مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

دراسة متعمقة لنص * سبعة* الفائز بالمركز الأول للمبدع نبيل النجار

0

بقلم – محمد البنا:

قد يهمك ايضاً:

أهيم بطيفك

استهلال رائع لم ينقصه التشويق، اعتمد النص عنوانًا له ( سبعة )، فدرج خلال سرده على تنسيبه فمرة سبعة ارواح، ومرة سبعة جولات، ومرة سبعة ايام….في انتقال سريع ورائع وموجه إلى لب النص، انتقال من خصوصية( أرواح) إلى عمومية مكانية( جولات ) وأخيرا إلى زمانية محدودة ( ايام ) في المعسكر واصفًا الاشخاص المؤثرين في المشهد، واصفًا جولته الأولى باسهاب تتطلبه الحبكة القصصية التي تخدم فكرة النص، واليهود متكئًا على غرامه بالرقم (7) فينسبه هذه المرة إلى الاذرع كملمح شخصي يخص الآخر، في طرافة سردية رغم بشاعة المشهد، وممهدًا للانتقال إلى الرقم (8)، ومن ثم يًظهر لنا عصفورًا (زين ) في جولته الثامنة تاركًا هيا من بالرقم سبعة وراء ظهره. نص سريع الإيقاع لا يترك للقارئ فرصة للتمهل، وإنما يشرك ببراعة من جولة إلى أخرى بعبارات رشيقة، والإصرار متعمد على الوصف الكامل للمشهد، بما لا يدع نافذةً التخيل مفتوحة أمام المتلقي، بل يغلقها ويحكم غلقها، وهذه مثلبة لا نحبذها في الفن السردي القصب، فعلى الكاتب أن يضع نصب عينيه عند صياغته لقصة، أن هناك قارئ من حقه أن يتخيل، لا أن يرى. لغة سردية جيدة( عدا الإغراق في الوصف ) خلت من الجمل التقريرية المباشرة، وقد أجاد الكاتب التغلب عليها بالباسها ثوب الاستدراك احيانا، وثوب الرأي الشخصي احيانا (شعرت بالاطمئنان..والاطمئنان حسب خبرتي يخدر الحذر)، ( كانت هذه أطول مسافة….ربما انتهت الألغام ). ينبغي لي أن أنوه وصفة شخصية ونية صادقة إلى ضعف العنوان مقارنة على الاقل به كذا نص جميل، تجلت فيه براعة الكاتب ومهارات وقدرته المميزة في الربط بين الفقرات. تحية لك استاذي الجميل نبيل النجار . #سبعة يلقبونني بالقط!! ليس لبراعتي في إصطياد الفئران؛ولا لمهارتي في التسلق؛ولكن لانني بزعمهم امتلك سبعة أرواح!! سبع جولات أتممتها عبر هذه الأرض المترامية الأطراف المزروعة فوهات حفر جهنمية سوداء وتسيطر عليها الحدآت النزقة. سبعة أيام قضيتها في هذا المعسكر النتن الذي تفوح من كل أرجائه رائحة العفونة والقذارة، حتى الجنود أصحاب اللحى المملوءة قملا وبراغيثا كانت روائح عرقهم تثير القرف. من حسن حظي أن رفيقي الأقرب إلي في جولتي الأولى كان مجيدو فتى له خبرة جولة سابقة عاد منها سليما ووحيدا. خطبة كانت تسبق كل جولة؛ خطبة فيها كلمات مثل الشهادة ..الجنة..الله..الوطن وتنتهي بهزة اقتناع من لحية القائد : ـ كل شيء مكتوب..يضع أصابعه خلال لحيته الطويلة..يهز رأسه ..نعم كل شيء مكتوب ثم يرفع رأسه إلى السماء طالبا الموافقة. بعد تلك الخطبة تمشي مسرنما تمسك بيد أقرب ولد إليك في صف واحد. مجيدو أيقظني من غيبوبتي أول مرة شد على يدي همس لي: أن تلكأ…مهما فعلوا لاتسرع. امش على آثار خطوات الأولاد. شدد علي مهما فعلوا مهما صاحوا أو حتى أطلقوا النار بين قدميك لاتسرع ..هززت رأسي موافقا وإن لم افهم قصده وتوجيهاته. لكنني فهمت وبسرعة؛ فماهي إلا خطوات حتى دوى إنفجار رهيب..شدني مجيدو أرضا تسمرنا في وضعية القرفصاء انثالت شلالات رمل محرقة فوقنا ..قطع معدن خارقة..صرخات الأولاد المذعورة وهم يتفرقون على غير هدى..انفجار آخر وآخر..لقد قامت القيامة ..كدت أبول على نفسي. من دزينة أولاد عدنا أربعة بسبعة آذرع!! أحدنا فقد ذراعا..ليس أنا ولامجيدو فنحن قطان محظوظان. بنهاية الجولةـ إن عدت ـ فأنت لاتعرف ماذا تفعل تبكي..تصرخ أو حتى تمزق ثيابك لايهم ولا أحد سيهتم.. أنا عدت مبهوتا من جولتي الأولى مصاب بالصمم وبالاعياء مهدودا نمت سريعا كجثة،بين الأحذية والجوارب النتنة الرائحة؛حلمت ليلتها بأمي كانت تناديني بدون صوت وكان وجهها ملطخا بالدماء والتراب. صباح اليوم التالي قبل الجولة الثانية سألني مجيدو: كيف تنام هكذا بذلك العمق؟ قال إنه جاء الي وهزني خاف أن أكون قد مت أثناء نومي..واضاف أنه ينام بعين واحدة لأنه نام أول ليلة فشعر بيد رجل تتحسس فخذيه!! ذلك الرجل قال له بأنه كان يطمئن عليه لأنه كان يصرخ كثيرا أثناء نومه. أي حيوان هو مجيدو ينام بعين مغمضة وأخرى مفتوحة هل هو قط أم ثعلب؟ بعد جولتين أو ثلاث تعتاد الحذر ليلا ونهارا ترصد العلامات بعينيك تتعلم أن تبتعد مسافة كافية عن أي حجر غريب الشكل أو حصوات صففن بوضع غريب تتعلم الإبتعاد عن أي جندي يخبرك بأنك تذكره بإبنه ويحاول التقرب منك. اليوم..جولتي الثامنة أو روحي الثامنة.. أي الحيوانات له ثمانية أرواح؟ ربما الأفعى أو السلحفاة..نعم.. السلحفاة تعيش طويلا جدا. سأجعلهم يلقبوني بالسلحفاة عندما أعود. أثناء الخطبة المكررة المملة كان مجيدو الى يميني وعن يمينه كان قد عاد ذلك الولد الذي قطعت يده..لم يكتسب لقب قط لأنه غاب في المستوصف ذلك الأسبوع..كان يلوح بكمه الفارغ ويقوم بحركات تهريج يضحك بحماقة ويمسح مخاط أنفه بكمه،ربما أصبح مجنونا. شعرت بيد تجذب كمي الأيسر: أخي قط ..هل يمكنني الإمساك بيدك؟ كان المتكلم ولدا بعينين واسعتين سوداوين وشعر كثيف مترب؛ قدماه مقوستان كبيضة،كان مرعوبا لأنه كان صغيرا.. أصغر الأولاد. أمسكت بيده مشينا أول خطواتنا بتمهل ..عينا مجيدو إنتقلتا الى قرص رأسه كان مضطرا للسير الآن مع المجنون. ـ وانت مااسمك؟ ـ أنا زين ..زين العابدين ـ حسن يازين سأعلمك كيف تصبح قطا فقط انتبه لما أقوله لك ونفذ بالحرف ـ أخي قط..لا أريد أن أصبح قطا هل تعلمني كيف اكون عصفورا؟ بدأنا المسير على مهل،شددت يد زين ليواكب خطوتي القصيرة المتلمسة إلا أن عقد الصف انفرط بسرعة..الولد المجنون سحب كمه من يد مجيدو ركض بسرعة تجاوز الجميع؛ صرخاته وكمه المحلق جمدتنا..وقفنا نراقبه بعيون فزعة مترقبة حط من تحليقه عند حجر أملس وقف فوقه أول الأمر كأنه ملك الحقل كله ثم نزل وبدأ بالبكاء صار يناطح الصخرة كثور حتى أدماها ركض عائدا باتجاهنا؛اخترقنا حاول العودة إلى حدود البداية بدأ الجنود يصرخون..هددوه..هددونا لنتابع المسير أطلق القائد رشقة رصاص في الهواء زلزلت دهشة خوفنا ثم عاد فأطلق رشقة عند اقدامنا أصمت اذاننا و

اترك رد