسول صلى الله عليه وسلم، حث الشباب على أن يكونوا أقوياء في العقيدة، أقوياء في البنيان، أقوياء في العمل، حيث قال: “الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ”. غير أنه عليه الصلاة والسلام نبَّه إلى أن القوة ليست بقوة البنيان فقط، ولكنها قوة السيطرة على النفس والتحكم في طبائعها، فقال: “لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِى يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ”. وبهذا عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على إعداد الشباب وبناء شخصيتهم القوية؛ ليكون الشباب مهيئًا لحمل الرسالة، وأقدر على تحمل المسئولية، وأكثر التزامًا بمبادئ الإسلام.

هذا، وقد تطرقت كلمة فضيلة المفتي إلى أهمية بناء الوعي، حيث أوضح فضيلته أن أول الطريق للحفاظ على الشباب هو الالتفات إلى أهمية تنمية الوعي لديهم، وأن مفهوم الوعي في حقيقته يدور حولَ الإدراكِ الدقيق والحقيقي؛ إدراكِ الذات، وإدراكِ المتغيرات التي تُحيط بالإنسان، والوعي بهذا المفهوم هو صفةٌ إسلاميةٌ أصيلة وعامة؛ ذلك أن الشريعة الإسلامية قد أَسَّست للوعي بمفهومه الشامل، فبيَّنت حقيقة الذات البشرية، والكون المحيط، وعلاقة الإنسان بذلك الكون.

وتابع: “تزييف الوعي وتضليل العقل أخطر على الشباب من جميع مُغيِّبات العقل ومُذهِبَات الفهم كالمخدرات وغيرها، فغياب الوعي من أكبر الأخطار المهددة لهم؛ وهذا هو ما يعلمه أعداءُ الأمة وأعداء البشرية من حماة التطرف والإرهاب، فيستخدمونهم بابًا لتسريب أفكارهم ومِعوَلًا لهدم أساس الأمة وبنائها”.

وأوضح فضيلته أن الوعي نوعان: وعي صحيح ووعي زائف. ومن هنا وجب علينا أمران: أن نبين زيف الأفكار والمعتقدات الهدامة من جهة، ونقيم الوعي الصحيح البنَّاء في مقابلة الوعي غير البنَّاء من جهة أخرى. وشدد على أن تنمية الوعي لا تقف عند حدود الفكر فقط، وإنما تمتد إلى الأخطار التي تُهدد الشباب في صحتهم وفي انتمائهم، وأن علينا جميعًا العمل على زيادة الوعي ومراقبة الشباب وتحصينهم من تلك الأفكار؛ لكونهم صيدًا ثمينًا للجماعات المتطرفة.

ولفت فضيلة المفتي النظر إلى أن الأسرة المصرية أولًا ثم مؤسسات الدولة المعنية بأمور النشْء والشباب ثانيًا، يقع عليهما واجبُ الحفاظ على الشباب من كافة هذه المخاطر. ويبدأ ذلك بتنشئة الأجيال داخل الأسرة تنشئة سليمة، وقيام المدرسة بدورها، موضحًا أن لمؤسسات الدولة دورًا مهمًّا في الحفاظ على الشباب بأن تتكاتف لصد هجمة التطرف والإرهاب الشرسة التي تحاول استقطاب الشباب.

وأما من جانب تحصين الشباب، فعلى المؤسسات الدينية عبء كبير في احتواء الشباب ووضعهم على الطريق الصحيح، وترسيخ مفاهيم وسطية الإسلام واعتداله، ومراجعة ما يُنشَر ويُبَث من مواد دينية بشكل مباشر أو غير مباشر.

قد يهمك ايضاً:

كما أن من أسباب الوقاية تنمية روح الانتماء في قلب الشباب، وتوعيتهم بأهمية الوطن وتفعيل دورهم في بنائه وتعميره، ولا ريب أن إقامة مشروعات طموحة تستوعب طاقات الشباب وتمكِّن لإبداعهم وتُعبِّر عن طموحهم، من أهم الخطوات الإجرائية التي تحمي الشباب.

وحول بناء الإنسان، أكد فضيلة مفتي الجمهورية أن الرسالات السماوية جميعًا عُنِيَتْ في المقام الأول ببناء الإنسان وتطويرِه وتأهيلِه لخلافة الله في الأرض، والقيامِ بمقتضيات تلك الخلافة، وأَوْلَتِ الشريعةُ المحمدية على وجه الخصوص عنايتَها البالغة ببناء هذا الإنسان، بوصفه ركيزة الحضارة، ومناط عملية النهضة والتنمية، وسَعَتْ إلى تشييد هذا البنيان الإنساني على قواعد ثابتة مستقرة. وبناء الإنسان يكون بالتخلية والتحلية والتزكية والعلم النافع؛ إذ إن الإنسان الذي يسعى الإسلامُ إلى بنائه ينبغي أن يكون مرتبطًا بتراثه العريق الذي يحفظ له هُوِيَّتَه الثقافية، وذاتيته الحضارية.

كما أن الإسلام يسعى إلى بناء إنسان متعلِّم؛ فالعلم هو الضامن الحقيقي لإعادة صياغة الشخصية وتطويرها بالقدر الذي تستطيع به مواكبة متطلبات العصر وتحدياته؛ ومن ثم لا يوجد ثمة ازدواجية بين العلوم الدينية والدنيوية.

وواصل فضيلة المفتي قائلًا: إن العلم منهجية، وليس مجرد مجموعة من المعلومات التي تحصل في العقل، بل هو منهجية متكاملة تستطيع بواسطة هذه المعلومات استخراج النتائج ومعرفة المقاصد والترجيح بين المصالح والمفاسد. مشيرًا إلى أن هذه المنهجية لا تحدث بين يوم وليلة، ولا بقراءة كتاب أو اثنين أو عشرة؛ بل هي نتاج سنوات من التعلُّم والقراءة والبحث والاستفادة والإفادة.

كما تحدث فضيلته عمن أسماهم بـ أدعياء العلم، موضحًا أن من صفات أدعياء العلم التركيز على الشكل لا المضمون؛ فقد فهموا الدين على غير مراده فخالفوا مقاصده، وأتوا فيه بمعانٍ ومفاهيم جديدة وغريبة، ادَّعوا أنها تمثل صحيح الدين، والمؤكد أن أسلوبهم خطابي مبني على العواطف الحماسية لا على المقاصد والمعاني، حيث يستغلون الدين في تحقيق أغراضهم الدنيوية، رغم أن شريعة الإسلام تأمرنا بتنفيذ أوامر الله والالتزام بالدين طاعة لله عز وجل ورغبة في تحقيق رضاه، ولكن أدعياء العلم يجعلون ذلك وسيلة لتحقيق أهداف دنيوية يلبسونها ثوب الدين، فيرفعون شعار الدين ليخدعوا به الناس لتحصيل الدنيا.

وتابع فضيلة المفتي تفنيده لصفات أدعياء العلم، موضحًا أنهم كثيرو الحكم على الآخرين، ومن هنا فإنهم يتساهلون في أمر الدماء، رغم أن شريعة الإسلام تحذر من انتهاك حرمة الدم، وتعلي من شأن حياة الإنسان. يقول الله عز وجل: ﴿مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة:32]. وقال النبي ﷺ: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا جَمِيعًا أَهْوَنُ عَلَى الله مِنْ دَمٍ يُسْفَكُ بِغَيْرِ حَقٍّ».

كما يزعمون الاختصاص بالحق من دون سائر الخلق، رغم قوله تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾، وقال نبينا الكريم ﷺ: «وَجُعِلَتْ أُمَّتِي خَيْرَ الْأُمَمِ». ويعملون ضد مظاهر المدنية والتحضر؛ فهم في خصام وتنافر مع مظاهر عمارة الأرض وضد كل نجاح بشري، فلم يقدموا أي شيء نافع لمجتمعاتهم أو أمتهم، رغم أن الإسلام يعلي من شأن قيمة العمل ويحث على عمارة الأرض ونشر مظاهر المدنية والحضارة، ويجعل ما يبذل في سبيل ذلك من القربات إلى الله التي يثاب المرء عليها.

وأكد فضيلة المفتي أنهم يعملون أيضًا على الانتقاص من أهل الاختصاص والتطاول على علماء الأمة، رغم أن الشريعة الإسلامية تضبط الكلام في الدين ومجال الفتوى، وترد أمور الشريعة لأهل الاختصاص، يقول الله عز وجل: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل:43].

وكذلك الانتقاص من قيمة الوطن واعتبارهم أن محبة الأوطان شرك والتعاون مع مؤسسات الدولة والعمل بها كفر، مع أن شريعة الإسلام ترشدنا إلى أن حب الوطن من الإيمان، وتبين لنا أن الانتماء الوطني أمر فطري وواجب شرعي، وتوضح لنا أن قوة الوطن قوة للدين.

وعن دور الشباب في مواجهة أدعياء العلم، أكد فضيلة المفتي أن على الشباب التثبُّت، فقال: في ظل الموجة الهادرة من أدعياء العلم في كل مكان يجب التثبت وأخذ العلم من منبعه الصافي، ولا نأخذ الفتوى إلا من أهل الاختصاص، وتتبع المنهج الشرعي الصحيح المأخوذ عن العلماء، وهذا المنهج هو ما عبر عنه ابن عباس حين قال للخوارج: «جئتكم من عند أمير المؤمنين وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم» فأخبر أنه جاءهم من عند الصحابة، الوارثين العلم عن النبي الكريم، وورَّثوه للتابعين وتابعيهم حتى وصل إلى الأزهر الشريف؛ ذلك المنهج الصحيح الذي يربط بين الشكل والمضمون بوضوح تام، ولا يفصل بحال بينهما.

كما تطرق فضيلة المفتي للحديث عن تعظيم قدر العلماء وتوقيرهم، موضحًا أن الشرع الكريم حضَّ على توقير أهل العلم؛ إذ بالعلماء يظهر العلم، ويُرفع الجهل، وتُزال الشبهة، وتُصان الشريعة. وقد روى الترمذي وأحمد عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس منَّا من لم يجلَّ كبيرَنا، ويرحمْ صغيرنا، ويعرفْ لعالمنا حقَّه”.

 

وأضاف: علينا نبذ التشدد والغلو؛ فقد تميزت الأمة الإسلامية دون سائر الأمم بالوسطية، والتي تعني التوسط والاعتدال بين طرفي الإفراط والتفريط. ولقد سلك المتطرفون مسلك التشدد وركبوا مركب التعصب باسم التمسك بالسنة المطهرة، لكن نصوص السنة واضحة وقطعية في نبذ التشدد والغلو.

كما أن علينا التمسك بالأخلاق وعدم الانفصام بين العبادة والأخلاق؛ فإن التعامل مع الآخرين هو محكُّ التَّديُّنِ الصحيح. وقد اشتُهر على الألسنة أن الدين المعاملةُ. والمقصود بالمعاملة الأخلاق. وفي التدين الحقيقي لا فصل بين الإيمان والأخلاق والعمل، ويؤصل لهذا المعنى حديث جبريل عليه السلام المشهور، حين سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن الإسلام والإيمان والإحسان. فقد بيَّن هذا الحديث الشريف أن الإسلام: شعائر وعقائد وأخلاق. والأخلاق هي مرتبة الإحسان.

وحول التحديات التي تواجهها الدولة، أكد فضيلة المفتي أن الدولة تواجه تحديات جمة، منها المؤامرات والحروب التي أخذت أشكالًا جديدة هي حروب الجيل الرابع والخامس. كما أن العالم يواجه أيضًا تحديات كثيرة، منها: كوفيد 19 والتغير المناخي وندرة المياه… وغير ذلك، مشيرًا إلى أن على الشباب دورًا كبيرًا في مواجهة التحديات الوطنية وخاصة الاجتماعية؛ مثل: زيادة السكان والطلاق المتكرر والانتحار والتفلُّت في السوشيال ميديا وانتشار المخدرات… وغير ذلك.

ودعا مفتي الجمهورية في محاضرته، الشباب إلى ضرورة دعم الدولة في هذه المرحلة؛ وذلك بتطبيق تعاليم الدين من جهة، وتعليمات القانون والدولة من جهة أخرى؛ وذلك لتحقيق أمن واستقرار المجتمع، هذا مع دعوة الغير إلى دعم الدولة والالتزام بما توجه الأفراد إليه نحو اتخاذ الإجراءات الاحترازية والحفاظ على مؤسسات الدولة من التخريب والإفساد؛ مما يحفظ على الدولة هيبتها ويؤدي إلى استقرارها.

كما دعاهم إلى ضرورة الحفاظ على استقرار الوطن، مؤكدًا أن المسلم الحق هو الذي يحب وطنه ويعمل جاهدًا على دعم مقومات الدولة والحفاظ على مؤسساتها؛ لأن في ذلك حفاظًا على شعائر الدين ورعايةً لمصالح الخلق وانضباطًا لحياتهم. وهذا من الإصلاح الذي قال الله تعالى عنه: ﴿وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ المُفْسِدِينَ﴾ [الأعراف 142]. فالمتدين بحق هو أبعد الناس عن معاني الإفساد في الأرض.

كذلك دعاهم إلى المشاركة الإيجابية والمساعدة على حل المشكلات بالمشاركة الإيجابية في المجتمع؛ فالمسلم الحق هو الذي لا يعيش كلًّا على أحد، يسعى لعمله كما يسعى إلى صلاته، يصلح بين المتخاصمين، ويجود بماله ووقته من أجل الآخرين، ويحارب الفساد، ويتصدى للمنكرات، ويتعاون مع أفراد المجتمع من أجل رقيه والنهوض به، امتثالًا لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].

هذا إلى جانب ضرورة تمسك الشباب بدرء الفتنة، قائلًا: يجب غلق الباب أمام دعاة الفتنة؛ وذلك بتقبل الآخر والتعايش معه بالتسامح والمحبة؛ فإن الإسلام يقرر أن الناس كلهم من أصل واحد، وأنهم خُلقوا كلهم من نفس واحدة، وأنهم جُعلوا شعوبًا وقبائل ليتعارفوا، فالمتدين تدينًا صحيحًا هو الذي يؤمن بأن البشر جميعًا تجمعهم رابطة الأخوة الإنسانية، فهو يقبل الطرف الآخر ولا يُقصيه؛ لأن الإسلام أكد على وحدة البشرية وإن تعددت شرائعهم، ومن هنا ينبغي احترام الأديان والمقدسات؛ فإن الإسلام يدعو إلى احترام الأديان، كما يحرِّم الاعتداء على دور العبادة الخاصة بالمسلمين وغيرهم، ويدعو إلى تقبل التعددية العقدية؛ لأن الناس لن تجتمع على دين واحد؛ لكون الاختلاف سنة الله في هذا الكون، قال تعالى: {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة}.

التعليقات مغلقة.