مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

بمناسبة الذكرى ٦٥ علي تأميم قناة السويس كيف كانت وكيف اصبحت ؟

المهندس جلال الديب :العلاقة السرية بين جمال عبدالناصر ومحمود يونس وراء نجاح المهمة

18

كـتبت-رباح الهادي:

علي مدي خمسة وستون  عاماً منذ تأميمها وحتي هذة اللحظة تتميز هيئة قناة السويس بالنظام الاستراتيجى الذي لا يتغير بتغيير رئيسها  .وتلك هي اهم ادوات النجاح . تلك هي السطور الذى بدأ بها المهندس جلال الديب المستشار الاسبق لرئيس هيئة قناة السويس للتخطيط  والبحوث  والتحركات وعضو مجلس ادارة هيئة قناة السويس .. ولانه احد الذين عاصروا   فترة  مابعد التأميم وعودة الملاحة بالقناة  وعمل ابان فترة تولي المهندس مشهور احمد مشهور ثم المهندس محمد عزت عادل ثم الفريق احمد علي فاضل وبداية فترة تولي الفريق مهاب مميش .

فتشنا في دفتر احوال المهندس جلال الديب . للبحث عن مراحل التطوير التي طرأت علي قناة السويس وكيف كانت وكيف اصبحت .

وبصراحة شديدة  قال المهندس جلال الديب ان المهندس مشهور احمد مشهور تحمل عبء فترة التهجير وتشتيت ابناء القناة وتولي مهمة اهادة الملاحة ولم الشمل مرة اخرى

ثم المهندس محمد عزت عادل احد ابطال مهمة تأميم قناةدالسويس مع البطل محمود يونس فهو مهندس التوسيع والتطوير والتعميق للمجري الملاحى لقناةدالسويس وقفز بغاطس القناةدمن ٣٦ الي ٥٢ قدم لتستوعب القناة جزء كبير من سفن العالم. ثم وصل الغاطس الي ٥٨ قدم الي ان تولي رئاسة الهيئة الفريق احمد علي فاضل عام ١٩٩٦ لاستكمال استراتيجية تطوير القناة ليصل الغاطس الي ٦٦ قدم لاستيعاب جميع السفن في العالم وحوالي ٩٨٪؜ من سفن البترول والسفن صديقة البيئة ذات البدن المزدوج  وجذب هذا الاسطول لاستخدام قناةدالسويس اهم وارخص واقصر ممر ملاحي في العالم كما  ان الفريق فاضل كان مهتم كثيراً برفع شأن انسان  القناة من كل النواحى الاجتماعية والتدريب والنواحي المالية وشهدت القناة  في عهده طفرة كبيرة .

واستكمل المهندس جلال الديب حديثه بأن الفريق مهاب مميش استكمل مسيرة التطوير ونال شرف انشاء قناة السويس الجديدة في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي . والعمل  علي توصيل التفريعات الثلاثة ببعضها لتصبح قناة جديدة بغاظس ٦٦ قدم

ليأتي الفريق اسامة ربيع لاستكمال المسيرة وتطوير المجرى الملاحى بالقطاع الجنوبي من جهة السويس ومستهدف الوصول بالغاطس الي ٧٢ قدم . لتسمح بمرور اكبر السفن في العالم من ناحية الحجم والحمولات مشيراً الي ان قناة السويس علي مر الزمان ستظل شريان الخير للعالم كله

وقال المهندس جلال الديب ان عدد الادارات التي كانت تتولي العمل بالقناة عقب التأميم كانت   اربع إدارات فقط هي  التحركات والاشغال والترسانه والشئون الادارية.

وحول ذكريات واسرار التأميم  ،قال المهندس جلال الديب لابد للجيل الجديد من الشباب ان يتعرف عن قرب عن التفاصيل المهمة والسرية التي صاحبت قرار تأميم قناةدالسويس

ويؤكد المهندس جلال الديب   إن محمود يونس  هو الرجل الذى حمل رأسه على كفه واقتحم مبنى شركة قناة السوىس مساء  يوم  ٢٦ يوليو  عام ١٩٥٦ بمجرد ان أعلن جمال عبدالناصر كلمة السر المتفق عليها  بينة  وبين  محمود يونس ، وهى كلمة “ديلىسبس” ليدخل  إلى مبنى قيادة  الشركة ويحتل  هو ومن معه مكاتبها وفقا للخطة التى كان قد وضعها بحرفية  وسرية  ونفذها بشجاعة فائقة، ونجح فى تأميم  الشركة وأدارها على أحسن وجه، لتبدأ التحديات  الطويلة  والصراعات الدولية .

فى عام ١٩١٢ ولد محمود يونس  فى حى السيدة  زينب  الحى الذى تسكنه الطبقة المتوسطة ألحقه والده بمدرسة محمد على الابتدائىة فكان زميلاً  لكل من أحمد حسىن زعيم  مصر الفتاة فيما  بعد، وفتحى رضوان المحامى والمناضل وأول وزير للثقافة فى مصر بعد الثورة.

واضاف جلال الديب   قائلاً :

حصل محمود يونس  على الشهادة الابتدائية  فأدخله ابوه مدرسة الخديوي  اسماعيل  الثانوية  المعروفة باسم الخديوية  وتقع فى شارع الخليج  المصرى »بورسعيد  حالياً ” وحصل منها على شهادة البكالوريا  فى عام  ١٩٣٠ أصر والده ان يلحقة  بمدرسة الطب ليكون  طبيباً  مثل جده يونس  الحكيم ، لكن محمود يونس لم يقتنع  بدراسة الطب لميلة  الشديد  لدراسة الهندسة، فرسب فى السنة الأولى ورفض دخول امتحان الملحق حتى اقتنع ابوه بأن يحقق  له أمنيتة  فى دراسة الهندسة فسمح له بالالتحاق بمدرسة الهندسة الملكية  فى سنة  ١٩٣١ التى أصبحت بعد عامين  كلية  الهندسة جامعة القاهرة.

كان محمود يونس  طوال فترة دراسته الجامعية  من أبرز الطلاب وأشهرهم، حتى انتخب عضواً فى مجلس إدارة لجنة الطلبة التنفيذية  العليا  للجامعات والمعاهد العليا  والمدارس الثانوية  والفنية  وكان من زعماء الطلبة الذىن قادوا مظاهرات سنة  ١٩٣٥ ضد الانجليز ، التى أجبرت المحتل على التفاوض مع مصر من أجل الجلاء، فأسفرت عن معاهدة سنة ١٩٣٦ مظاهرات   ١٩٣٥ كان فيها  الطالب جمال عبدالناصر.

واستمر نضال محمود يونس  حتى تخرج فى كلىة الهندسة جامعة القاهرة عام  ١٩٣٧

وضع  خطة التأميم مع جمال عبدالناصر 

ويتذكر المهندس جلال  الديب  ان محمود يونس هو الرجل الذى وضع خطة التأميم ونفذها بكل دقة وحرفية هو ومن معه، ليقابلوا أقسى أنواع التحديات لما بعد التأميم.

تخرج محمود يونس فى كلية هندسة القاهرة عام   ١٩٣٧ ثم التحق فى عام ١٩٣٨  بالقوات المسلحة ثم التحق طالبا بكلية أركان حرب، وعند تخرجه اختير مدرسا فيها لتدريس مادة الإدارة والتحركات، ويتصادف أن يكون من بين طلابه الضابط جمال عبدالناصر الذى اختير أيضا مدرسا بنفس الكلية لتدريس مادة الشئون الإدارية، فيصبح زميلا لأستاذه محمود يونس، وتجمعهما غرفة واحدة فى الكلية وفى كلية أركان حرب توطدت الصداقة بينهما، ولاحظ عبدالناصر عن قرب قوة شخصية محمود يونس وحسمه وانضباطه والتزامه.. فاختاره بعد قيام الثورة ليكون مديرا للمكتب الفنى لمجلس قيادة الثورة، ويشركه فى اللجنة الوزارية لمجلس الإنتاج ويعينه عضوا فى المجلس الدائم لتنمية الإنتاج القومى.. وأخيرا اختاره عبدالناصر عضوا منتدبا لمعمل تكرير البترول بالسويس ورئيسا للجمعية التعاونية للبترول ومستشار الوزارة التجارة والصناعة لشئون البترول والثروة المعدنية.

 ويضيف قائلاً   وفى سنة  ١٩٥٤،انتخب محمود يونس نقيبا للمهندسين لعدة دورات متتالية، ثم رئيسا لاتحاد نقابات المهندسين فى الدول العربية.

كل هذه المواقع التى تقلدها محمود يونس كانت تحت نظر جمال عبدالناصر مراقبا ومدققا ودارساً لشخصية محمود يونس.

ومن تلك الدراسة تأكد لجمال عبدالناصر أنة خير من يصلح للمهمة الصعبة التى سيكلفه بها فقد أدرك جمال عبدالناصر أن محمود يونس رجل صاحب مبادئ ورؤية وعلم وخبرة وأنه وطنى أصيل مصرى شجاع يصلح أهلا للثقة ولكل هذه المزايا التى لمسها بنفسه جمال عبدالناصر قرر أن يكلفه بوضع خطة تأميم قناة السويس وأن يقوم بتنفيذها، كل ذلك قبل إعلان قرار التأميم بخمس وخمسين ساعة فقط.

  • • وعندما ذهب الرئيس جمال عبدالناصر ليفتتح خط أنابيب مسطرد يوم ٢٣ يوليو ١٩٥٦ كان فى انتظاره محمود يونس المسئول عن تنفيذ هذا الخط، وهناك أعلن جمال عبدالناصر عن فشل مباحثات البنك الدولى واقناع أمريكا عن تمويل بناء السد العالى فسأله الصحفيون وماذا سترد به على أمريكا.. ابتسم وقال اسمعونى مساء يوم ٢٦ يوليو ١٩٥٦ فى الإسكندرية.. ثم انصرف.
قد يهمك ايضاً:

صبحي يشهد افتتاح البطولة الأفريقية للجودو والمؤهلة…

وتشاور محمود يونس  مع مساعده المهندس عبدالحميد  أبو بكر الذى رد علية  بالانجليزية  دعنا ننتظر وسنرى..

فقال له يونس  خلاص تعالى معايا  نشوف الريس عايز إية !!

واتجها سوياً  إلى مجلس قيادة  الثورة الكائن عند كوبرى قصر النيل  حيث  كانت الساعة الثانية  عشرة ظهراً وعند وصولهما انتظر عبدالحميد  أبو بكر بمكتب السكرتارية  ودخل محمود يونس لمقابلة الرئيس .

لم ىدم الترحيب طويلاً حتى بادر جمال عبدالناصر محمود يونس بسؤال: تعرف إية  عن قناة السوىس؟!

وفوجئ يونس  بالسؤال فقال: أنا طوال وجودى فى السويس  اعرف أن فية  نادى جميل  على القناة كنت أتناول طعام الغداء فية

فضحك جمال عبدالناصر وقال:

شوف يامحمود أنا قررت تأمين  قناة السوىس رداً على رفض البنك الدولى تمويل  السد العالى.

لم يتمالك  محمود يونس  نفسه عند سماع هذه العبارة فهب واقفاً واتجه ناحية  جمال عبدالناصر يحتضنك  ويقبله !!

لكن عبدالناصر استكمل حديثة  قائلاً: وقررت  يامحمود إنك انت اللى هتقوم بوضع خطة التأميم  وتنفيذها .

نزلت هذه الكلمات على مسامع محمود يونس  كالصاعقة  فعاد إلى مقعده وجلس متسائلاً.. أنا..؟؟؟؟

قال عبدالناصر.. أيوة  يا محمود أنت وقدامك من دلوقتى خمسة وخمسىن ساعة للخطة والتنفيذ  قبل أن أعلن قرار التأميم   يوم الخميس القادم القادم من الاسكندرىة الثامنة مساءً من ميدان المنشية .

وقام جمال عبدالناصر بتسليم  محمود يونس  بعض الكتب والملفات الكبيرة  قائلا.. اقرأ دول كويس وحط خطتك مع السرية  المطلقة.

قال يونس : ممكن أستعين  بمساعدى عبدالحمىد أبو بكر – قال ناصر: مافيش  مانع

قال يونس  وممكن كمان أستعين  بمحمد عزت عادل..

رد ناصر قائلا: مافيش مانع

قال يونس : السفارة البريطانية  عاملة حفلة اليوم  بمناسبة ٢٣ يوليو  وعازمنى سوف اعتذر لهم عشان اتفرغ

رد عبدالناصر لا تعتذر ولا تغير  حتى لا تثير  الشبهات

وذهب محمود يونس  إلى مجلس قيادة  الثورة لمقابلة جمال عبدالناصر وهناك استقبله الرئيس  وعرفه بأنه سيعلن  تأمىم قناة السوىس وأن يونس  هو الذى سيقوم  بوضع الخطة وتنفيذها  وقبل انصرافه سلمه ناصر مجموعة ملفات وكتب ومن أهمها تقرير أعدته إدارة التعبئة بعنوان مذكرة عن الشركة العالمىة لقناة السوىس البحرىة ويقع  التقرير فى »٥٥« صفحة وكتاب للدكتور مصطفى الحفناوى المحامى بعنوان قناة السوىس ومشكلاتها المعاصرة الجزء الرابع ويتكون من 728 صفحة.

وقف ناصر يودع  يونس  قائلاً له: مسدسك فين يامحمود.. قال: أنا سىبته فى السكرتارية بره.. ابتسم ناصر وقال: »ما تقلعوش تانى عشان اللى يعنرضك  إضربه بالنار وعلى مسئوليتي .. مع السلامة«.

انصرف محمود يونس  حاملاً هذه الملفات والكتب ومعه عبدالحمىد أبوبكر ليتصلا  بالمهندس محمد عزت عادل اليوزباشي  بالقوات المسلحة ليتدارسوا  خطة التأميم  وبذلك يكون  أول من عرف بقرار التأميم  هم يونس  وبكر وعزت عادل  وكلهم من رجال الهيئة  العامة للبترول وخريجى  هندسة القاهرة وكانوا من تلامىذ محمود يونس  فى القوات المسلحة.

كانت الخطة أن ىتم الاستعانة بعدد ٩٢ فرداً من الضباط والمدنيين  للسيطرة  على مرافق الشركة فى مدن القناة الثلاث والقاهرة فور أن ينطق  عبدالناصر بكلمة السر »ديليسبس« مساء يوم  الخميس  ٢٦ يوليو  ١٩٥٦ حددت الأسماء دون إعلامهم بالمهمة السرية  التى سيقومون  بها وتحدد اللقاء فى مكتب القائد العام للقوات المسلحة بكوبرى القبة  يوم الخميس ٢٦ يوليو  الثانية  ظهراً حيث كان فى استقبالهم الصاغ عباس رضوان وتوفيق  عبدالفتاح وعبدالمعطى العربى وهم مديرو مكتب القائد العام للقوات المسلحة.

أعد محمود يونس  الخطة بالكامل وكتبها بالقلم الرصاص وهى عبارة عن أسهم وأسماء وخريطة  وذهب ليعرضها  على جمال عبدالناصر الذى وافق عليها  قائلا على بركة الله »

التعليقات مغلقة.