مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

سلطان الخطيب يكتب عن السادة الأشراف وكيف حكموا الحجاز أكثر من ألف عام

84

الأشراف ملوك وأمراء الحجاز لأزيد من ألف عام

بقلم الشريف/ سلطان الخطيب

منذ منتصف القرن الرابع إلى منتصف القرن الرابع عشر من الهجرة ظلت بلاد الحجاز تحت إمرة ملوك وأمراء الأشراف فى مكة والمدينة ومن الأهمية بمكان وأنا أقدم بين يدي هذا المقال أن أذكر أن ” شرافة مكةكانت ومنذ وطئت أقدام قصي بن كلاب أرض الحجاز وفى القلب منها مكة أم القرى تسيد أولاد قصي بلد الحرم المكي وحظي بنوه بالشرف المؤيد من نسل عمرو بن عبد مناف.

تجسدت فيه مناقب الشرف وفى ابنه عبد المطلب سيد مكة وانتقل هذا وتوارث فى الأصلاب من إسماعيل عليه السلام إلى ذريته وأحفاده حتى هاشم بن عبد مناف وبنيه إلى سيد البشر محمد بن عبد الله بن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم  وفاض هذا الشرف على هذه الأمة بأسرها بأن جعلت خير أمة أخرجت للناسوتجسد هذا الشرف وتوارث من بعده صلى الله عليه وسلم  فى نسل ابنته فاطمة الزهراء أم القمرين الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة  وأبوهما أسد الله الغالب ..علي بن أبى طالب ..فتى قريش وسيد شبابها ورجالها وفرسانها والذى تصدى لصنم قريش وصنديد من صناديدها عمرو بن ود ..تصدى له علي وأرداه قتيلا تنوح عليه نائحة الجنائز ونحره بسيفه ذو الفقار كما ينحر الجزور بين جبال مكة .. ولا فتى الا علي علي الذى هزم جحافل العرب الباغية فى موقعة الجمل .. وهزم جيوش بنى أمية ومعاوية بن أبى سفيان ..كما اضطرهم إلى رفع المصاحف فوق أسنة الرماح والسيوف .. استعطافا لأمير المؤمنين عليا رضي الله عنه ليوقف القتال ..وقد فعل ..ورغم الذى قيل فى هذا الشأن ..فما كان منه إلا أن يقول فى شأنهم:  إنهم إخوة لنا بغوا علينا !

علي رضي الله عنه الذى أوصى ابنه الحسن قائلا  :” يا بني لا تدعون إلى مبارزة ..وإذا دعيت إليها فأجب ..فإن الداعى إليها باغ والباغى مصروع”.

ولم يك جدنا ومولانا الإمام الحسن ضعيفا ولا مستضعفا يوم بايع معاوية وتنازل له عن الخلافة إلا استئثارا لما يبقى على ما يفنى ولكي يحظى بشرف السيادة والمصالحة التى منحها إياه جده رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال صلى الله عليه وسلم فى شأن الحسن : ” إن ابنى هذا سيدا ..وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين”.

قد يهمك ايضاً:

أهيم بطيفك

وقد كان وبايع جدنا ومولانا الإمام الحسن معاوية وتنازل له عن الخلافة وحين تساءل من تساءل أعلمهم ببشارة جده رسول الله صلى عليه وسلم  وقال مقولته فى ذلك “ والله إنا لا نتهيب قتالا ولا حربا وإن جماجم العرب بين أيدينا ولو شئنا لفعلنا”.

وعلى العهد والطريق ..سارت خطى أخيه الإمام الحسين ..والذى أبى أن يعطى الدنية فى دينه ..أو يسلم الراية أو يخضع لجيش يزيد بن معاوية ومن تواطئوا معه .. فقدم من المدينة إلى الكوفة وتعرض فيها للخيانة والغدر من هنا وهناك ..ومن قوى الشر والبغي ..وقدم نفسه وبنيه وعشيرته وبنى عمومته من خيرة آل البيت النبوي ..استشهد فى كربلاء ومعه خيرة آل بيته ورجاله ..استشهدوا معه إعلاء لراية الحق والعدل والشورى.

وبعد مقتل الإمام الحسين بعقود لم تتبدد مكانة آل البيت ..أو تخفق رايتهم أو تتهاوى أو تسقط أعلامهم أ. او تتهادى أو تتوارى فى مكة والمدينة ..أو سائر بلاد الحجاز ..واليمن والكوفة واليمامة والطائف ..وسائر شبه جزيرة العرب.

ظلت أعلامهم مرفوعة ورؤسهم باسقة وهاماتهم مرتفعة ..فهم أحفاد سيد البشر رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن قيل: مّن خير الناس فى كل ربوة ومدينة وبين كل هامة فى الناس؟ قيل هم.

ورغم الظلم والضيم الذى تعرض له السادة أحفاد بيت النبوة وأحفاد القمرين الحسن والحسين وزينب ..رضي الله عنهم أجمعين فى العهدين الأموي والعباسي .. إلا أنهم استطاعوا بما لهم من مكانة وشرف ..أن يتبوأوا إمارة الحرمين الشرفين مكة والمدينة ..وبلاد الحجاز ..فى منتصف القرن الرابع الهجري حين تمكن جعفر بن الحسن الحسني من الاستيلاء على إمارة مكة عام 358 هجرية ..وكذا تمكن بنوا عمومتهم من بنى الحسين تبوأ إمارة المدينة المنورة بعدهم بعامين عام 360 هجرية و ظلت الإمارة تتناوب للسادة الحسنيين من نسل الإمام الحسن بن على ..على مكة المكرمة ..فيما عرف بشرافة مكة .. والسادة الحسينيين على إمارة المدينة المنورة وظل التناوب على إمارة مكة والمدينة ..وبلاد الحجاز قائما منذ منتصف القرن الرابع ..إلى منتصف القرن الرابع عشر هجري .. وكان آخر ملوك وأمراء الحجاز ..الشريف حسين شريف مكة وهو الذى قاد الثورة العربية الكبرى ..ضد الدولة العثمانية فى آخر عهدها ..عندما تفككت أوصال دولة الخلافة الإسلامية فى إسطنبول آملا فى أن يعيد للأمة العربية والعالم الإسلامي والعربي مكانته لكن الخداع من القوي الكبرى التى تزعمت مساندته ..وعلى رأسها إنجلترا .. قد أودت به وأمكنت منه ..وعرضته للهزيمة عام 1924 م.

وفى عام 1925 قامت دولة عبد العزيز آل سعود ..بمساعدة ومساندة بريطانية بالاستيلاء على بلاد الحرمين والحجاز بعد ما يزيد عن ألف عام من حكم الأشراف لمكة والمدينة وبلاد الحجاز وتغير الاسم إلى المملكة العربية السعودية وبذلك انتهى حكم الأشراف لبلاد الحجاز ولا حول ولا قوة إلا بالله.

اترك رد