مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

محمد حسن حمادة يكتب: الحقيقة العارية

9

تجسد لوحة جيروم أسطورة قديمة جدا، تقول الأسطورة أن الحقيقة صادفت الكذب ذات يوم، والذي بادرها قائلا:

إن الطقس رائع وجميل هذا اليوم ما رأيكَ أن نتمشى معا؟

نظرت الحقيقة إلى السماء وما حولها وقالت له:

الطقس جميل ورائع هذا اليوم هلم بنا،

وبينما كانا يتنزهان، وصلا إلى بئر كبيرة، مد الكذب يده للماء وقال للحقيقة:

كم هي رائعة ودافئة مياه هذه البئر، ما رأيك أن نسبح معا في مياهها الرائقة؟

شكَّت الحقيقة فيما يقوله الكذب ونظرت إليه بريبة، ولكن عندما وضعت يدها في الماء وشعرت بروعتها، وافقت على أن تسبح معه، وخلعا ثيابهما ونزلا الى الماء وباشرا السباحة معا، غافل الكذب الحقيقة وخرج فجأة من البئر ولبس ثياب الحقيقة وغادر المكان مسرعا بخطاه نحو بعيدا.

قد يهمك ايضاً:

د. محمد الحلفاوى يكتب الأنبا بولا.. وفلك المحبة

السيد خيرالله يكتب: صياد وزارة الزراعة .. عبده مشتاق مع…

خرجت الحقيقة غاضبة من البئر بسبب عريها، وركضت وراءه تبحث عنه فى كل الأماكن والاتجاهات فزعة، عسى أن تسترد ثوبها ولتستر عورتها، ولكن دون جدوى فقد هرب بعيدا تاركا إياها في حيرة وعري وذهول.

نظر البشر إلى عريها وأشاحوا بوجوههم عنها فى استهجان مشمئز، وتملكهم الغضب من فعلتها الشنيعة، أما الحقيقة المسكينة، فقد عادت إلى البئر بخطى مرتبكة يلفها الغضب واليأس والقنوط، لتستقر فيه وتختفي من فرط خجلها وإلى الأبد.

وبقيَّ الكذب منذ ذاك الزمن الغابر يختال بمشيته على الأرض بلباس الحقيقة، فكل الناس لا تريد رؤية الحقيقة المجردة وهي عارية، لأنها بعريها تخالف مفاهيم وعادات وموروثات بالية توارثوها منذ الأزل وباتت لدى بني الإنسان قوانين غير مكتوبة، ومنذ ذلك الحين أيضا، يسافر الكذب متنقلا يطوف حول العالم مرتديا لباس الحقيقة، بينما لايزال البشر مصرين على رفضهم رؤية الحقيقة العارية”.

إلي هنا انتهت الأسطورة( وانتهت الفقرة المقتبسة.)

بالفعل هذا هو زماننا لايريد أن يري الحقيقة بل يبحث عن الكذب (المساوي) فلاتجهد نفسك مع ضعاف النفوس وتدخل نفسك في معارك جانبية تبعدك عن هدفك الأصلي، فمن يريد الوصول للحقيقة يستطيع أن يصل لها وبسهولة، أما من يكرهك أو يحقد عليك أو يغار منك قطعا سيساهم في ترسيخ الكذبة لحاجة في نفس يعقوب إما نفاقا لأحدهم أو زيفا أو بهتانا أو لكسرك أنت أو لأن مواقفك أنت تحديدا تضعه في قفص الاتهام بينه وبين ضميره الذي قتله بالمسكنات ولم يحاول حتي أن يبقي منه حتي حبة من خردل ذرا للرماد في العيون.

في النهاية لاتبالي بهؤلاء بل حاول أن تكون الأذكي بأن تري نجاحك في أعينهم وكلما زاد حقدهم وغيظهم وزادت عداوتهم، تأكد أنك علي الطريق الصحيح ولابد أن توقن أن صوت الباطل مهما علا وارتفع لابد أن ينتصر الحق ويظهر الصدق وتتكشف الحقيقة يوما ما فهذا وعد إلهي غير مكذوب، ساعتها سيتجرد الكذب الجميل من رداء الحقيقة الذي تلفح به ردحا من الزمن ويظهر وجهه الآخر القبيح المسموم فلا تظن أيها الكذاب الآشر أنك حتي لو نجحت في إقناع الناس بكذبك بعض الوقت ستنجح في إقناعهم بكذبك كل الوقت حتي ولو حلفت علي أغلظ العهود والمواثيق فكتاب الله له رب حتما سيثأر له، هذا عن البشر فماذا عن الإله وعن العقاب الإلهي في الآخرة

(يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ(88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ(89)) أي قلبٌ مؤمنٌ خالِ من العلّة.

اترك رد