مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

قصة شم النسيم وسر أكل المصريين الفسيخ والبيض الملون

35

أيام قليلة ويهل علينا عيد الربيع ” شم النسيم” والذي يحتفل به المصريون في هذا الوقت من كل عام بالخروج إلى الحدائق والمتنزهات  ولكن هذا العام يختلف تماما حيث سيضطر الجميع الاحتفال به داخل منازلهم وذلك لما يمر به العالم كله من التعرض لوباء فيروس كورونا الذي ألزم الجميع على عدم الخروج للوقاية من الاصابةو بهذا المرض .

ويقع شم النسيم دائمًا في اليوم التالي لعيد الفصح المسيحي الشرقي (اتباعا لتقاليد أكبر طائفة مسيحية في البلاد، القبطية الأرثوذكسية)، وبعد فترة من الزمن قد تم أضافة كلمة النسيم، وذلك لأنه يصادف مع بداية فصل الربيع ويكون الطقس رائع في ذلك الوقت، ويرتبط موعد وتاريخ تلك المناسبة بالتقويم القبطي حيث يعتبر اليوم الثاني لرأس السنة القبطية وعيد القيامة، أما تاريخ شم النسيم يوم 20 أبريل الموافق ليوم الاثنين 27-8-1441.

تاريخ العيد

كانت أعياد الفراعنة ترتبط بالظواهر الفلكية، وعلاقتها بالطبيعة، ومظاهر الحياة؛ ولذلك احتفلوا بعيد الربيع الذي حددوا ميعاده بالانقلاب الربيعي ، وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار وقت حلول الشمس في برج الحمل.

 

ويقع في الخامس والعشرين من شهر برمهات –وكانوا يعتقدون- كما ورد في كتابهم المقدس عندهم – أن ذلك اليوم هو أول الزمان ، أو بدء خلق العالم.

 

وأطلق الفراعنة على ذلك العيد اسم عيد شموش أي بعث الحياة، وحُرِّف الاسم على مر الزمن ، وخاصة في العصر القبطي إلى اسم (شم) وأضيفت إليه كلمة النسيم نسبة إلى نسمة الربيع التي تعلن وصوله. يرجع بدء احتفال الفراعنة بذلك العيد رسمياً إلى عام 2700 ق.م. أي في أواخر الأسرة الفرعونية الثالثة ، ولو أن بعض المؤرخين يؤكد أنه كان معروفاً ضمن أعياد هيليوبوليس ومدينة أون وكانوا يحتفلون به في عصر ما قبل الأسرات.

 

وترجع تسمية “شم النسيم” بهذا الاسم إلى الكلمة الفرعونية “شمو”، وهي كلمة هيروغليفية قديمة لها صورتان، هو عيد يرمز – عند قدماء المصريين – إلى بعث الحياة ، وكان المصريون القدماء يعتقدون أن ذلك اليوم هو أول الزمان، أو بدأ خلق العالم كما كانوا يتصورون.

 

وقد تعرَّض الاسم للتحريف على مرِّ العصور، وأضيفت إليه كلمة “النسيم” لارتباط هذا الفصل باعتدال الجو، وطيب النسيم، وما يصاحب الاحتفال بذلك العيد من الخروج إلى الحدائق والمتنزهات والاستمتاع بجمال الطبيعة.

 

الإحتفال قديما

 

كان قدماء المصريين يحتفلون بذلك اليوم في احتفال رسمي كبير فيما يعرف بالانقلاب الربيعي، وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار، وقت حلول الشمس في برج الحمل. فكانوا يجتمعون أمام الواجهة الشمالية للهرم – قبل الغروب –؛ ليشهدوا غروب الشمس، فيظهر قرص الشمس وهو يميل نحو الغروب مقتربًا تدريجيًّا من قمة الهرم، حتى يبدو للناظرين وكأنه يجلس فوق قمة الهرم.

إنشطار الهرم

 

عند بدء سقوط الشمس نحو المغيب، في تلك اللحظة يحدث شيء عجيب، حيث تخترق أشعة الشمس قمة الهرم ، فتبدو واجهة الهرم أمام أعين المشاهدين وقد انشطرت إلى قسمين.

 

وما زالت هذه الظاهرة العجيبة تحدث مع مقدم الربيع في الحادي والعشرين من مارس كل عام، في الدقائق الأخيرة من الساعة السادسة مساءً، نتيجة سقوط أشعة الشمس بزاوية معينة على الواجهة الجنوبية للهرم ، فتكشف أشعتها الخافتة الخط الفاصل بين مثلثي الواجهة اللذين يتبادلان الضوء والظلال فتبدو وكأنها شطران.

تفسير الظاهرة

 

قد توصل العالم الفلكي والرياضي البريطاني بركتور إلى رصد هذه الظاهرة، وتمكن من تصوير لحظة انشطار واجهة الهرم في عام 1920، كما استطاع العالم الفرنسي أندريه بوشان – في عام 1934 م – تسجيل تلك الظاهرة المثيرة باستخدام الأشعة تحت الحمراء.

الاحتفال حديثا

 

ويتحول الاحتفال بعيد شم النسيم – مع إشراقة شمس اليوم الجديد – إلى مهرجان شعبي ، تشترك فيه طوائف الشعب المختلفة، فيخرج الناس إلى الحدائق والحقول والمتنزهات ، حاملين معهم أنواع معينة من الأطعمة التي يتناولونها في ذلك اليوم، مثل: البيض، والفسيخ (السمك المملح)، والخَس، والبصل، والملانة (الحُمُّص الأخضر).

 

وهي أطعمة مصرية ذات طابع خاص ارتبطت بمدلول الاحتفال بذلك اليوم – عند الفراعنة – بما يمثله عندهم من الخلق والخصب والحياة.

 

استمر الاحتفال بهذا العيد تقليدًا متوارثًا تتناقله الأجيال عبر الأزمان والعصور ، يحمل ذات المراسم والطقوس ، وذات العادات والتقاليد التي لم يطرأ عليها أدنى تغيير منذ عصر الفراعنة وحتى الآن.

 

وقد استرعى ذلك انتباه المستشرق الإنجليزي إدوارد وليم لين الذي زار القاهرة عام 1834 م فوصف احتفال المصريين بهذا العيد بقوله: “يُبَكِّرون بالذهاب إلى الريف المجاور، راكبين أو راجلين، ويتنزهون في النيل ، ويتجهون إلى الشمال على العموم ؛ ليتَنَسَّموا النسيم، أو كما يقولون ليشموا النسيم. وهم يعتقدون أن النسيم – في ذلك اليوم- ذو تأثير مفيد، ويتناول أكثرهم الغذاء في الريف أو في النيل”.

 

وهي نفس العادات التي ما زال يمارسها المصريون حتى اليوم.

بورسعيد واللمبي

 

يحتفل أهالي بورسعيد ليلة شم النسيم بحرق اللمبي‏ ,‏ وهو تقليد بدأ منذ أوائل ثلاثينيات القرن العشرين، وأعتقد أنه قد تم نقله عن بعض الجاليات الأجنبية بشمال أوروبا حيث يحتفلون بانتهاء فصل الشتاء عن طريق حرق دمية من القش‏.‏

 

واللمبي الذي يغني له البورسعيديون ليلة الاحتفال بعيد شم النسيم حاملين دمية يجوبون بها شوارع المدينة بأغنية مطلعها‏:‏ يالنبي ‏..‏ يابن حلمبوحة ‏..‏ حكايتك صبحت مفضوحة هو الجنرال والفيلد مارشال بعد ذلك ‏(‏ اللنبي‏) ,‏ فقد كان يشغل منصب القائد العام للجيوش الإنجليزية في مصر في مطلع القرن العشرين‏,‏ ويوم 21 إبريل 1919 ‏ شغل منصب المندوب السامي البريطاني في مصر‏,‏ ولما قامت ثورة ‏1919‏ أصدر أوامره بقمعها بكل عنف وضراوة في كل أرجاء مدن مصر‏,‏ حتي إنه في بورسعيد استشهد علي أيدي جنوده سبعة وجرح العديد من الأهالي‏,‏ وقد كان وراء نفي سعد زغلول ورفاقه إلي [جزيرة سيشل‏] ,‏ كما نفي أيضا فنان الشعب وقتذاك بيرم التونسي‏,‏ ومنذ ذلك الحين وأهل بورسعيد يأخذون علي عاتقهم قضية الثأر من اللمبي وجنوده نيابة عن كل مدن مصر في شكل هذا الاحتفال الذي ارتبط لديهم بيوم شم النسيم‏,‏ مع العلم بأن كلمة حلمبوحة ليس لها أصل في أي لغة، فهي لا تعد كلمة خارجة لكنها كلمة غريبة تدل علي السخرية‏.

قد يهمك ايضاً:

خبيرة الأبراج عبير فؤاد تحذر 5 أبراج خلال الـ 10 أيام…

اتيكيت تقديم العيدية

الإحتفال عند اليهود

 

قد أخذ اليهود عن المصريين احتفالهم بهذا العيد ، فقد كان وقت خروجهم من مصر – في عهد موسى عليه السلام – مواكبًا لاحتفال المصريين بعيدهم، وقد اختار اليهود – على حَدِّ زعمهم – ذلك اليوم بالذات لخروجهم من مصر حتى لا يشعر بهم المصريون أثناء هروبهم حاملين معهم ما سلبوه من ذهب المصريين وثرواتهم؛ لانشغالهم بالاحتفال بعيدهم، ويصف ذلك سِفْر الخروج من العهد القديم بأنهم: “طلبوا من المصريين أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثيابًا، وأعطى الرَّب نعمة للشعب في عيون المصريين حتى أعاروهم. فسلبوا المصريين”.

 

واتخذ اليهود ذلك اليوم عيدًا لهم ، وجعلوه رأسًا للسنة العبرية، وأطلقوا عليه اسم عيد الفصح – وهو كلمة عبرية تعني: الخروج أو العبور – تيمُّنًا بنجاتهم، واحتفالاً ببداية حياتهم الجديدة.

الإحتفال عند المسيحيين

 

عندما دخلت المسيحية مصر جاء عيد القيامة موافقًا لاحتفال المصريين بعيدهم، فكان احتفال النصارى بعيد الفصح – أو عيد القيامة – في يوم الأحد ، ويليه مباشرة عيد شم النسيم يوم الإثنين ، وذلك في شهر برمودة من كل عام.

الأطعمة الخاصة

البيض

 

يرمز البيض إلى خلق الحياة من الجماد، وقد صوَّرت بعض برديات منف الإله “پتاح” – إله الخلق عند الفراعنة – وهو يجلس على الأرض على شكل البيضة التي شكلها من الجماد.

 

ولذلك فإن تناول البيض – في هذه المناسبة – يبدو وكأنه إحدى الشعائر المقدسة عند قدماء المصريين، وقد كانوا ينقشون على البيض دعواتهم وأمنياتهم للعام الجديد، ويضعون البيض في سلال من سعف النخيل يعلقونها في شرفات المنازل أو في أغصان الأشجار ؛ لتحظى ببركات نور الإله عند شروقه فيحقق أمنياتهم.

 

وقد تطورت هذه النقوش – فيما بعد -؛ لتصبح لونًا من الزخرفة الجميلة والتلوين البديع للبيض.

الفسيخ

 

هو السمك المملح – فقد ظهر بين الأطعمة التقليدية في الاحتفال بالعيد في عهد الأسرة الخامسة، مع بدء الاهتمام بتقديس النيل ، وقد أظهر المصريون القدماء براعة شديدة في حفظ الأسماك وتجفيفها وصناعة الفسيخ.

 

وقد ذكر هيرودوت – المؤرخ اليوناني الذي زار مصر في القرن الخامس قبل الميلاد وكتب عنها – أنهم كانوا يأكلون السمك المملح في أعيادهم.

البصل

 

كان البصل من بين الأطعمة التي حرص المصريون القدماء على تناولها في تلك المناسبة ، وقد ارتبط عندهم بإرادة الحياة وقهر الموت والتغلب على المرض ، فكانوا يعلقون البصل في المنازل وعلى الشرفات، كما كانوا يعلقونه حول رقابهم ، ويضعونه تحت الوسائد ، وما زالت تلك العادة منتشرة بين كثير من المصريين حتى اليوم.

الخس

 

كان الخَس من النباتات المفضلة في ذلك اليوم، وقد عُرِف منذ عصر الأسرة الرابعة ، وكان يُسَمَّى بالهيروغليفية عب، واعتبره المصريون القدماء من النباتات المقدسة ، فنقشوا صورته تحت أقدام إله التناسل عندهم.

 

وقد لفت ذلك أنظار بعض علماء السويد – في العصر الحديث- فقاموا بإجراء التجارب والدراسات على نبات الخس ، وكشفت تلك البحوث والدراسات عن حقيقة عجيبة ، فقد ثبت لهم أن ثمة علاقة وثيقة بين الخس والخصوبة ، واكتشفوا أن زيت الخس يزيد في القوة الجنسية لاحتوائه على فيتامين هـ بالإضافة إلى بعض هرمونات التناسل.

 

ومن الأطعمة التي حرص قدماء المصريين على تناولها أيضًا في الاحتفال بعيد شم النسيم نبات الحمص الأخضر ، وهو ما يعرف عند المصريين باسم الملانة ، وقد جعلوا من نضوج ثمرة الحمص وامتلائها إشارة إلى مقدم الربيع.

تلوين البيض

 

يرمز البيض لدي قدماء المصريين إلى خلق الحياة من الجماد ، وقد صوَّرت بعض برديات منف الإله “بتاح” إله الخلق عند الفراعنة وهو يجلس على الأرض على شكل البيضة التي شكلها من الجماد ، فقد كانوا ينقشون على البيض دعواتهم وأمنياتهم للعام الجديد، ويضعون البيض في سلاسل من سعف النخيل يعلقونها في شرفات المنازل أو في أغصان الأشجار؛ لتحظى ببركات نور الإله عند شروقه فيحقق أمنياتهم

 

وقد تطورت هذه النقوش فيما بعد لتصبح لونًا من الزخرفة الجميلة والتلوين البديع للبيض ، حيث يعتبر البيض الملون مظهراً من مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم، ومختلف أعياد الفصح والربيع في العالم أجمع، واصطلح الغربيون على تسمية البيض (بيضة الشرق).

 

وبدأ ظهور البيض على مائدة أعياد الربيع – شم النسيم- مع بداية العيد الفرعوني نفسه أو عيد الخلق حيث كان البيض يرمز إلى خلق الحياة ، كما ورد في متون كتاب الموتى وأناشيد (اخناتون الفرعوني) ، وهكذا بدأ الاحتفال بأكل البيض كأحد الشعائر المقدسة التي ترمز لعيد الخلق، أو عيد شم النسيم عند الفراعنة.

 

أما فكرة نقش البيض وزخرفته، فقد ارتبطت بعقيدة قديمة أيضاً؛ إذ كان الفراعنة ينقشون على البيض الدعوات والأمنيات ويجمعونه أو يعلقونه في أشجار الحدائق حتى تتلقى بركات نور الإله عند شروقه – بحسب زعمهم – فيحقق دعائهم و يبدأوا العيد بتبادل التحية (بدقة البيض)، وهي العادات التي ما زال أكثرها متوارثاً إلى الآن .

 

أما عادة تلوين البيض بالألوان الزاهية ـ وهو التقليد المتبع في أغلب أنحاء العالم ـ فقد بدأ في فلسطين بعد زعم النصارى صلب اليهود للمسيح – عليه السلام – الذي سبق موسم الاحتفال بالعيد، فأظهر النصارى رغبتهم في عدم الاحتفال بالعيد؛ حداداً على المسيح ، وحتى لا يشاركون اليهود أفراحهم . ولكن أحد القديسين أمرهم بأن يحتفلوا بالعيد تخليداً لذكرى المسيح وقيامه، على أن يصبغوا البيض باللون الأحمر ليذكرهم دائماً بدمه الذي سفكه اليهود.

اترك رد