مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

تداعيات قرار ترامب

0

بقلم – د.رجاء سليـم:

يُعد اليوم الذي أصدر فيه الرئيس الأمريكي ترامب قراره في 6 سبتمبر 2017 بنقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس نكبة جديدة تُضاف للنكبات التي مرت بها القضية الفلسطينية والتي بدأت بنكبة 1948 .فالقضية الفلسطينية تمر الأن بمرحلة فارقة،لأن هذا القرار يُعد اجحافاً بحق الشعب الفلسطيني،ومخالفاً للشرعية الدولية ومتناقضاً مع الارادة الدولية،وقد يكون بداية لتحقيق الشرق الأوسط الكبير،كما سيؤثر على القضية الفلسطينية وعلى عملية السلام برمتها،ويدمر فرص حل الدولتين،فضلا عن أنه يخدم الجماعات الإرهابية ويعرض الاستقرار العالمي للخطر.وكما قال أبو مازن فانه يُمثل إعلانا بانسحاب واشنطن من عملية السلام بين الفلسطنيين وإسرائيل.وهذا القرار يمثل مدى الخطر الذي تشكله الإدارة الأمريكية على الدول العربية. إن الرئيس الأمريكي بقراره هذا لا يخفي انحيازه الكامل لإسرائيل على حساب مباديء الحق والعدل،ويحاول التغطية على الاتهامات الموجهة اليه بخصوص اتصالات حملته الانتخابية مع روسيا،فكل ما يهمه هو تأمين مستقبله السياسي.

لقد واجه هذا القرار بتوقيته ومضمونه استنكار معظم دول العالم ومنها الدول الغربية مثل: فرنسا وألمانيا وبريطانيا وكندا،وكذلك الاتحاد الأوروبي،لادراكها مدى خطورته. كذلك دعا بابا الفاتيكان إلى احترام الوضع القائم في القدس. أما الأمين العام للأمم المتحدة فقد صرح بأنه سيبذل جهده لعودة الاسرائليين والعرب إلى مائدة المفاوضات .

قد يهمك ايضاً:

يوم اليتيم

ولكن هذه الإدانة الدولية لن تغير وحدها من الواقع شيئا،وإنما يتحتم التحرك اللازم لمواجهة هذا القرار.      فلا أحد ينكر ثبات الموقف المصري من القضية الفلسطينية ومن قضية القدس،وقد عبرت القيادة المصرية عن رفض هذا القرار وشددت على الالتزام بالقرارات الدولية بشأن القدس والقضية الفلسطينية،ودعت إلى رفع مذكرة عاجلة لمجلس الأمن للرد على القرار،كما دعت لقمة طارئة لمجلس الأمن.فضلا عن أن الامام الأكبر شيخ الأزهر قد دعا إلى اجتماع طاريء للمجلس الأعلى لحكماء المسلمين .

لا يجب الاندهاش من صدور هذا القرار في هذا التوقيت بالذات،على الرغم من أنه سبق اقراره من الكونجرس الأمريكي عام 1995، ولكن كان يتم رفضه من الرؤساء السابقين ويتم تجديده كل ستة شهور .وليس خافيا مدى التأييد المطلق لكل مواقف إسرائيل من رؤساء الولايات المتحدة،لأنهم يعولون على مساندتها ومساندة اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة لهم في انتخابات الرئاسة. وعلى مدار السنوات الماضية حدث تقاعس من الحكومات العربية والإسلامية وجامعة الدول العربية إزاء الممارسات الاسرائيلية في القدس وبناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية،وتم ترك الساحة الإعلامية الدولية لاسرائيل ،ولم يتجاوز ردود الفعل العربية والإسلامية الشجب والادانة والاستنكار.واستنادا لمواقف هذه الدول إزاء الممارسات الاسرائلية وبالنظر لحالة الضعف والتفكك التي تمر بها الدول العربية نتيجة التآمر وانشغالها بالدفاع عن وجودها ومحاربة الارهاب،وجدت إسرائيل والولايات المتحدة أن هذا هو الظرف المناسب لاصدار هذا القرار.

لا شك إن لهذا القرار تداعياته الخطيرة التي تحتم اتخاذ الدول العربية والإسلامية موقفاً موحدا يتسم بالقوة والعقلانية واتخاذ مواقف عملية لمواجهته،وأن يكون هناك مزيدا من التوحد بين الفلسطنين أنفسهم أولا من جهة ،وأن تكون مسارات التحرك متكاملة بينهم وبين الدول العربية والإسلامية من جهة أخرى.ولا يكفي احتجاجات الرأي العام  الغاضب،ولكن لابد من مساندته بعمل رسمي من قبل حكومات الدول العربية والإسلامية،والتنسيق بين الموقف المصري(الذي تبنى القضية الفلسطينية منذ البداية،ولا يدخر وسعا لحلها والاتصال بكل الأطراف)ومواقف هذه الدول،والاستعانة بكل الوسائل القانونية لدى المنظمات الدولية المعنية للمطالبة بالحقوق المشروعة للعرب وللشعب الفلسطيني.

وفوق كل ما تقدم يجب التأكيد على أن القدس خط أحمر لا ينبغي أن تمسه إسرائيل،ولابد من إعادة إلقاء الضوء على جوهر القضية الفلسطينية وتعريف العالم بأن إسرائيل اغتصبت أرض فلسطين بمشاركة الدول الغربية والتي خلقت كيانا صهيونيا ومنحته  الشرعية بإصدار قرار من الأمم المتحدة بإقامة دولة إسرائيل ،ثم قامت إسرائيل بعد ذلك باحتلال أجزاء من دول عربية أخرى.فطوال السنوات الماضية منذ نكبة فلسطين عام 1948،واسرائيل بمعاونة من الدول الغربية نجحت في طمس حقيقة القضية الفلسطينية أمام الرأي العام الدولي، وصارت الأجيال الجديدة لا تعرف إلا ما تروجه إسرائيل من أكاذيب لصالحها،وصار الاعلام الغريي منحازا لإسرائيل بصفتها الدولة الأكثر ديمقراطية في المنطقة على حد زعمه. لذا يجب على جامعة الدول العربية والهيئة العامة للاستعلامات في مصر وضع خطة مدروسة وعاجلة للاتصال بكل وسائل الاعلام في دول العالم والمراسلين الإعلاميين الأجانب وتزويدهم بكل المعلومات عن جوهر القضية الفلسطينية باللغات الأجنبية، وكذلك الاستفادة من الجاليات العربية المتواجدة في دول العالم،وقيام السفارات والمكاتب الإعلامية والثقافية في الخارج بدورها الاعلامي. كما ان هناك مسئولية كبيرة ملقاة على عاتق لجنة الشباب التي نظمت منتدى الشباب العالمي في شرم الشيخ،ألا وهي التواصل مع جميع شباب دول العالم الذين تواصلوا معهم للتسجيل لحضور المؤتمر ،وإرسال رسائل إعلامية لهم باللغات الأجنبية لاطلاعهم على حقيقة قضية القدس والقضية الفلسطينية.

 

 

اترك رد