مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

العلاقات المصرية الفرنسية ومشاركة السيسي في قمة باريس

7

بقلم – د . إسلام جمال الدين شوقي:

 خبير اقتصادي

عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي

تأتي زيارة الرئيس السيسي إلى فرنسا للمشاركة في كلٍ من مؤتمر باريس لدعم المرحلة الانتقالية في السودان، وقمة تمويل الاقتصاديات الأفريقية، وتأتي مشاركة الرئيس تلبيةً لدعوة الرئيس الفرنسي “ماكرون” في إطار حرص الجانبين على تنمية العلاقات الإستراتيجية التي تجمع بين البلدين، وبحث سبل تعزيزها حيث ستتناول الزيارة الجوانب والموضوعات الخاصة بالعلاقات الثنائية بين البلدين، استنادًا لدور مصر الحيوي والداعم للمرحلة الانتقالية في السودان على الصعيدين الإقليمى والدولي، وكذلك للثقل الذي تتمتع به مصر على مستوى القارة الإفريقية بما يساهم في تعزيز المبادرات الدولية الهادفة لدعم الدول الإفريقية، فضلًا عن مواصلة المشاورات والتنسيق المتبادل حول عدد من الملفات الإقليمية والدولية خاصةً فيما يخص تطورات ملف سد النهضة الإثيوبي وكذلك القضية الفلسطينية.

إن العلاقات الثنائية المصرية – الفرنسية تقوم على روابط تاريخية تستند إلى الصداقة والثقة المتبادلة، فعلى المستوى الاقتصادي، فهو لا يقل أهمية عن العلاقات السياسية، حيث تعتبر فرنسا شريكًا اقتصاديًا بالغ الأهمية لمصر، فوفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء اليوم الإثنين فقد ارتفعت قيمة الاستثمارات الفرنسية في مصر خلال العام المالي 2019 / 2020 لتسجل 349 مليون دولار مقابل 296,1 مليون دولار خلال العام المالي 2018 / 2019 بنسبة ارتفاع قدرها 17,9%، وذلك في عدد من القطاعات الصناعية، التي تضمنت الصناعات الغذائية والكيماويات ومواد البناء، وصناعات السيارات، والأدوية، والتأمين، والبنوك، والاتصالات، واللوجستيات ، وعن التبادل التجارى بين البلدين فقد سجل حجم التبادل التجاري بين مصر وفرنسا 2,2 مليار دولار خلال عام 2020 مقابل 2,4 مليار دولار خلال عام 2019 بنسبة انخفاض قدرها 6,9%، ويعزى هذا الانخفاض نتيجة لجائحة كورونا التي أثرت على حركة التجارة العالمية.

كما تعمل نحو 165 شركة فرنسية في مصر توظف ما يزيد على 38 ألف شخص، ومن أبرز المشروعات التي ساهمت فرنسا في دعمها بمصر الخط الثالث لمترو أنفاق القاهرة (المرحلتين الثانية والثالثة)، وتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وتوصيل الغاز الطبيعي للمنازل، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في قطاع الزراعة.

تأتي أهمية قمة باريس في كونها تركز على إنعاش الاقتصاد الإفريقي بحضور 15 من القادة الأفارقة والعديد من كبار المسؤولين الأوروبيين إضافة إلى 10 ممثلين عن منظمات دولية، في قمة حول تعافي الاقتصاد الإفريقي الذي تباطأ بشدة من جراء جائحة فيروس كورونا.

قد يهمك ايضاً:

أنور ابو الخير يكتب: أحلام ضائعة

وتهدف القمة إلى إرساء موارد مالية من شأنها إنعاش اقتصاد قارة إفريقيا والذي يتوقع أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي لها في 2021 أول ركود له منذ 25 عاما، مع انخفاض بنسبة 2,1 %، ومن المتوقع أن يعود النمو في 2022، ولكن بمعدل أقل من مثيله في البلدان الأكثر تقدم.

والجدير بالذكر أن من بين البلدان المشاركة في القمة مصر والسودان وتونس وبوركينا فاسو والكونغو الديموقراطية وساحل العاج وإثيوبيا وغانا ومالي وموريتانيا وموزمبيق ونيجيريا ورواندا والسنغال وتوغو، إضافةً إلى إيطاليا وإسبانيا والبرتغال والاتحاد الأوروبي.

كما ستشارك كلٍ من هولندا وألمانيا واليابان وكينيا وتنزانيا وجنوب إفريقيا عبر الفيديو كونفرانس، وستشارك الصين من خلال إرسال مسؤول لها، وستتم دعوة الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية والبنك الدولي وعدّة مصارف عامة دولية، وتجدر الإشارة إلى أن مبادرة الرئيس الفرنسي ماكرون لعقد قمة باريس تأتي لجذب الاستثمار والسيولة المالية إلى إفريقيا من كلا القطاعين العام والخاص ووضع حزمة دعم ضخمة لإفريقيا لإرساء الأسس لدورة جديدة من النمو في القارة السمراء والتي ستكون محورًا لنمو الاقتصاد العالمي.

كما سيقوم الرئيس السيسي خلال قمة تمويل الاقتصاديات الإفريقية بإلقاء الضوء على مختلف الموضوعات التي تهم دول القارة السمراء فيما يتعلق بأهمية تعزيز الجهود الدولية لتيسير اندماجها فى الاقتصاد العالمي، بما يساهم فى تحقيق نمو اقتصادى في مواجهة تداعيات أزمة فيروس كورونا، وكذلك تيسير نقل التكنولوجيا للدول الإفريقية من أجل دفع حركة الاستثمار الأجنبى إليها وكذلك السيولة المالية.

أما بخصوص دور مصر في دعم التعاون الاقتصادي مع إفريقيا خلال المرحلة المقبلة فمنذ أن تولى الرئيس السيسي المسئولية أخذ على عاتقه تأسيس رؤية وفكر جديدين لإدارة مصر فيما يخص علاقاتها مع الدول الإفريقية حيث تستند هذه الرؤية إلى الاحتواء بدلًا من التصادم، والتفاهم والحوار الرشيد وتحقيق المصالح والمكاسب المشتركة بدلاً من سياسة فرض الأمر الواقع. والعلاقة التى تسعى مصر الشقيقة الكبرى لبنائها مع شقيقاتها من الدول الإفريقية تهدف إلى تجاوز الخلافات الشخصية وترتقى لمستويات من التعاون الوثيق على جميع الأصعدة، وعلى رأسها دعم الدول الأفريقية اقتصاديًا واستثماريًا لضمان تحقيق الاستقرار السياسى والأمنى وهو ما يؤمن ويضمن مصالح مصر الاستراتيجية والأمنية.

ويقع على عاتق مصر خلال الفترة القادمة العمل على دعم الاستثمار والنمو الاقتصادى والتنمية الاقتصادية فى البلدان الإفريقية لضخ استثمارات لها نتائج ملموسة على الأداء الاقتصادى والأوضاع الاجتماعية للشعوب الأفريقية وتسريع معدلات النمو الاقتصادى وخلق فرص العمل وتوفير احتياجات الشعوب المختلفة.

ويمكن للدولة المصرية أن تلعب دورًا هامًا فى هذا الصدد عن طريق البحث عن الفرص الاستثمارية الواعدة والقطاعات الاقتصادية الريادية فى الدول الإفريقية ــ وعلى الأخص في دولة السودان نظرًا لما تمثله من أهمية قصوى لمصر وأيضًا نظرًا للتقارب والتفاهم الكبيرين بين القيادة السياسية المصرية والسودانية والترويج لتلك الفرص بين المستثمرين المصريين أو الشركات الأجنبية التى تتخذ من مصر مقرًا إقليميًا لأعمالها بحيث تستطيع توسيع أنشطتها بالسودان وغيرها من الدول الإفريقية.

كما تستطيع مصر أن تلعب دورًا محوريًا فى تعبئة الموارد المالية من المؤسسات المالية مثل البنك الدولي وبنك التنمية الإفريقي وغيرهما لتمويل مشروعات داخل السودان وغيرها من الدول الإفريقية مستفيدة من التمويلات الميسرة التى تقدمها تلك المؤسسات لمشروعات التعاون الثلاثى والتى يكون أطرافها عادةً من الدول النامية.

 

 

التعليقات مغلقة.