سلطان الخطيب يكتب عن نقابة الأشراف منذ العهد العباسي وحتى الآن

نقابة الأشراف منذ العهد العباسي وحتى الآن

بقلم الشريف/ سلطان الخطيب

ننوه بداية أن التأريخ لأول نقابة للسادة الأشراف يرجع إلى منتصف القرن الثالث الهجري إبان حكم الخليفة العباسي المنتصر بالله (ت248هجرية ) الذى كان يحسن معاملة الأشراف وفي عهد الخليفة المستعيذ بالله (ت252هجرية ) أنشئت النقابة الاولى فى بغداد مقر الخلافة العباسية عام 251هـ.

ويعتبر الحسين النسابة الذى ينتهى نسبه إلى زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبى طالب أول من تولى منصب نقيب الأشراف عام 251هجرية، ثم تتابعت النقابات الفرعية التابعة للنقابة الرئيسية فى بغداد عاصمة الخلافة آنذاك إلى مختلف الولايات العباسية ومن بينها مصر التي استقلت فيها نقابة الأشراف مع بداية الحكم الطولوني.

ومن هنا فقد استقلت نقابة الأشراف فى مصر بكيانها العلوي عن الكيان والنفوذ العباسي وخصوصا أن أحمد بن طولون كان يحترم الأشراف ويجلهم ويقدم لهم المنح والرواتب والعطايا.

وحسب المصادر التاريخية فقد انحصر منصب نقيب الأشراف فى مصر فى العصر الطولوني فى أسرة طباطبا التى تنتسب إلى السيد إبراهيم طباطبا بن إسماعيل الحسني إلى الإمام الحسن بن علي بن أبى طالب.

وحظي الأشراف بمعاملة خاصة من الأمراء الفاطميين فى عهد الدولة الفاطمية على اعتبار أنهم أبناء عمومة ينتسبون إلى السيدة فاطمة الزهراء وكانوا يقدمونهم على الأمراء والوزراء من غير الأشراف.

أيضا لم يتوقف التكريم للأشراف فى الدولة الأيوبية وكذا دولة المماليك؛ فقد كانوا يجلون الأشراف ويحتفون بهم لكونهم (أي الأشراف) ينتسبون إلى فاطمة الزهراء بنت النبي صلى الله عليه وسلم من ولديها الحسن والحسين ابني علي بن أبى طالب رضي الله عنهم أجمعين وفى العهد العثماني حدث تكريم للأشراف وتبجيل فقد منحتهم السلطنة الأوسمة والهدايا وتم تعيين رئيس للأشراف فى العهد العثماني كان يتقدم على الأمراء والوزراء فى المراسم المختلفة للدولة العثمانية.

وظل الامر كذلك حتى مجيء الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت لغزو مصر واحتلالها عام 1798م وكان النقيب حينذاك السيد/ خليل البكري ثم تُوفي فاختار الأشراف السيد/ عمر مكرم الحسني لتولى النقابة.

وكان للسيد/ عمر مكرم دور بارز له صداه وتاثيره فى الحياة السياسية فى مصر حيث أسهم بقوة وتسبب فى إسقاط وفشل الاحتلال الفرنسي لمصر وزواله سريعا وخروجه عام 1801م وساهم نقيب الأشراف / السيد عمر مكرم بشكل مباشر فى تنصيب محمد علي واليا على مصر وألبسه الجبة والقفطان شعار الولاية فى موكب مهيب وأعلنه واليا على مصر عام 1805م.

غير أن محمد على تآمر بعد ذلك على نقيب الأشراف عمر مكرم أاطاح به ونفاه إلى دمياط لكي يستبد بالحكم.

كان للسيد عمر مكرم نفوذ وتأثير واسع لدى مختلف طوائف وطبقات الشعب المصري وهو ما خشاه محمد على وتحاشاه، ومن أجله فعل ما فعل.

ثم خلف السيد / عمر مكرم السيد/ محمد توفيق البكرى الصديقي (1870- 1932م) واستمر نقيبا إلى عام 1914م ثم خلفه السيد عمر مكرم الثانى (وهو حفيد السيد عمر مكرم من كريمته السيدة حنيفة ) وظل نقيبا حتى عام 1920م .

ثم تولى السيد / محمد علي الببلاوى الحسني النقابة من ذلك التاريخ عام 1920 إلى وفاته عام 1953 وظل المنصب شاغرا طوال فترة رئاسة عبد الناصر والسادات إلى أن جاء القرار التاريخي للرئيس الأسبق / محمد حسنى مبارك رقم 54 لسنة 1991 بتعيين الشريف /محمود كامل يس الرفاعي نقيبا للأشراف بجمهورية مصر العربية وظل إلى أن تُوفي ثم أعقبه شقيقه السيد / أحمد كامل يس الرفاعي إذ تولى منصب النقيب بالقرار رقم 220 لسنة 1994 وظل نقيبا للأشراف بمصر إلى أن توفي عام 2008 ثم أصدر الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك قرارا جديدا بتعيين سماحة الشريف/ السيد محمود الشريف ..النقيب الحالي نقيبا للأشراف بجمهورية مصر العربية.

ويعتبر سماحة الشريف/ السيد محمود الشريف متعه الله بالصحة من أبرز النقباء الذين تولوا المنصب حيث إنه ينحدر من أسرة شريفة تتقلد مناصب العمادة والمناصب السياسية والمجالس النيابية منذ عقود مضت من تاريخ الحياة السياسية والنيابية فى مصر والتى برزت ممارساتها منذ عهد الخديوى إسماعيل فى النصف الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي.

وتعتبر أسرة الشريف التى ينتمى إليها سماحة/ السيد محمود الشريف عائلة سياسية يتبوأ أبناؤها العديد من المناصب القيادية فى القضاء والهيئات السيادية ومجلس النواب وأضيف مؤخرا منصب جديد لسماحة نقيب الأشراف حيث فاز بمنصب وكيل مجلس النواب فى مصر والذى يترأسه الدكتور على عبد العال أحد أبناء السادة الأشراف الجعافرة.

وتحفل نقابة الأشراف بالعديد من الأشراف ممن يتبوؤون مناصب رفيعة فى مختلف المجالات والأصعدة وسوف نتعرض لهم فى مقالات قادمة بإذن الله.