مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

انور ابو الخير يكتب : للماضي رواية وللحاضر حكاية

30

 

 

قد يهمك ايضاً:

الصحة النفسية ….الرهاب الاجتماعى …حلقة 39

أحمد سلام يكتب يوم أن غاب السادات عن 25 إبريل

حلم أي مواطن أن يحلم بعودة الحياة البسيطة حيث لم تعد توجد هنا حياة البساطة موجودة التي تعايشنا عليها دوماً ولتلك الأيام التي مضت وسنظل نحلم بعودتها بكل وقت فمهما طال الزمان فلا بعد بعودتها مع ذهاب وأرتحال الحروب وكل تجارها عن بلدنا ستنعاد تلك البساطة ببساطته أهلها الشرفاء

ومن وسط ركام الحروب والإهمال ومن بين زحام السباق يعيش فيه تلك البسطاء ببساطتهم وأحلامهم البسيطة والصغيرة يتعايشوا مع ذلك الواقع المر والمرير والمظلم طوال سنوات عجاف تتواصل بشكل تدريجي وكأنها سنوات فرضت عليهم بكل عدتها ليتعايشوا معاها بذلك الواقع الحالي فمن وسط الدمار والتهجير الممنهج الذي فرظ عليهم بين الحين والآخر بدون التغيير لترحيل ذلك الواقع الذي ظل مرافق حياتهم طوآل تلك الفترة الذي بقيت متواصلة بكل أيامها وأشهرها المظلمة ظلت مرافقتهم .
حتى اليوم مازلوا يحلموا لينالوا على حياة يختلط فيها رونق وبساطة الأيام الذي أعتادوا عليها بذلك الفترة الماضية ليعانقوها ولو مرة وأحدة تحصل لهم كصدفة تتحقق لهم يوماً بأرض الواقع وتنعاد لهم تلك الفترات وتلك البساطة من الحياة البسيطة الذي أفتقدها معظم الشعب
حلم مواطن يحلم بعودة الحياة البسيطة وتلك الأيام الماضية التي مرت بكل بساطتها ورونقها الجميل رغم كل الظروف السيئة التى يمر بها المواطن المصري في هذه الأيام ورغم انهيار حال المواطن المصرى وتوغل الشعور في نفسه بالاحباط داخل كل مواطن ورغم الغلاء الرهيب والمعاناه التى يلاقيها كل مواطن عادى من افراد الشعب ورغم الاحساس بقلة الحيلة للمواطن رغم كل ذلك واكثر فمازال يتنفس ليحيا ويجاهد ليستنشق عبير الامل في حياة افضل حيث انه يعيش أزمة حقيقية في كل جوانب ونواحي الحياة الاقتصاديةوالسياسية والإجتماعية والثقافية الخ وبات من الصعب جداً علينا أن نصل الى نتيجة تبعث على الراحة والإطمئنان في حواراتنا ومناقشاتنا في كل المحافل والمستويات وكل ما نحصل عليه هو تردي الأوضاع من سيء الى أسوأ لكن الأسوأ من كل ذلك هو أن نفقد الأمل الذي بات يتلاشي في كل يوم أكثر وأكثر ولا يتمكن غالبية المواطنين من رؤية سوى السواد القاتم القادم في كل ظاهرة وحدث هام في حياة مجتمعنا هذه الأيام نصل تقريباً الى نفس النتيجة ونصطدم جميعاً بالحائط وننكفىء على وجوهنا بإنتظار القادم الأسوأ وصدى صوتنا يردد نفس السؤال الى أين نحن ذاهبون؟
رغم أهمية الجانب السياسي وتأثيره في حياتنا وأقصد في مستوى الصراع والذي يطال كل تفاصيل حياتنا إلا أنني سوف أركز على القضايا المجتمعية التي نمتلك فيها على الأقل هامشاً واسعاً للتغيير والتأثير سأذكر هنا بعض الجوانب على سبيل المثال لا الحصر تزايد الفساد وسوء الإدارة على كافة المستويات وفي كل الهيئات إرتفاع نسب البطالة والفقر تراجع نوعية الخدمات وخاصة الأساسية كالتعليم والصحة والرعاية الإجتماعية عامة وللفئات الضعيفة خاصة إنتشار وتفشي إرتفاع أسعار السلع والمواد الفاسدة في كل المجالات إرتفاع نسب الجريمة وإنتشار المخدرات وغيرها من الظواهر السلبية التي تعصف بإستقرار وتماسك مجتمعنا بصورة واضحة وخطيرة وبالطبع فإن في كل عنوان من التي ذكرتها هناك الكثير من التفاصيل التي تنتهي كلها بأسئلة لا تجد إجابات ولذلك فإن حلقة نقطة الإرتكاز في البحث عن حلول ومعالجات تبقى مفقودة والمخرج الرئيسي الواضح هو تردي الوضع وتفاقم مشكلاته وتعقيداته لن أتساءل هنا عن دور الحكومة وأجهزتها ومؤسساتها المختلفة لعدة أسباب لعل أهمها أن تجربة عدة سنوات أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك بأن هذا الدور غير كافي ولم يكن قادراً ليس فقط على المعالجة وإنما غير قادر أيضاً على كبح الإنحدار والتراجع المستمر في كل المجالات
فمثلاً كل الاجراءات والسياسات الرسمية لم تتمكن من معالجة ظاهرة إنتشار المخدرات أو أتساع ظاهرة إرتفاع الأسعار أو تحسين مستوى المعيشة ونوعية الخدمات الأساسية للمواطنين عامة والفئات الضعيفة خاصة أو إيجاد حلول ناجعة لإنتشار البطالة والفقر أو محاصرة الفساد في أي مجال من المجالات هذا إن لم نقل أنها سياسة تنحاز بصورة تتكشف أكثر وأكثر لصالح فئات اجتماعية محددة ككبار التجار والمستثمرين وأصحاب رؤوس الاموال وهناك أمثلة كثيرة نعايشها يومياً ولكل ذلك فإنه من الواضح أن مستويات البحث والتحليل يجب أن تكون أوسع وأعمق لكي نحقق ضمانات نجاح أكبر ومن هنا جاء التساؤل عن دور الحكومة لشرائح المجتمع وتعبيرها عن مصالحها وقدرتها علي معالجة قضاياها و همومها بإعتبارها جزء من مكونات النظام السياسي لأي مجتمع ولرؤيا سياسية في التغيير السياسي والإجتماعي وفي سعيها من اجل الوصول الى صنع القرار للتأثير علي سياسيتنا التي تعبر عن واقعنا الحالي
فهناك شكوك عديدة وتساؤلات حول حقيقة لهذا الدور أو المسئولية والهدف هنا ليس التشكيك بقدر ما هو دعوة للبحث والتحليل لا نرى في الواقع سوى دور خجول ومتواضع لمعظم الأحداث والقضايا الجوهرية في حياة غالبية فئات المجتمع حيث لا نرى لها للحكومة دوراً جماهيرياً واضحاً في متابعة قضايا إرتفاع أسعار السلع الإستهلاكية أو في مواجهة إنتشار السلع الفاسدة أو تفشي ظواهر العنف والجريمة والمخدرات أو تفاقم العنف والشجارات ولا نرى دوراً مؤثراً في الحد من البطالة أو النضال من أجل توفير حماية إجتماعية للعاطلين عن العمل او تحرك ذو مغزى لحماية ظهر المواطن من ارتفاع الأسعار وتغول الإحتكارات والتصدي لساساته في مختلف المحاور فان هذا التراجع واضح وملموس على أرض الواقع أيضاً
السؤال الجوهري الذي يفرض نفسه هو على من تقع المسئولية في هذا التراجع
أو التقهقر؟ على المواطن؟ هل الحكومة ام المواطن والتي تعلق كل شيء على المواطن وكأنه هو الذي يدير الأمور وتظل تدور في نفس الحلقة المفرغة هي تحميل المواطن المسئولية عن ذلك وإتهامه بالإبتعاد عن مناصرة ومؤازرة الحكومة و المواطن بدوره يحمل الحكومة المسئولية لأنها لم تلامس همومه وحاجاته ولم تعبر عنها في برامج وخطط عمل حقيقية وهكذا يستمر الجدل في صورة أشبه بالسؤال التقليدي أيهما أسبق الدجاجة أم البيضة؟ لكن خلال الجدل والنقاش لم يعد أحد يتحدث عن بعض المفاهيم التي تعتبر من مسلمات وبديهيات العمل لفن التعايش مع الواقع القائم دون إثارة ولو نقاش حول إمكانية ومسار تغييره وبات الهم الأساسي هو الحفاظ على الذات والوجود في واقع ينحدر بصورة متواصلة أن مجرد عدم مناقشة إمكانية تغيير الواقع فضلاً عن طرق وسبل هذا التغيير سيقود حتما الى الفراغ وإنعدام الأمل والى تركيز كل الجهد والطاقات الفردية والجماعية للحفاظ على الذات وحقائق التاريخ تشير الى أن من لا يؤثر في مجرى الأحداث فإنه سيكون بإستمرار عرضة لأن تجرفه الأحداث نفسها ومن لايبحث لنفسه عن مكان مؤثر في صنع الأحداث فإنه لن يحصل على ذات المكان كهبة أو منة من أي أحد ولكل ذلك فأنه لا بد للحكومة والهيئات والمؤسسات ان تطرح السؤال وتعيد طرحه وإيجاد الإجابات الملائمة عليه الإجابات التي تعيد تنظيم أمورها وأوضاعها وبما يؤهلها لتكون لاعباً مؤثراً وفاعلاً للمجتمع وبغير ذلك فإننا كمجتمع سنواصل الإنتقال من مأزق الى مأزق أكبر وأوسع وهو لن يؤدي بنا إلا فقدان كل جوانب قوة وتماسك مجتمعنا وحينها سنكرر بعد عدة سنوات نفس العبارة التي يكررها الكثيرون منا اليوم عندما نتحدث عن سنوات سابقة ومظاهر كثيرة من التماسك المجتمعي بالقول الزمن الجميل مع الفارق الوحيد أننا نكررها اليوم حين نتحدث عن مظاهر ومفاهيم وقيم إيجابية سادت في مجتمعنا في حقبة سنوات من القرن الماضي لكننا قد نكررها مستقبلا من باب المفاضلة بين السيء والأسوء أي نطلق بعد عدة سنوات تسمية الزمن الجميل على واقعنا الحالي وهذه هي الطامة الكبرى

التعليقات مغلقة.