مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

محمد حسن حمادة يكتب:الحجر الأسود الافتراضي

58

في المرحلة الابتدائية كنا نسأل أساتذتنا في الأزهر الشريف هذا السؤال الافتراضي: ألا يجوز الصلاة خلف التلفاز أو الإذاعة؟ فكانوا يسخرون منا، وبعضهم يجارينا في مزاحنا الطفولي فيسألنا ماذا لو انقطع الإرسال أو انقطعت الكهرباء فهل يظل الشخص على حالته لحين عودة الكهرباء؟ وماذا يفعل إن لم تعد إلا في اليوم التالي؟ ترى ماذا سيكون ردة فعلهم وتعليقهم الآن على هذه النكبة التي تعيشها الأمة حاليا.

منذ عدة أيام دشنت المملكة العربية السعودية مبادرة: الحجر الأسود الافتراضي”. ليكون باستطاعة أي شخص في العالم مشاهدة الحجر الأسود والكعبة المشرفة عبر تقنية إل(VR).

حدث جلل لا يجب أن يمر مرور الكرام فله تبعات عظيمة قد تقودنا في المستقبل لهدم ثوابت الدين! مادمنا نلهث خلف عالم المستقبل الافتراضي، أنا مع استخدام التكنولوجيا الرقمية في شتى مناحي الحياة والاستفادة من التقنيات الحديثة في تعليم مناسك الحج والعمرة، لكن أن نحول الدين لتجارة، إلى سلعة رائجة وتحويل الطقوس والعبادات الدينية لعملية ترفيهية تتساوى مع الألعاب الإليكترونية، وأفلام الخيال العلمي ومباريات كرة قدم وألعاب (الثري دي) وكأنها جزءا من مواسم الرياض الترفيهية؟ فهذا أمر مرفوض.

قد يهمك ايضاً:

الصحة النفسية ….الرهاب الاجتماعى …حلقة 39

أحمد سلام يكتب يوم أن غاب السادات عن 25 إبريل

هل لمس الحجر الأسود أو الأسعد سيجلب الكورونا ومواسم الرياض الترفيهية وحفلات ومهرجانات جدة الغنائية محصنة ضد الكورونا؟
هل يجرؤ شيوخ السلطان بالمطالبة بوقف هذه الحفلات والمهرجانات أو تحويلها للعالم الافتراضي على غرار الحجر الأسود الافتراضي؟

خطوة مع الوقت قد تخلق قداسة موازية والتوسع في ترسيخ مصطلح (العبادات الافتراضية) سيلهينا عن شعائرنا الأصلية وتحويل الأراضي الحجازية لمتحف مفتوح لتكون مجرد إرث تاريخي وليست بقعة طاهرة مقدسة وسيكون الدين مجرد ظاهرة وليس عقيدة وبالتالي نزع ستار الروحانيات عن الدين الإسلامي وشعائره المقدسة وحلحلة وخلخلة هذا الدين من القلوب لينتج عن هذه المقدمات إله مواز ودين افتراضي وعبادات افتراضية بلا يقين وحج افتراضي وبالطبع سنسمع عن شيوخ الضلال الذين يتحدثون عن الحسنات الافتراضية وأن من يمارس هذه الشعائر الافتراضية سيدخل حتما الجنة الافتراضية، وسيبيعون لنا (أون لاين) صكوك الغفران من جديد طالما أتاحت التكنولوجيا هذا الأمر.

قد يعتقد بعضهم أنني أبالغ في مقالي وأن الأمر لا يعدو إلا أن يكون خطوة تعليمية لشعائر الحج والعمرة ومسايرة تكنولوجيا العصر ولكن حتى تدركوا فداحة هذه الخطوة وأن الأمر جد خطير أترككم مع رجل الأعمال السعودي المهندس محمد الشريبي مؤسس شركة (سنتليون إنك) الذي دعا في مقال عبر مجلة (نيوزويك) الأمريكية، نُشر في 24 من يونيو الماضي: إلى أن يصبح الحج الافتراضي جزءا من واقع المسلمين في الوضع الجديد الذي فرضته الجائحة، مؤكدا أن “العبادة الرقمية وجدت لتبقى”.

فاللهم إنا نعوذ بك من هؤلاء وعبادات العالم الافتراضي التي هي عبارة عن سراب (يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ). صدق الله العظيم.

التعليقات مغلقة.