مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

كنزٌ في بلدي

6
بقلمي – ألفت نجم حمزة:

ـ المضافة هي بناءٌ من البازلت الأسود أو من البناء الحديث

وهي كلمة تختزل تــاريــخــاً عــريــقـاً وأصــالـة لا تُنسى.

ـ المضافةُ بمثابة ديوانٍ كبيرٍ يجتمع فيها ثِلةٌ من شرائح المجتمع المختلفة يتم فـيها تـبـادل الأحاديث  الهامة وأمور الـزراعة ومشاريع البلد والمحافظات والـقـرى ومناقشة

كل الأمور الاجتماعية العامة والمتعددة..

ـ كانت “المضافة” بمثابة الصالون الأدبي ومازالت إلى اليوم مكانَ تجمُّعٍ للشّعراءِ والأدباءِ ولِنُخَبِ المثقفين الكبار.. فيها يلقون القصيد الارتجالي والأقوال المأثورة البديعة

والأفكار المفـيدة ويطرحون المعـلومات القيمة ، فيها تقبلُ

العادات والـتـقالـيـد المحمودة وتُــرسَّــخُ بسلوكياتٍ ثمينة

من موروث اكتسبناه مـن السّلف والتي تـنـمّ عن حسن الخلق وطيب المعشر.. وبالمقابل ينبذ كل سلوك غير مستحبّ ويعاقب اجتماعياً كل من كان فعله غـير صالح وفـيه ظلم

للآخرين..

 

ـ وفي “المضافة” يــتــمُّ في الجلسات الـمنعـقـدة مـناقـشـة

القضايا الحياتية العامـة والهامّة ويتعلّم الصّغار فيها مبادئ الحياة الكريمة من الكبار وأصحاب الخبرة والتجارب عبر الزمن..

 

ـ أروع ما يُـزيّـن “المضافة” جــــوهــــرة الـــرّوح الخـيِّرة

في مضامين أعــــــــراف المجتمع أنّـهـا هي تُـمـثّـل مكاناً للتصالح  وعقد الـرّايات بين العائلات إذا اختلفوا  ( عقد الراية بين عائلتين )

والقضاء على ما بينهم من خلاف     ويقوم بهذا الدور وجهاء من كبار  المجتمع والصلح بين الناس سيد الأحكام..

كما أن للفرح نصيب مـــن ديـوانها الـعـامـرِ بالجود والكرم..

وفيها تتناغم القلوب بأجمل  السهرات ولمة الأحباب والخلان

قد يهمك ايضاً:

أهيم بطيفك

وفي الأعراس تسمع فيها الأغاني الشعبية وعـزف الرّبابة الجميل حيث يتقبل فيها أهــالي العـريس والعـروس المباركات والتّهاني..

وفي المقابل أيضا يجتمع الناس فـيها في الأتــــراح  للعـزاء

ومشاركة من فقد عزيزاً حزنه..

وممّا تقدّم نــــــلاحظ أنَّ “المضافة” مـقـرٌّ رئيسٌ للمناسبات الاجتماعية المختلفة وقـد كانت حقـاً مدرسةً اجتماعية للأخلاق الكريمة تسود داخلها العدالة والمساواة وكبير السّنّ هو المعلم والـمـرشـد لــزوارهــا..

وهي  ملتقى لجميع الطوائف ولمختلف الـمـذاهـب والأديان  فيها يحدث لَـــمُّ الـشّـمـلِ وتعميق الوحدة الوطنية وتعزيز المحبة وتعلّم الإنسانية..

ـ داخل “المضافة” مبدأ الشورى من أساسيات الحوار الاجتماعي واقتراح الأراء والأفكـار وتــبــادل الأحاديثِ الشيِّقةِ والقصصِ المتنوعة..

كما كان للمضافة دور كبير في الانتصارات التي حققها الوطن حيث يجتمع فـيها الثوار ويتفقون على صيغةٍ واستراتيجيةٍ معينة لردّ الغزوات ودحر العدو..

وأروع مثال وخير مـقـام ومكان مضافة قائد الثورة السّورية الكبرى المرحوم سلطان باشا الأطرش

والقهوة العـربية الأصيلة هي الضيافة الرئيسة في فـنجان

من المحبة والألفة والاحترام

 

نتمنى  المحافظة على هذا الصرح الجميل وحماية المبادئ والمُثُلِ

العالية ونقلها للأجيال بجمالية وروعة حتى تسود الأخلاق العالية

ويسود الخير والتفاهم..

ومازلنا لليوم نعـتـزّ ونفتخر بهـذا الـمَـوْروث الاجـتـماعي الـقَـيِّـم

الذي يَــزيــد التراث الأصيل جمالية والحضارة تجدّداً في مَــرَايــا

الحياة بسلوك راقٍ وقِـيَـمٍ نبيلة ترتديها الأجـيال تيجان رفعة وعلم

وأخلاق كريمة..

 

اترك رد