مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

المشبوه

3

بقلم – علي العلي “سوريا”:

قد يهمك ايضاً:

الكيلاني وشوشه يشهدان احتفالية “تحرير سيناء”…

” الفتيات الفاتنات ” قصة قصيرة

الحذر واجب
شعار رفعه منذ وصوله إلى مدينة دورتموند ، حينما أدرك بأنه رجل مشبوه في نظر أهلها
فجعل من يده رقيبه الأول ، لتعاين أجزاء جسده ، وتنبش ثيابه قبل خروجه من المنزل.
حلاقة الشنب وقصة الشعر ، طغت عليها معالمه السمراء التي جعلته هدفا لرجال الشرطة ، واضطرته لرفع يديه أمامهم وتسليم نفسه لعملية التفتيش ، والإجابة عن سؤالهم المتكرر :
– هل أنت متطرف ؟
– أتقصد مسلم ! ؟ نعم سيدي أنا مسلم …مسلم علماني ، أصوم .. أصلي .. أحب الموسيقا .. أعشق الرياضة ، واتناول المشروب أحيانا
لا يقتصر الأمر على رجال القانون فقط ، فالشوارع كلها باتت محاكم يتوجب عليه الخضوع لها ، فيسمع الأحكام من هنا وهناك ، دون أن يطلب منه تبرير أو إجابة :
– متى ستعود ؟ ..أميرك البغدادي يدعو للجهاد … احذروا ذاك الجهادي .
كل ذلك يدفعه للتساؤل : أي حضارة يملك هؤلاء ؟ هل يتوجب علي أن أكون أشقر البشرة ، وأزرق العينين ، حتى لا أكون مشبوها عندهم .
أي معاناة لاقوها من البغدادي ؟ وكيف أنسب إليه ؟ وهو الذي دفعني إلى ترك بلادي ، والتخلي عن أسرتي التي قد لا أراها أبدا .
شعوره عند وصوله بأن الحرب قد إنتهت ، ثبت بطلانه ، فعلى ما يبدو بأن سنى النار قد عبر الحدود ، لذلك لا بد من طرح فلسفة جديدة ، يتلاءم من خلالها مع الواقع الجديد :
– الناس هنا يظنون بأني جمرة من تلك النار التي أحرقت بلدي ، ومن حقهم أن يخافوا على بلادهم .
فلسفة لم تعمر كثيرا ! نسفها ذاك الخبر القادم من بلاد الهشيم :
– طائرات التحالف تقصف قريته ، وتقتل العشرات بينهم زوجته وأحد أبنائه .
عصره الألم …الحزن ، ودفعه إلى النزول إلى الشارع ، عل صوته يصل إلى مسامعهم ، يغسل شيئا من ذاك الحقد الذي بدأ ينسل بين عروقه
لكن صوته تقاطع مع صوت مذياع قريب ، يبث الخبر :
– طائرات التحالف تقتل عشرات الإرهابيين في تلك القرية .
لم يعد الأمر فكرة رجل مشبوه إذا ! فما الفرق بينه وبين زوجته و إبنه ؟
علا صوته :
– أنتم كاذبون …. عنصريون ….
تقاطر رجال الشرطة ومكافحة الإرهاب نحوه ،صار مادة دسمة لإعلام اليوم التالي :
– القبض على إرهابي ..في ضواحي دورتموند .
 

اترك رد