مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

المصطفى رسلان يكتب «ودقت ساعة الحسم»

66

بقلم : المصطفى أحمد رسلان 

بعد إعلان أثيوبيا عن بدء عملية ملء سد النهضة في الخامس عشر من يوليو الجارى أصبح لا مناص من إيجاد حل مناسب لهذه الأزمة والتى تهدد مصر كدولة مصب وذلك لتقليل حصتها السنوية والتى تقدر ب٥٥.٥ مليار متر مكعب من المياه. وللوقوف علي حل أمثل لهذه الأزمة ينبغي أن نعود إلي الوراء لبيان المراحل والإتفاقيات التى مرت بهذا النهر.

 

أولٱ: بروتوكول روما عام (١٨٩١) والذي تم بين بريطانيا المحتلة لمصر والسودان (وكانتا آنذاك دولة واحدة) وإيطاليا المحتلة لأثيوبيا والذي تعهدت فيه إيطاليا  بعدم إقامة أية مشروعات في أثيوبيا تؤثر علي حصة المياه التى تصل إلى مصر والسودان كما يقرر البروتوكول ضرورة التشاور بين بريطانيا وإيطاليا قبل القيام بأية مشروعات لاستغلال النهر.

 

ثانيآ: إتفاقية أديس أبابا في الخامس عشر من مايو عام ١٩٠٢ والتى تمت بين بريطانيا المحتلة لمصر والسودان وبين منيلك الثانى امبراطور أثيوبيا (بعد أن نالت أثيوبيا استقلالها) وتعد هذه الإتفاقية من أهم الإتفاقيات الخاصة بنهر النيل حيث أن المادة الثالثة من هذه الإتفاقية تمنع أثيوبيا من القيام بأية مشاريع علي النهر الأزرق تمامآ والذي يعد من أهم مصادر نهر النيل.

.

 

قد يهمك ايضاً:

ثالثآ: إتفاقية السابع من مايو عام ١٩٢٩ والتى تمت بين بريطانيا المحتلة (لمصر والسودان) وأوغندا وتنزانيا وكينيا والتى بموجب هذه الإتفاقية أصبح لمصر حق الإعتراض (الفيتو) لأي مشروع علي منابع النيل كما قامت هذه الإتفاقية بتحديد حصة مصر السنوية مياه النيل والتى قدرت ب٤٨مليار متر مكعب مقابل ٤مليار متر مكعب للسودان .

 

ففي عام١٩٥٩ قام الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر بعقد إتفاقية مع السودان وأثيوبيا وتقر هذه الإتفاقيةحق الإنتفاع الكامل لمياه النيل فزادت حصةمصرالسنوية من مياه النيل إلي ٥٥.٥ مليارمتر مكعب مقابل ١٨.٥ مليار متر مكعب للسودان وذلك حتى لا تتعرض الأراضى الزراعية للبوار بملء خزان أسوان بعد بناء السد العالي عام ١٩٦٠. ثم بدأت النواة الأولي لحلم بناءالسد في أثيوبيا عام ١٩٦٤ عندما قدم مكتب الإستصلاح الزراعى التابع لوزارة الخارجية الأمريكيةدراسة تقترح ٢٦ موقع في أثيوبيا يصلح لبناء سد.

 

وفي نوفمبر عام ١٩٧٩ أعلن الرئيس الأسبق أنور السادات أنه سيقوم بتحويل مجرى نهرالنيل وذلك لزراعة ٣٥ألف فدان بسيناء فجاء رد منجستو الرئيس الأثيوبي آنذاك بالتهديد بتحويل مجرى النهر الأزرق عن مصر.

 

أما  عام ٢٠١٠ بدأت هذه التهديدات تدخل حيز التنفيذ حيث عقدت أثيوبيا إتفاقية عنتيبي والتى مضت عليها ست دول من دول حوض النيل بينما اعترضت مصر السودان علي هذه الإتفاقية والذي جاء في أحد بنودها ((دول مبادرة حوض النيل تنتفع انتفاعا منصفٱ ومعقولٱ من موارد مياه المنظومة المائية لنهر النيل)) وبذلك تكون هذه الإتفاقية قد قضت علي الحصةالتاريخية لمصر في مياه النيل.

 

و استغلت أثيوبياالتخبط السياسي الموجود بمصر إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير وقامت بوضع حجر أساس سد النهضة كأكبر مشروع قومى لإنتاج الكهرباء في افريقيا والذي سوف يوفر لها ليس فقط ما يلبي حاجتها من الطاقة للنهوض من الفقر المتقع وإنما أيضٱ لتصدير الفائض من الطاقة للدول الأخرى وهذا ما يفسر دعم معظم دول حوض النيل لهذا المشروع حتى دولة السودان التى عارضت بالأمس القريب بناء السد أصبحت الآن تدعمه وبالتالي بعد تجاوز السد مرحلة اللا عودة.

 

وبالتالي فإن الحل الأمثل للتعامل مع هذه الأزمة سيكون حل سياسي بالدرجة الأولي ويتم ذلك بالتفاوض مع دول حوض النيل الدول الممولة لهذا المشروع بأن يتم ملء خزانات هذا السد علي فترات طويلة ومتباعدة وذلك حتى لا تتعرض الرقعة الزراعية للبوار نتيجة نقص الحصة السنوية لمصر من مياه النيل عن ٥٥.٥مليار مترمكعب والتى بالكاد تكفي مصر وبجانب هذه المفاوضات أرى أن تتم الموافقة علي عمل مشروع قومى لتحلية مياه البحر واستغلال موسم المطر وحتى يتسنى لمصر أن تكتفي ذاتيٱ من المياه العذبة وتعود من جديد إلي سيادتها ومكانتها في الريادة بين دول حوض النيل و العالم أجمع

اترك رد