مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

حتى لا نقفز من القطار

2

بقلم _ دكتور عبدالرازق الكومى

وسط ضجيج السعي على الرزق وتدبير أمور المعيشة، و بين تراكمات الهموم واخفاقاتها ، وحالات النجاح ولحظات السعادة، جاءت حادثة قفز شابين من أحد القطارات التابعة لهيئة السكة الحديد ليودي بحياة أحدهما وإصابة الآخر، لتستفز اقصي ما في المجتمع المصري من مشاعر الصدمة الإنسانية ليس من هول الحادثة وطبيعتها فقط، وانما من تباين ردود الأفعال حيالها، والتي بلغت مبلغا من التطرف وصل حد الإدانة المطلقة التي سارع معها بعض الكتاب والإعلاميين الى المطالبة بإعدام (الكمسري) الذي خير الشابين إما الدفع وإما القفز، دون أن يتحلى بمرونة القانون وبدائل تطبيقه روحا لا نصا مراعاة لطبيعة الحال وحال الناس، ومنهم ذلك الشاب الذي لم يلتزم بدفع ثمن التذكرة وضن به ليسد حاجة بيته ومصاريف والدته التي يرعاها، بينما رأي البعض في تصرف الكمسري مجرد قيام (موظف حكومي) بمهام وظيفته، وأن الخطأ انما كان من نصيب الشابين اللذين ركبا القطار دون الالتزام بالحصول على تذكرة الركوب، و القي البعض الثالث باللوم علي ركاب عربة القطار الذين كانوا شهودا علي الواقعة و لم يمتلكوا من نوازع الخير ما يعينهم على منع ما حدث تكاتفاً وتكافلاً بالمساهمة في قيمة التذكرة؟ ….

قد يهمك ايضاً:

تحليل سوات والحياة اليومية للمواطن

انور ابو الخير يكتب: لا شيء يستحق الحداد

اذا لأنقذوا نفسا من الهلاك، وشابا في مقتبل العمر من الموت، ومجتمعا بأكمله سيلاحقه الشعور بالذنب أمداً بعيدا؟ اذ انه لا يستطيع احد مهما بلغت قدرته على النظم والجدل والكلام، أن يقدم المبرر الأخلاقي لأن يدفع شاب حياته ثمناً لتذكرة قطار. وقد وضعت تلك الحادثة ايدينا وفتحت اعيننا على مواضع تحتاج منا الي تحسين وتطوير منها: ما يعرف بالاحتواء التشريعي الذي يضمن لموظف المرفق او الهيئة باعتباره واجهتها وممثلها امام الجمهور، أن يتخذ ما تمليه عليه مثل هذه المواقف من قرارات تتسم بالمرونة وتكتسب رضا المواطن دون تقصير في حق الدولة، او خروج عن مقتضي القانون بدون تردد أو وجل ، تشريع لا يجعل من المواطن خصماً لدولته ومؤسساتها، وهو بلا شك واجب المؤسسة التشريعية التي ينبغي عليها ان تكون سباقه في مثل هذه الأحداث التي تلمس حياة الناس وتلامس عميق مشاعرهم وصادق عواطفهم ، وتستهدف مستويات الرضا لديهم. ويدخل ضمن هذا الأمر ويعضده ويرسخه دور المؤسسات والهيئات الخدمية ذاتها ، نحو موظفيها ومنتسبيها بالتأهيل والتطوير ورفع الكفاءة الادارية والتدريب على اتخاذ القرارات وادارة الأزمات والتواصل الفعال مع الجمهور صاحب الحق الأصيل في الخدمة المقدمة.

و من احتياجاتنا الملحة ما يقوم به المجتمع تجاه بعضه البعض تكاتفاً وتكافلاً، فما نهضت دولة وحققت رخاءها بميزانياتها الرسمية فقط، وانما بإضافة موارد المجتمع ككل وامكانات القطاع الخاص ودور رجال الأعمال ومؤسسات المجتمع المدني والعمل التطوعي ، ويأتي على رأس كل ذلك الأحزاب السياسية التي تمارس دوراً تنموياً ومجتمعياً يلبي الحاجة الماسة الي العدالة الاجتماعية، جنبا الى جنب مع الدور السياسي الذي تقدمه، ولعل قوافل الخير والعطاء التي ينفذها حزب مستقبل وطن واشرافه على توفير العديد من السلع الضرورية بأسعار مخفضة في متناول الغالبية من ابناء الشعب المصري لا سيما في محافظة الغربية ، بمراكزها وقراها المختلفة، نموذجا يحتذي بين الأحزاب وهوالامر الذي يجعل من نمط الحياة اكثر سهولة، والرضا لدي المواطن في مستويات مقبولة، وعلاقته مع المؤسسات الخدمية على خير ما تكون، وعلاقته مع بعضه أكثر تصالحاً وترابطاً، ويحفظ الجميع من السقوط او الانهيار، ويحفظ بعضه بعضا ..وتتشابك الايادي فيحمي بعضها بعضا من القفز خارج قطار الحياة. اللهم احفظ مصر شعباً وقيادة ومؤسسات… واحفظ عليها قطار الحياة حتي يصل الي مبتغاه …. د.عبدالرازق الكومي أمين التدريب والتثقيف محافظة الغربية

اترك رد