مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

الفلانتين من زاوية سيكولوجية

4

بقلم – الدكتور أحمد عيسى:

أعزائى القراء يسعدنى أن أناقش معكم اليوم الفلانتين الذى يحين موعده فى الرابع عشر من فبراير كل عام وهو اليوم الذى حكم فيه بالإعدام على القديس فلانتين جراء إقدامه على تزويج المحبين من جنود المملكة سرا بعدما أصدر الإمبراطور الرومانى وقتها حكما بعدم زواج أى جندى .

ولكن دعونا نبتعد كليا عن هذه القصة وأحداثها ونغوص فى أعماق سيكولوجية تخصيص يوم الفلانتين للتعبير عن مشاعر الحب والرومانسية .

إن علم البرمجة اللغوية العصبية الحديث أوضح قدرات هذا العملاق الكامن بداخل كل منا وهو ما يسمى بالعقل اللاواعى والمسئول عن المشاعر والأحاسيس والحب والبغض من أول مرة وبسبب وبدون سبب نتيجة روابط ذهنية داخلية معقدة ومتداخلة تجعل المعالج النفسى أثناء علاجه إضطرابا سلوكيا لشخصية ما، يقوم بمجهود أشبه بحل الألغاز والشفرات وفك الطلاسم ، لأن النفس لها قوانينها الخاصة والعقل اللاوعى أو العقل الباطن وحده يستحوذ على نصيب الأسد من هذه القوانين التى ينبغى إحترامها حتى لا يحدث خللا يجعل الإنسان أشبه بإنسان آلى .

وتعالو بنا نغوص فى بحور هذا العملاق المسمى باللاوعى

أو العقل الباطن Inconscious) ) ،،،لنقترب شيئا يسيرا من طريقة برمجة المشاعر عن طريق ربطها بيوم ما ،أو مناسبة ما ،تحدث بشكل متكرر .

إن العقل الباطن يحدث معه ما يسمى بالبرمجة اللغوية العصبية  NLPعن طريق ربطه مواقف معينه تحدث بشكل متكرر دورى ، فيقوم بشكل تلقائى بربط هذه المواقف بكل ما يحيط بها ويصاحبها من مشاعر وأحاسيس بشكل ملفات مترابطة ومتداخلة فيما بينها ، وما إن تظهر أحد هذه الملفات بشكل غير مقصود أو التفكير فيها أو إستدعائها حتى يقوم العقل الباطن بإستدعاء فورى لكل الملفات التى كانت فى وقت سابق قد  تم ربطها بصورة أو بأخرى بهذا الملف الذى تم إستدعائه بشكل مقصود أو غير مقصود .

قد يهمك ايضاً:

الحرية المطلقة للأبناء 

أنور ابو الخير يكتب : عندما تسقط الأقنعة

وبعد أن عرفنا الألية التى يعمل بها العقل الباطن تعالوا بنا نتعرف عن الفلانتين كأحد الروابط الذهنية التى يخزنها العقل اللاواعى .

إن تحديد وربط يوم فى العام للتعبير عن مشاعرنا وأحاسيسنا تجاه الأخر يجعل هذا العقل اللاواعى يسيطر على أى مشاعر نشعر بها ويدفعنا بشكل لا إرادى لتخزينها وحبسها لحين مجئ هذا اليوم ، بالطبع هذا لا يحدث فى يوم وليلة ولكن يحدث بشكل تراكمى بمعنى ، فى أول مرة ننوى فيها ربط مشاعرنا العاطفية بهذا اليوم “الفلانتين” يبدأ العقل الباطن بإرسال رسالة للعقل الواعى مفادها إدخار أى عواطف لحين مجئ مناسبة الفلانتين ، وفى العام الذى يليه يبدأ العقل الباطن فى قيادة العقل الواعى فى توفير الهدايا لهذا اليوم الذى تم عمل رابط ذهنى عاطفى به ، وفى العام الذى يليه يبدأ الأمر فى الإتساع ويتعدى الهدايا إلى المشاعر والكلمات ، حتى يصل الأمر فى يوم من الأيام إلى أن الحياة تصير مملة ماسخة لأننا ربطنا مشاعرنا وأحاسيسنا بيوم واحد فى العام نضطر فيه لتأجيل كل كلمة شكر وثناء وحب لهذا اليوم ، وهنا تكون الكارثة حيث ان الكلمات فى هذا اليوم حين يستدعيها العقل اللاواعى لا تكون محملة بالدفئ العاطفى الذى كان يمكن أن تكون مشبعة به لو خرجت فى الوقت الذى شعرنا فيه بأننا بحاجة للإفصاح عما تكنه قلوبنا من مشاعر وأحاسيس .

وهذا سببه أن ملفات المشاعر التى تم تخزينها فى العقل الباطن ، تم تخزينها مجردة بمعزل عن أى مواقف تكسبها الدفئ العاطفى اللازم كما يحدث فى البرمجة العادية للمواقف المتكررة فى حياتنا والتى يقوم العقل الباطن بربطها ببعضها وما أن يتعامل العقل الواعى مع أحدها حتى يقوم العقل اللاواعى بإستدعاء كل الملفات التى تم ربطها بها فى وقت سابق .

ومن وجهة نظرى أقول لكم عبروا عن مشاعركم فور حضورها حتى تخرج بكل الدفئ المحملة به لأن المشاعر المحفوظة أو المجمدة لا يمكنها أن تحرك أغصان الورد فى قلوب من نحب ، لانها ضعيفة جدا بسبب عدم وجود ملفات أخرى مرتبطة بها يستطيع العقل الباطن إستدعائها ليقويها بها .

إن الفلانتين لن يثمر إلا إذا كنت أحد أبطاله الذين عايشوا فترة أحداثه لانهم وحدهم الذين يستطيع عقلهم الباطن إستدعاء باقى الملفات العاطفية المرتبطة به فى كل عام يحين موعده .

أما بالنسبة لى ولك فما هى الملفات التى يمكن أن يربطها العقل الباطن بالفلانتين ، أعتقد أنه لا توجد أى ملفات وذلك ببساطة لأنه ليس له أى ملفات أو روابط ذهنية بالنسبة لنا ولكل أجيالنا .

وفى الختام أقول لكم عيشوا الحب وقتما يحين الحب وفى الوقت الذى تنبض فيه قلوبكم ، وليس فى الوقت الذى يذكركم فيه المنبه بأنه ينبغى لكم أن تحبوا الان .

وإلى اللقاء فى مقال جديد .

 

اترك رد