مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

حبيبتي ريتا

4

بقلم – ناهد الغزالي:

كانت المرة الأولى التي أزور فيها ريتا، التي تعشق

لوحاتي، وتظل لساعات تكتب قراءاتها وانطباعاتها.

أسميتها طفلتي، نظرا لفارق السن بيننا، فأنا رجل أربعيني

وهي لم تتجاوز العشرين بعد.

أحب حبات النمش المتناثرة على خديها و سماء عينيها

الصافية،

شغفت بي وكنت أخاف عليها مني.

عشقت لكنتها الفرنسية، تعلمت منها وعلمتها بعض

الكلمات العربية.

دخلنا المنزل، أحسست بغيبوبة أنستني أربعين عاما من

الشقاء والبؤس.

منزل شاسع جدا يكفي لإيواء خمس أسر؛ “يرتع فيه

الخيالي” كما تقول جدتي.

أحسست كأنني في متحف، يا لفخامة الأثاث! وجمال

اللوحات الجدارية المحترفة.

أمسكتني من يدي اليمنى، رافقني حيث “البيانو” .جلست

برقة كفراشة حطت على ميسم زهرة.

أناملها قطع شهد، داعبت الأزرار فانبعثت الأنغام الهادئة،

الرقيقة كفجر ربيعي. تأملتها حتى حادت بي غيمة اللحظة

قد يهمك ايضاً:

لاتدنو من مواجعنا

إلى عشرين سنة مضت. –

أحبك يا عادل، سأنتظرك العمر كله فقط لا تستبدلني بأوروبية…

ويهزني نسيم الحاضر إلى مساء الاعتراف؛ حين رسمت

ريتا على وجنتي قبلة فجائية ثم دمعت عيناها: Adel ne me quitte pas

خاصة وأنها فقدت أهلها في تفجير إرهابي، في إحدى

جولاتهم السياحية.

مات حب سارة بسبب البعد، والزمن…وأعادتني ريتا طفلا

يعشق الحياة.

أنهت العزف فصفقت لها بحرارة، ثم دخلت للمطبخ لتجهز

لي الغداء لأنها تعرف أنني لا أحب الأكل الجاهز.

طلبت منها أن لا تخرج إلا عند الانتهاء.

أخرجت أقلامي وعلب الألوان، لأضع اللمسات الأخيرة

للوحتي التي جلبتها معي في الحقيبة.

وضعتها بلطف قرب البيانو مع رسالة اعتذار، لم يعد

أمامي متسع من الوقت كي أنقذ والدي، ولم أجد حلا

سوى ذلك العقد الماسي لحبيبتي ريتا.

خرجت كالبائس، الخائن…أجر أذيال الخيبة.

كنت متأهبا لصعود القطار، ليشدني ذلك الصوت المتقطع… Adel ne me quitte pas

…!

 

اترك رد