مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

الدكتور أحمد الشرقاوي يكتب عن مجالس القضاء ورسالته

21

مجالس القضاء

بقلم د. أحمد الشرقاوي

أستاذ بكلية الشريعة والقانون

نتناول في هذه المقالة هيبة القاضي، وما يتعلق بها من أمور تكتمل بها هذه الهيبة، ومن ذلك:

– (هيبته في كتمانه لأسرار قضائه): يلتزم القاضي في قضائه بعدم إفشاء سِرِّ المداولة القضائية، ومِن ثَمَّ فلا يجوزُ له بحالٍ الإعلانُ عن الحكم قبل النُّطق به، وقد تَقَرَّرَ في هذا الشأن أنه: يُجْري القاضي المحاكمةَ علنًا، ولكن لا يُفْشِي الوجهَ الذي سيحكمُ به قبلَ الحكم.

– (هيبته في خُصوصيَّة رَدِّه وتأديبه): أما عن خصوصية رَدِّهِ؛ فيجوز رَدُّ القاضي عن النظر في أي قضية تجمع بينه وبين أحد الخصوم عداوة، أو كانت هذه العداوة بين أقاربه وأحد الخصوم، وكذلك كل دعوى له أو لزوجه مماثلة للدعوى نفسها محل الخصومة التي ينظرها.

قد يهمك ايضاً:

مؤسسة “التجاري الدولي” تقدم 25.2 مليون جنيه مصري…

وأما عن خصوصية تأديبه: فمعلوم أنَّ القاضي ليس كغيره عند المحاسبة أو التأديب، وهذا لا يعني كونه محلًا للقداسة أو التحصين، وإنَّما المقصود أن تَجْري محاسبتُه وتأديبه على نحو مخصوص، يحفَظُ له الهيبةَ والوقار؛ إجلالًا لمنصب القضاء ورسالته.

لذا؛ لا يكون القاضي محلًا للمحاسبة أو التأديب إلا بعد أن يُشاورَ وليُّ الأمر أهلَ العلم في شأنه، وهذا ما عليه القضاء الآن في محاسبة القضاة وتأديبهم؛ حيث يُشَكِّلُ لذلك مجلسًا قضائيًّا خاصًّا على النَّحو المقرر فى ذلك قانونًا.

ويُوقِّع وليُّ الأمر الجزاءَ التأديبيَّ المناسبَ على القاضي متى ثبت خطؤه، فله أن يُوجِّه له اللَّوم، أو يعزله عن منصبه، وَفْقًا لما ينتهي إليه أهل العلم في شأنه.

– (هيبته في تخصيص قضائه): فإنه من دواعي كمال الهيبة للقاضي أن يتخصص قضاؤه، فيقضي في نوع معين من القضايا، أو زمن معين من الأزمنة، أو مكان معين من الأمكنة دون أن يتعدى ذلك.

وفي هذا ضمان لإنجاز القاضي في قضائه بإحسان في أداء رسالة القضاء التي هي أمانة تحملها أعناق القضاة، ومع تحقق الجودة في الأداء تتحصل الهيبة في القضاء؛ لأن العدالة تسير معها على وَفْق مسار الحسن والإتقان؛ لأن القاضي إذا شُغِل بالقليل المخصوص أنجزه على وجهه الأكمل، وإذا شُغل بالكثير في عمومه تشتَّت فكره، وضاقت عليه خواطره، فرَضِي لنفسه بأدنى درجات القبول والحسن.

لذا؛ كان تخصيص قضائه بالمكان أو الزمان أو الحادثة أو النِّصَاب المقدر من المال أحفظَ لعدالته، وأدومَ لهيبته. ويلتزم ولي الأمر بتقريب جهات التقاضي إلى طالبيها؛ لأنه القائم على أمرهم، وهو المسئول عنهم؛ ولأن الحاجة إلى ذلك داعية رفعًا للمشقة عن المتقاضين، واقتصادًا للكلفة والنفقة.

كما تبدو أهمية تخصيص القاضي في قضائه في معرفة وتبصير الخصوم بحدود ولاية القاضي واختصاصه، ومن ثم فيرفعون إليه أقضيتهم متى كانت تدخل في حدِّ ولايته المكانية أو الزمانية أو النوعية أو المالية، أو يدفعون بعدم اختصاص القاضي متى خرجت القضية عن ولايته المحددة له شرعًا وقانونًا.

اترك رد