مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

حوار.. الكاتب محيي الدين جاويش: عقدة الخجل ساعدتني في الغوص داخل النفس البشرية.. البيئة والظروف الاجتماعية تشكلان رأي الكاتب ورؤيته.. ويسرا تكسر النمطية وتفتح عوالم جديدة مفعمة بالمشاعر

2

قبل أيام صدر للكاتب والصحفي محيي الدين جاويش مجموعة قصصية بعنوان “يسرا ” ضمنها مجموعة من القصص القصيرة التي تخط لوناً أدبياً فريداً وصفه البعض بالجديد وهو أن يمزج فيه الكاتب بين الواقع والخيال بطريقة سلسة وصعبة في نفس الوقت بحيث لا يدرك القارئ أين أو متى يخرج من الواقعية إلى بقاع الخيال .. التجربة الفريدة للكاتب محيي الدين جاويش هي تجربته الأدبية الثانية فقد أنتج في اعام الفين وثمانية عشر كتاب ” صباحات الياسمين ” والصادر ضمن سلسلة كتاب دار الهلال والذي ضمنه مجموعة من الخواطر الأدبية ومقاطع من الشعر النثري التي لاقت الإشادة من كبار أبناء الاسرتين الأدبية والثقافية..

مصر البلد” التقت الكاتب محيي الدين جاويش وحاورته عن المجموعة القصصية وعن خطه الأدبية ومنتوجاته السابقة والقادمة وهذا نص الحوار:

  • الكاتب والقاص محيي الدين جاويش.. حدثنا عن لونك الأدبي كيف بدأت معك قريحة الكتابة؟

الأدب له الوان شتى والتناول يبين حرفية الكاتب فقد يمزج الكاتب أو القاص بين لونين وكذلك قد يمضي على لون واحد وثابت وهذا المزج أو هذا الثبات لا يكونان مقصودين في الحقيقة فالنتاج الأدبي هو خلاصة فكرة أو شعور او تأثر بقضايا وحوادث معينة يصيغها الكاتب بأدواته ويلونها بألوانه التي يبرع فيها .. فيما يخص كتاباتي فأنا بطبيعة الحال لا أختار النسق بل هو من يختار وللتجارب الفكرية والحياتية التي عشتها دور كبير في تصور الفكرة وطريقة طرحها فأنا مثلاً كنت حتى فترة ما بعد المراهقة أعاني من الخجل الشديد فلا استطيع التعبير عما اشعر به فكنت أقول ما اريده لنفسي ثم بدأت أدون ما يشبه المذكرات فبنيت قصصا عن الآخر الذي لا استطيع العبور إليه وهذا كان تدريباً على الغوص في أعماق النفس ووصف المشاهد المحيطة والكامنة بدقة وربما هذا ما يميز المجموعة القصصية ” يسرا ” لأنها تتحول من نظرة عامة للعالم إلى الغوص العميق في النفس البشرية كذلك المجموعة تبتعد قدر المستطاع عن النمطية في الأسلوب والسرد والقولبة الكلاسيكية للشخوص.

  • إذن أنت تتأمل ثم تكتب.. هل البيئة والتجارب الحياتية أثرت عليك ووجهتك للكتابة التي تكثر بها الرومانسية والخيال؟

نعم يمكن قول ذلك أنا من ريفي المولد والنشأة وهناك حين يكون أمامك المدى الأخضر الفسيح والحياة البسيطة والأجواء الهادئة المسالمة فإنها تلقائياً ستحرك بداخلك دوافع التأمل والتفكر والبحث والكتابة والتقصي وهو ما حدث معي ونزعة الكتابة ولدت معي هناك وكذلك التجارب التي يخوضها المرء في حياته تصقل من موهبته عموماً خاصة إن كانت تلك الموهبة مرتبط بالتفكر والبحث في النفس والمجتمع التجارب العاطفية بكل ما بها من نشوة وخيبة ، التجارب الاجتماعية بكل ما تحمله من انتصارات وهزائم معنوية ، العلاقات الإنسانية بكل ما تتركه فينا من ندوب وسعادة جميعها تخلق لدينا خبرة يخرجها الكاتب في صورة تتناسب مع تأثره بها ومع مدى رؤيته وطريقته في التعبير والسرد لذلك نجد أن الطيب صالح أثر فينا كين كتب ” موسم الهجرة إلى الشمال” ونجيب محفوظ حين رسم عوالمه وتجاربه ومرائيه في رواياته صدقناها وتعلقنا بها وأصبحت جزءاَ من مخزوننا الثقافي كل ذلك لأنهما عكسا ببراعة تجاربهما وبيئاتهما في ما كتبوه لنا.

قد يهمك ايضاً:

الشيخ شعبان عبد التواب يكتب «الأزهر الشريف وذوي الهمم»

  • ماذا قدمت للقارئ في المجموعة القصصية “يسرا”.. ولماذا لم تذكر في القصص أي أسماء ؟

أود في البداية أن أشير إلى أن القصة الأساسية التي سميت بها المجموعة هي قصة واقعية وحتى إن الاسم الوحيد الذي ذكر في المجموعة وهو ” يسرا” هو الاسم الحقيقي لهذه الشخصية التي تأثرت بها كثيراً واظن أن القارئ سيتأثر أيضاً بها .. انا قدمت للقارئ قضايا مفعمة بالمشاعر والتفاعلات الإنسانية التي ولا شك سيجد أنها تشبهه .. حدثته في المجموعة الوليدة عن الأمل والصبر والحب والمعاناة والسعادة والأحلام المحققة أكدت له أن اختلافه وايمانه بذاته هما أهم أسلحته في معارك الحياة التي يخوضها .. الامتزاج بين الواقع والخيال في ” يسرا ” وكذلك عدم ذكر أسماء الشخوص في القصص هو بهدف إشراك القارئ في الحالة التي يعيشها حين يقرأ فسيكون هو العاشق الذي يلتقي محبوبته وسيكون هو الخائف من الغرائب التي تحدث وسيركض بدلاً من البطل حين يهرب وسيفكر عنه حين يتأمل سيعيش فرحة المطر ولذة القراءة ولذة الانتظار ولوعة الخذلان ومرارة الفراق والمه.

  • “صباحات الياسمين” و” يُسرا ” تجربتين أدبيتين فريدتين للكاتب محيي الدين جاويش ما الفارق بينهما؟

” صباحات الياسمين” كان اختزالاً لخواطر رومانسية تأخذ شكل تحايا الصباح أكتبها كل يوم لمحبوبة على لسان عاشقها الذي يعاني اللوعة والفراق والغيرة كانت تحمل هذا الشكل وهي لم تكن تأخذ الشكل السردي المطوّل بل كانت فقرات قصيرة متتالية تشكل في النهاية مقطوعة أو خاطرة صغيرة تذيّل في النهاية بعبارة “صباح الخير”.. في “يسرا” الشكل السردي لمجموعة من القصص التي تصور كل واحدة منها حالة أو موقف او حادث معين تمضي وفق إطار وتنتهي بشكل غير نمطي واقصد بالشكل غير النمطي هنا أن النهايات احياناً تكون مفاجئة أو غير متوقعة أو غريبة.. كذلك في صباحات الياسمين القالب واحد والرومانسية هي السمة الطاغية لكن في “يسرا” القوالب متعددة والعوالم مفتوحة وغير مكررة ولا تتشابه في أي تفاصيل والمشاعر متعددة والتصوير يحلق بعيداً في نقاط ويقترب كثيراً في أخرى وبشكل عام فالفارق بين ” صباحات الياسمين ” و ” يسرا” هو الفارق البديهي بين الشعر النثري وبين القوالب القصصية .

  • في مجموعة “يسرا” القصصية نلاحظ وجود لوحات تعبرية عن بعض القصص.. هل أكملت تلك اللوحات شيئاً ما في المجموعة؟

الرسومات التي قدمتها فنانة شابة موهوبة بحق هي الفنانة رحاب محمد حسن للمجموعة القصصية “يسرا” بها رؤية عميقة وتجانس فريد بين الواقع والخيال وهو ما يتشابه بشكل كبير مع المضمون القصصي للمجموعة وخطها العام اذي يدمج بين الواقع والخيال.. اللوحات تفيد بشكل كبير في ترسيخ المعنى المراد إيصاله وتظهر أمام القارئ كبعد إضافي يسهل عملية التصور والمعايشة والتوحد مع الشخوص وهو ما أردته من خلال الدمج بين اللوحة والقصة.. كذلك الفنانة رحاب محمد من قرية برية لاصيفر بمحافظة كفر الشيخ وهي قريتي أنا ايضاً أي أننا تشاركنا ظروف البيئة والمحيط والعوامل الاجتماعية هي لغة مشتركة بيننا ولدينا نفس النوازع للتعبير الفني لكن كل بطريقته وهو ما استكملناه معاً في المجموعة القصصية ” يسرا ” فقدمنا القصة مع اللوحة التعبيرية كاستراحة ومتنفس للقارئ وهو يتنقل بين محطات المجموعة القصصية.

التعليقات مغلقة.