مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

ماذا وراء انفوجراف مجلس الوزراء ؟

4

بقلم. د – إسلام جمال الدين شوقي:

 خبير اقتصادي

عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي

لاشك أن نجاح مصر في أن تعكس منحنى الدين الخارجي لها لأول مرة منذ أكثر من 4 سنوات في الربع الأول من 2020، والذي يعزز من وصول معدلات الدين الخارجي إلى أفضل مستوى له منذ سنوات  يحمل الكثير من الدلالات والمعاني حيث يعكس كفاءة الاقتصاد المصري خاصةً في ظل مواجهة جائحة كورونا المستجد أو مايُعرف ب Covid-19 حيث استطاع الاقتصاد المصري أن يتماسك نتيجة لتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي مما ساهم في تعزيز قدرة الدولة على امتصاص آثار فيروس كورونا المستجد الكارثية.

ولا يخفى على القاصي والداني أن الدين الخارجي لمصر مازال مطمئن وفي الحدود الآمنة والمتعارف عليها دوليًا خاصةً عندما يتم مقارنته بدول أخرى في الأسواق الناشئة، حيث استطاع الاقتصاد المصري تخفيض مستويات الدين نتيجة حفاظه على توازن كلًا من السياسة النقدية والسياسة المالية حيث تم زيادة موارد الدولة في مختلف القطاعات الاقتصادية بفضل نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي مما انعكس على تخطي الاقتصاد المصري لآثار جائحة كورونا المستجد مقارنةً باقتصاديات دول العالم المختلفة.

وتجدر الإشارة إلى أن المستويات المنخفضة من الدين الخارجي قصير الأجل، تسهم في جعل الأوضاع المالية للاقتصاد مستقرة وغير عرضة للتدهور، فقد انخفض نسبة الدين قصير الأجل إلى إجمالي الدين الخارجي، والتي وصلت إلى 9.3% في الربع الأول من عام 2020، مقارنة بـ 11.7% في الربع الأول من عام 2019، كما انخفضت أيضًا نسبة الدين قصير الأجل إلى صافي الاحتياطيات الدولية، والتي وصلت إلى 25.7% في الربع الأول من عام 2020، مقارنة بـ28.1% في الربع الأول من عام 2019، و27% في الربع ذاته من عام 2018، و44.2% في الربع الأول من عام 2017، و41.3% في نفس الربع من عام 2016.

أما عن المؤشرات الاقتصادية التي ساهمت في تحسن أداء الدين الخارجي :

يأتي من أبرزها تراجع سعر صرف الدولار أمام الجنيه بنسبة 10.7%  ليصل إلى 15.8 جنيه في نهاية سبتمبر 2020، مقارنة بـ 17.7 جنيه في نهاية سبتمبر 2017، وكذلك زيادة احتياطي النقد الأجنبي بنسبة 6.4% ليصل إلى 38.4 مليار دولار في أغسطس 2020

كما ساهم أيضًا زيادة إيرادات السياحة في تحسن أداء الدين الخارجي، وكذلك ساهمت زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج في تحسن أداء الدين الخارجي، ، بجانب زيادة الصادرات السلعية بنسبة 21.8% لتصل إلى 6.7 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2020، مقارنة بـ5.5 مليار دولار خلال نفس الربع من عام 2017، وأخيرًا زيادة إيرادات قناة السويس بنسبة 16.7%، لتصل إلى 1.4 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2020، مقارنة بـ 1.2 مليار دولار خلال نفس الربع من عام 2017.

وتجدر الإشارة إلى أن الاقتصاد المصري قد أثبت في ظل الظروف الراهنة بأنه اقتصاد متنوع لا يعتمد على قطاع واحد مثل السياحة أو البترول ولكنه يعتمد بشكل كبير على مجموعة من القطاعات هي التي تسهم في تحقيق الناتج القومي لمصر حيث إنه فى إطار اقتصاد عالمي جديد وبسبب جائحة كورونا المستجد أعاد العالم ترتيب أولوياته خاصةً وأن هذه الأزمة كانت كاشفة لبعض القطاعات مما يمكننا من الاستفادة من مميزات تنوع الاقتصاد المصري.

قد يهمك ايضاً:

أنور ابو الخير يكتب: أحلام ضائعة

وفيما يخص أداء الدين الخارجي المصري مقارنة بالأسواق الناشئة :

يأتي الدين الخارجي لمصر ضمن الأفضل مقارنة بالأسواق الناشئة على مستوى العالم، بنهاية مارس 2020، حيث سجل31.7% كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي وحققت تايلاند 32.4%، وباكستان 34.4%، وإندونيسيا 34.5%، وبيرو 35.1%، وجنوب أفريقيا 44.1%، وكولومبيا 44.2%، والمجر 50.2%.

أما الدين الخارجي لتركيا سجل 56.9% كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، وبولندا 59%، والأرجنتين 62.6%، وماليزيا 64.4%، وأخيرًا تشيلي 82.9%، علمًا بأنه تم اختيار الدول وفقًا لتصنيف مورجان ستانلي للأسواق الناشئة.

ولا تزال مسيرة نجاح الاقتصاد المصري هي الأقوى بالشرق الأوسط وإفريقيا، وذلك فى ظل تحسن أداء الدين الخارجي لمصر في ظل تداعيات فيروس كورونا المستجد، وهذا ما شهدت به أكبر المؤسسات الدولية :

رؤية ” صندوق النقد الدولي ” على الرغم من وجود توقعات بارتفاع الدين الخارجي لمصر كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2020/2021؛ فإنه سيواصل الانخفاض التدريجي حتى يصل إلى 25.3% عام 2024/2025.

توقعات “الإيكونومست” أداء الدين الخارجي المصري سيكون ضمن أفضل المعدلات مقارنة بالأسواق الناشئة على مستوى العالم والأفضل في المنطقة عام 2020.

وكالة “فيتش” أشادت بالتراكم المستمر لاحتياطيات النقد الأجنبي بمصر، مؤكدة أنه يعكس قدرتها على تغطية مدفوعاتها قصيرة الأجل بالعملة الأجنبية.

مؤسسة “موديز” قامت بدورها بالإشادة بأن وجود قاعدة تمويل محلي عريضة بمصر واحتياطي قوي من النقد الأجنبي يتجاوز مدفوعات الديون الخارجية على مدار العام المقبل، من شأنهما المساعدة على تجاوز فترات التدفقات الخارجة لرؤوس الأموال نتيجة لأزمة كورونا.

كما أكد بنك “بي إن بي باريبا” أن سيولة العملات الأجنبية داخل النظام المصرفي تحسنت بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة؛ مما أدى إلى دعم الجنيه، وزيادة القدرة على سداد الديون الخارجية على المدى القصير.

ويجب أن نأخذ في الاعتبار أيضًا أن إشادة المؤسسات الدولية بالاقتصاد المصري ليست مقتصرة فقط على أداء الدين الخارجي فقط بل أيضًا ممتدة لتشمل تحقيق مصر معدلات نمو متقدمة على مستوى العالم، وهو ما انعكس على إشادات تلك المؤسسات الدولية بالاقتصاد المصري وتوقعات هذه المؤسسات بأن يستمر معدل النمو في مصر إيجابيًا رغم أزمة فيروس كورونا على خلاف كثير من الأسواق الناشئة التي ستشهد نموًا سلبيا بنهاية العام.

اترك رد