مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

محمد حسن حمادة يكتب حصريا لمصر البلد: مجالسنا العرفية

3

مقدمة:

إذا كان الحكم في صالحي فهي مجالس عرفية عادلة أما إذا كان الحكم في غير صالحي فهي مجالس ضلال وزيف ونفاق وبهتان”.

بتجرد وبعيدا عن تجاربنا الشخصية هذه المجالس لها مالها وعليها ماعليها، فيها  الصالح وفيها الطالح، فيها الشريف وفيها الوضيع، فيها من يخشي الله وفيها من يحكم بالأهواء وبمآرب شخصية، فيها من يحكم بالمحبة والكراهية، فيها العالم وفيها الجاهل، فيها اللين وفيها القوي، فيها من يعرف شرع الله ويتحري الصدق والأمانة ويريد تطبيق الشرع والوصول إلي الحكم العادل، وفيها (الضلالي) فيها الخبير بحكم العرف وفيها من لايعرف شيئا عن العرف، فيها صاحب الضمير وفيها من يبيع ذمته بخردلة، فيها المتحيز الذي ينحاز للقوي، وفيها من ينحاز للضعيف، وفيها من ينحاز للكثرة والعدد والعصبية، وفيها من ينحاز للصوت العالي، وفيها من ينحاز للحق.

تكمن المشكلة أن الصالحين قلة مما يؤثر في النهاية علي الحكم لأن الحكم يكون بالأغلبية فيضيع صوتهم هباءً في خضم الباطل فالملاحظ أن الطالح غطي علي الصالح!

لكن هل ينسحب الصالح؟

أظن لو أن الصالح انسحب سيترك الساحة للطالح وستزداد المظالم والشكايات،

قد يهمك ايضاً:

وستضيع الأمانة، وبالتالي ستزداد معاناتنا.

إذن مازال الصالحون وإن كانوا قلة فهم صمام أمان وعنوان للعدل والنزاهة فعلي يدهم يتم الصلح بين الزوجين أو المتخاصمين وتقريب وجهات النظر بين المتنازعين ونزع فتيل الخصومة والعداوات في قضايا كثيرة ولولاهم لضجت أروقة المحاكم بقضايا لاحصر لها.

الجلسة العرفية عبارة عن طرفين متنازعين الطرف الأول يُسمي ويختار حكامه والطرف الثاني كذلك، إذن أنت من تختار من سيمثلك من الحكام، جميعنا يعرف الصالح من الطالح الكرة في ملعبكَ فمن ستدعو وتختار؟

سمي حكامك حتي أعرف توجهك.

لايسري حكم القضاء إلا بحكم بات، أيضا أحكام الجلسات العرفية ليست نهائية فعندما أشعر بالظلم ماعليً إلا أن أقول (شرع الله عند غيركم) وفي هذه الحالة ألغي الحكم كلية وأبدأ مرحلة استئناف جديدة من التقاضي العرفي، لكن الملاحظ أن هذه المزية يستخدمها بعضهم كفزاعة لمن لايرضي بالحكم لأنه في هذه الحالة التي يسمونها (الرُّزْءة) سيدفع المتضرر من الحكم مبلغا من المال وستنقل الجلسة لبيت آخر وسَيُختصم فيها الحكام، مما يجعل المتضرر يخضع للحكم الجائر حتي لا يتكبد خسائر مالية وخاصة إن كان فقيرا.

قرأت منشور المهندس عماد الحسيني عن الجلسات العرفية بطنان وأعتقد أنه المنشور الثاني له في هذا الصدد يحسب للمهندس عماد الحسيني أنه أول من ألقي بحجر كبير في هذا الملف فقد كان هذا الملف من التابوهات المحرمة المسكوت عنها، بالطبع تصفحت تعليقات المنشور وقفت عند بعضها لكن التعليق الإيجابي العملي الأبرز الذي راق لي كان تعليق المهندس وجيه كشك، فكرة طرحت في تسعينيات القرن المنصرم لم تر النور، أنقل لكم التعليق بحذافيره: أن يكون هناك قضاء عرفي بمقر رسمي في كل قرية يضم قضاة سابقين مع علماء دين وحكماء يقوم بحل القضايا قبل أن تذهب للمحاكم ولكن الفكرة لم تر النور”.

 

فكرة رائعة لمً لم تخرج إلي النور، ولمً تعطلت ولماذا لانعمل عليها الآن بكل قوة حتي نسد الطريق علي بعض ضعاف النفوس الذين أفسدوا مجالسنا العرفية وحولوها لمجالس مشبوهة سيئة السمعة مشكوك في نزاهتها وأحكامها تُوغر الصدور وتثير الشكوك والحقد والنزاع والكراهية والشحناء والبغضاء.

 

في النهاية أذكركم ونفسي بهذا الحديث النبوي الشريف قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: القضاة ثلاثة : قاضيان في النار وقاض في الجنة، قاض عرف الحق فقضى به فهو في الجنة ، وقاض عرف الحق فجار متعمدا فهو في النار ، وقاض قضى بغير علم فهو في النار “. صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم.

اترك رد