مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

كيف أظهرت أزمة كورونا نجاح التجربة المصرية في بناء الإنسان ؟

1

 

  بقلم – د  إسـلام جـمال الـدين شــوقي

خـــبير اقــتصادي

عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي

 

ظهر مفهوم رأس المال البشري في ظل الاقتصاد الكلاسيكي كنظرية علمية منذ نهاية القرن الثامن عشر ، وفي الستينيات من القرن الماضي صدرت بعض الأعمال عن كلية شيكاغو للاقتصاد حيث قام بعض الاقتصاديين بصياغة مفهوم رأس المال البشري ، ومنذ ذلك الحين ويتم استخدام هذا المفهوم على الأصعدة المختلفة سواء من قبل الأفراد أو المؤسسات .

 

يعد الاستثمار في رأس المال البشري من أحد أبرز وأهم القضايا التي يجب أن يهتم بها المجتمع على اختلاف أنظمته ومستويات نموه ، ويعد أيضًا من الدعائم الأساسية لعملية الإنتاج فعن طريقه يتم تحقيق النمو الاقتصادي ، ويعتبر بلا منازع هو مفتاح الإدارة الاستراتيجية المحدد للتنمية حيث ثبت أن العنصر البشري هو المؤثر الرئيسي في جميع مكونات التنمية.

 

ولاشك في أن الاستثمار في العنصر البشري كوحدة اقتصادية له آثار كبيرة على التنمية والمجتمع، حيث أن الاستثمار من الناحية الاقتصادية يؤدي إلى زيادة الإنتاج ومن ثمَ زيادة الدخل ، كما يساعد على زيادة فرص العمل للأفراد فهو بمثابة تعبئة للطاقات البشرية وبلورة لإمكانياتها  المتعددة، ويثقل من مواهبها العقلية والجسدية ويرفع من مكانتها ويزيد من قيمتها حتى يتحقق الاستغلال الأمثل لكافة الموارد الاقتصادية.

 

قد يهمك ايضاً:

ويمكن توضيح مفهوم رأس المال البشري بأنه المخزون لدى الأفراد من المهارات المنتجة والمواهب والصحة والخبرات التي يمتلكها الأفراد ، ويمكن القول بأن العنصر البشري ودرجة كفاءته أصبح هو العامل الحاسم لتحقيق التقدم بل الأكثر من ذلك أن العنصر البشري أضحى من المقاييس الأساسية التي تقاس بها ثروة الأمم باعتبار أن هذه الموارد على رأس المكونات والأصول الرأسمالية المؤثرة في الوضع الاقتصادي والاجتماعي للدولة .

 

إن الاستثمار في رأس المال البشري يعد استثمارًا وطنيًا في المقام الأول ، وهو أعلى أنواع رأس المال لأنه يستثمر في الإنسان إذ أنه عن طريق بناء الإنسان تتقدم الأمم ، وهناك أمثلة عديدة على تأثير الاستثمار البشري في تحقيق التقدم والنمو الاقتصادي والاجتماعي ، فنجد دول مثل اليابان والصين وغيرها من دول النمور الآسيوية قد حققت طفرة هائلة في معدلات النموالاقتصادي واستطاعت أن تجتاز معدلات الفقر والتخلف الاقتصادي وأن تتبوأ مكانة متقدمة بين دول العالم  اعتمادًا على ما لديها من موارد وثروات بشرية حيث قامت بالعمل على تأهيلها وتدريبها وتنمية قدراتها وإثقال مهاراتها.

 

ومن الملاحظ أنه عند تحليل العناصر الرئيسية لمفهوم رأس المال البشري أنها تدور حول بناءالإنسان ، وتوفير الظروف الملائمة لضمان وجود أفراد في المجتمع قادرين على إحداث التطور لمسايرة تغيرات العصر الحديثة والمستمرة خاصة في ظل العولمة ،وهذا لن يتم إلا من خلال وجود رؤية تنموية حتى يتم وضع استراتيجية لرأس المال البشري تعتمد على الوسائل والأساليب العلمية والفنية والتربوية الحديثة التي تعمل على تطوير الإدراك والمهارات والمعرفة العلمية وتبادل ونشر الخبرات والقيم الحضارية بين الأفراد.

 

لقد أدركت معظم دول العالم ومن بينها مصر أنه من أجل النهوض ودفع مسيرة التنمية لابد من الاعتماد على الإدارة الفعالة لرأس المال البشري ولهذا جاء اهتمام القيادة السياسية في مصر بذلك ، والجدير بالذكر أن الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية أكدت أن الدولة المصرية تعمل على إدارة أزمة فيروس كورونا، والأهم في التعامل في ظل هذه الأزمة هو حماية الأرواح وليس النظر للخسائر الاقتصادية فكل شيء يمكن تعويضه إلا المواطن المصري، الذي يمثل أصل وسبب ومنبع كل عمليات التنمية التي تقوم بها الدولة المصرية، مؤكدة أن كل مؤسسات الدولة تعمل بكامل طاقتها لاستمرار مسيرة النمو والتنمية.

 

ولا يخفى على القاصي والداني أن الحكومة تعمل على ترجمة تكليفات القيادة السياسية وأعدت سيناريوهات متعددة لمواجهة الأزمة العالمية التي سببها انتشار فيروس كورونا المستجد، مع التشديد  على أن أهم شيء في التعامل مع تلك الأزمة في مصر هو حماية أرواح المواطنين، فليس مهمًا النظر إلى أية خسائر مادية واقتصادية.

 

إن الظروف الراهنة في ظل هذه الأزمة تفرض علينا العديد من التحديات، ولكنها تقدم فى الوقت نفسه قدرًا كبيرًا من الفرص التي يجب العمل على استغلالها والتي من أهمها توطين الصناعة المصرية لإحلال الواردات خاصةً واردات مصر من السلع الوسيطة، مع التأكيد على أهمية التركيز على دعم وتعزيز الصناعة المحلية لتوفير احتياجات المواطنين، فضلاً عن الوقوف بجانب القطاعات الأكثر تأثرًا بالأزمة، مع حماية الطبقات المعرضة للخطر والأولى بالرعاية.

 

إن نجاح الدولة المصرية بشهادة المؤسسات والمنظمات الدولية فى إدارة أزمة فيروس كورونا، وهو الأمر الذى جاء بفضل نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تشهده الدولة المصرية، والذي بات يؤكد بما لايدع مجالًا للشك أن الجهود التي تبذلها الدولة فيما يختص بالاهتمام بالعنصر البشري إنما هي جهود عظيمة وناجحة وسوف تأتي بثمارها في تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتحقيق مسيرة التنمية الشاملة بما يعود بالنفع على الشعب المصري العظيم.

 

 

 

 

اترك رد