مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

محمد صبحي..التاريخ المُشرّف الذي يلزمنا احترامه

10

كتب: عبد الرحمن هاشم

محمد صبحي ممثل ومؤلف ومخرج مسرحي مصري، ولد بالقاهرة في 3 مارس 1948م.

تخرّج في المعهد العالي للفنون المسرحية قسم التمثيل والإخراج بتقدير امتياز، ما أهله للعمل كمعيد بالمعهد، ولكنه ترك التدريس وأسس “استوديو الممثل” كممثل ومخرج، واشترك معه رفيق رحلته الفنية الكاتب المسرحي لينين الرملي.

في عام 1968، بدأ صبحي العمل في أدوار كثيرة بالعديد من المسرحيات أمام العديد من الفنانين المشاهير مثل صلاح منصور، فؤاد المهندس، حسن يوسف، محمد عوض، محمد نجم، محمود المليجي وعبد المنعم مدبولي.

وفي عام 1980، كوّن صبحي فرقة “ستوديو 80” مع صديقه لينين الرملي، ليشهد الوسط المسرحي مولد ثنائي شاب دارس للمسرح، ولديه رغبة في إثبات الذات، فقد نجح الثنائي لينين كاتبًا وصبحي ممثلًا ومخرجا في أغلب الأوقات في تقديم مجموعة من أنجح مسرحيات هذه الفترة، ما جعل البعض يرى فيهما امتدادًا للثنائي نجيب الريحاني وبديع خيري.

ومن بين العروض التي قدماها في تلك الفترة “الجوكر”، “أنت حرّ”، “الهمجي”، “البغبغان”، و”تخاريف”.

وفي عام 1984، من خلال مسلسله الشهير “رحلة المليون” بجزئيه الأول والثاني، والذي ظهر فيه بشخصية “سنبل” وحقق نجاحًا ملموسًا وقت عرضه وما زال.

وفي عام 1994، بدأ صبحي في تقديم شخصية “ونيس” من خلال مسلسل حمل اسم “يوميات ونيس”، عرض من خلالها هموم الأسرة العربية وما يصادفها من عقبات أثناء تربيتها لأبنائها.

وفي الألفية الجديدة قدّم عدة مسلسلات أهمها “فارس بلا جواد”، ومسلسل “رجل غني فقير جدًا”.

وفي عام 2009 عاد الفنان القدير محمد صبحي لشخصية “ونيس” وقدّم الجزء السادس من خلال مسلسل “يوميات ونيس وأحفاده”، وقد أصبح أبناء ونيس متزوجين ولديهم الكثير من الأحفاد، ويتحدث المسلسل عن مشاكل وقضايا ومستقبل الأحفاد والأطفال، كما قام بعمل الجزء السابع من المسلسل “ونيس وأيامه”، والجزء الثامن “ونيس والعباد وأحوال البلاد”.

“لقاء مع الفنان الكبير محمد صبحي”، هو عنوان صالون الأوبرا الثقافي الذي عُقد بالمسرح الصغير مساء الأربعاء 26 يونيو 2019م تجاوبًأ مع إضافات الفنان المهمة الواردة أعلاه.

أدار الصالون الفنان أمين الصيرفي مسلطا الضوء على أهمية الدور الثقافي والفني الذي لعبه صبحي ولا زال يلعبه في الساحة العربية.

تحدث صبحي عن صباه فقال:

كنت طفلا منطويا منزويا خجولا متأملًا مع أني نشأت في بيت تحيط به سينما من أمامه وسينما من خلفه فأظل أشاهد في كل عرض فيلمين أحدهما عربي والآخر أجنبي، الأمر الذي كوّن عندي عشق للسينما والتمثيل.

وبحكم عمل والدي في فرقة رمسيس استطاع أن يأتي لنا في البيت بماكينة سينما صغيرة وكان يجبرنا على مشاهدة أفلام الباليه فتكونت عندي رغبة أن أكون عازف كمان أو راقص باليه.

ولقد رأيت يوسف بك وهبي وهو يمسك العصا ويدق على خشبة المسرح دقاته المشهورة.

ولا زلت أتذكر يوم ضربني أبي لأنني أحدثت ضجيجًا داخل المسرح، فتعلمت احترام المسرح لدرجة الخوف.

وعشت أول قصة حب لبنت الجيران وقت أن كان عمري 8 سنوات وكنت قد رسمت صورتها في البلكونة كي ألفت نظرها فألزمني والدي أن أمسح ما رسمته بطريقة صعبة وهي أن أقف بالشورت وأمسك بالليفة والجردل وأزيل ما رسمته فكنت أدعو الله أن يأخذها ويقبض روحها كي لا تخرج وتراني على هذه الصورة، وكان اسمها ابتسام. وفي الإعدادي بدأت القراءة بنهم شديد، وبخاصة أعمال برناردشو وهاملت.

وتحدث صبحي عن تنبؤ الفنان الكبير محمد توفيق له بالمستقبل الفني العظيم، أما الفنان الأستاذ سعد أردش فقد تحدث عن صبحي محاضرة كاملة ومؤملًا بأنه سيكون من أعظم مخرجي مصر.

قد يهمك ايضاً:

” العسومي” يثمن مواقف روسيا الداعمة للقضية…

كما تحدث عن لينين الرملي ووصفه بأنه المؤلف المفكر الذي يمتلك الرؤية والعشق الحقيقي للمسح ودعا له بالشفاء، وقال: اشتغلنا كومبارس من 1968 إلى 1975 في الأعمال العظيمة التي قُدمت من إخراج سعد أردش وكنا نقف نتفرج على الأساتذة ونستخرج أخطاءهم!

وعملنا فرقة سنة 1970 وقدمت من خلالها هاملت وروميو وجولييت، وفي سنة 1975 قدمت مسرحية “انتهى الدرس يا غبي”، وكان يوجد في مصر وقتها 25 فرقة وكنت أنا الوجه الجديد وساعدني كثيرا العملاقين محمود المليجي وتوفيق الدقن.

وتتابعت الأعمال بعد ذلك: “علي بك مظهر”، “الجوكر”، “البغبغان”، “الهمجي”، “تخاريف”، “وجهة نظر”، “بالعربي الفصيح”، وانفصلنا سنة 1994 بعد أن قدمنا أعظم المسرحيات.

وأرجع صبحي الفارق بين الفن في الستينيات والفن بعد الستينيات إلى المناخ النقدي والحركة النقدية، وقال: يومها كان الفن قائمًا على المفكرين، وهم الجيل الذي قرأ للعقاد وهيكل وطه حسين وتوفيق الحكيم وإحسان عبد القدوس ويحيى حقي والمازني.

إنما من لا يقرأ سوى الفيس بوك.. ماذا تنتظروا منه أن يقدم لكم من أعمال؟

أما الأستاذ شادي عبد السلام فقد وصفه صبحي بأنه كان هدية الله له بعد تخرجه في المعهد وقد تعرّف عليه بعد أحد عروض مسرحية “هاملت” سنة 1971 في العمرانية بالهرم.

قال صبحي: عرض عليّ شادي عبد السلام أن أمثل أخناتون وجاء بصورة أخناتون ووضعها بجوار وجهي وقال لي: الشرط الوحيد هو أن لا تظهر في فيلم قبل أخناتون، فوعدته بذلك، لكن بعد ثلاث سنوات تعثر إنتاج الفيلم لأن ميزانيته فاقت نصف المليون جنيه!

لكن الشيء العظيم الذي خرجت به من هذه التجربة أنني كسبت شادي عبد السلام وقرأت لأول مرة التاريخ المصري القديم، 30 كتاب لسليم حسن، وحتى الآن لم يظهر أخناتون!

وبسؤال صبحي عن العمل الذي عمله وجسّد جميع أفكاره؟ قال: لم يأت بعد، لكن لا يوجد عمل عملته ضد أفكاري ولا تاجرت بأفكار غيري. ومتعتي الحقيقية في أن أبني العمل الفني.

وعن الصعوبات التي واجهته بعد تقديم “فارس بلا جواد”.. قال: أساس هذا العمل قائم على “بروتوكولات حكماء بني صهيون”، وبعد توزيع العمل على الدول العربية لعرضه في رمضان، اتصل بي اللواء عمر سليمان رحمه الله طالبا حذف 100 مشهد بحجة اعتراض جهات أجنبية عليا، فقلت له: احذفوا أنتم. فقال: أنت كاتب شرط جزائي بمليون جنيه عند حذف أي لقطة! فظل يساومني وأساومه كي يذاع المسلسل ووافقت على حذف 42 مشهد، وخرجت طائرة لاستبدال الشرائط من 18 عاصمة عربية ما عدا التليفزيون العراقي وقناة المنار اللبنانية كنا أعطيناهم المسسلسل هدية.. فقال لي عمر سليمان: اتصل بهم أنت.. فقلت: كرامتي تمنعني من الرجوع في الهدية.. فقال: على العموم، الإقبال عليهما غير كثير!

وجاءت عظمة الفيس بوك.. كان الشباب يشاهد الحلقة على قناة المنار ويكتب الحوار المحذوف وينشره على الفيس.

وبعد المسلسل اجتاحت أمريكا بغداد وتحقق ما تعيش فيه المنطقة الآن!

ومن تاريخ المؤتمر الصهيوني الأول الذي عُرض فيه مشروع هرتزل 1897م والسيناريو يطبقه أصحابه في المنطقة العربية والشعوب لا تتعظ! سرقوا منها ذاكرتها الذهنية والبصرية.

وعن مسرحية “خيبتنا” قال: احتلال العراق 2003م هو الذي دفعني لكتابة هذه المسرحية سنة 2004م وأخذت الترخيص الأول سنة 2007م وظلت تؤجل إلى أن عرضت أخيرا في 2018م.

ومثلها كانت مسرحية “ماما أمريكا” 1994 وتنبأت بتفجير تمثال الحرية في بلد لا تؤمن بالحرية خارج أراضيها كما تنبأت بتفجير ناطحات السحاب رمز الرأسمالية المتوحشة!

ولخّص صبحي الأوضاع العربية بقوله: هب أن فيلمًا قام ببطولته ممثل ما لكن بعد عرضه أثبت فشله، وبعد فترة ليست بالطويلة عُرض نفس السيناريو ونفس الفيلم ونفس المؤلف ونفس المنتج ليأخذه الممثل فيصوره ويعرضه على الجمهور.. يبقى الممثل إيه؟ فاشل.. وهذه هي المنطقة العربية.

وفي ختام اللقاء قدّم الفنان أمين الصيرفي باسم إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، وباسم دار الأوبرا والدكتور مجدي صابر، درع الأوبرا للفنان محمد صبحي تقديرا واعتزازا.

حضر اللقاء الفنانة الكبيرة سيدة المسرح العربي سميحة أيوب والفنانة القديرة سميرة عبد العزيز والفنانة القديرة مديحة حمدي ولفيف من محبي الفن النظيف.

اترك رد